الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الوقائع عمن شاهدوها، بل كانت سمعًا على سمع، وكذبًا على كذب، فكثيرًا ما يروي الراوي الحادثة والواقعة وبينه وبينها عشرات السنين. وهؤلاء الرواة مع كذبهم، وكونهم دعاةً إلى مذهبهم هم طرف في تلك الوقائع والحوادث؛ حيث يتبعون تلك الشلَّة أو الطائفة التي سَعَّرت نار الفتنة. فهم على شاكلتهم يعملون نفس العمل بالقلم واللسان الذي سعى به أسلافهم السبئية بالجسد والروح.
ثانيًا: اعتماد العابثين بأشراط الساعة على مرويات الرافضة، وغلاة الصوفية
كاعتماد بعضهم على كتاب "عنقاء مُغرِب" لابن عربي الصوفي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وابن عربي في كتاب "عنقاء مُغرِب" وغيره أخبر بمستقبلات كثيرة، عامتها كذب"(1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه، ونوَّر ضريحه-:"ومن أمثلة ذلك: أنك تجد عند الرافضة والمتشيعة ومن أخذ عنهم من دعوى علوم الأسرار والحقائق التي يدَّعون أخذها عن أهل البيت، إمَّا من العلوم الدينية، وإما من علم الحوادث الكائنة، ما هو عندهم من أجَلِّ الأمور التي يجب التواصي بكتمانها، والإيمان بما لا يعلم حقيقته من ذلك، وجميعها كذبٌ مختلق، وإفكٌ مفترى، فإن هذه الطائفة "الرافضة" من أكثر الطوائف كذبًا، وادّعاءً للعلم المكتوم، ولهذا انتسبت إليهم الباطنية والقرامطة.
وهؤلاء خرج أولهم في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وصاروا يدَّعون أنه خُصَّ بأسرار من العلوم والوصية، حتى
(1)"مجموع الفتاوى"، (4/ 81).
كان يسأله عن ذلك خواص أصحابه، فيخبرهم بانتفاء ذلك، ولما بلغه أن ذلك قد قيل؛ كان يخطب الناس، وينفي ذلك عن نفسه" (1) اهـ.
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "وأما ما يرويه أهل الكذب والجهل من اختصاص عليّ بعلم انفرد به عن الصحابة؛ فكله باطل
…
وكذلك ما يذكر أنه كان عنده علم باطن امتاز به عن أبي بكر وعمر وغيرهما، فهذا من مقالات الملاحدة الباطنية" (2).
وقد ادَّعى "محمد عيسى داود" أن عليّا رضي الله عنه تلقى العلوم الظاهرة والباطنة من النبي صلى الله عليه وسلم (3)، وكذا الأسرارَ الغيبيةَ المتعلقةَ بكل ما يحدث في العالم حتى يوم القيامة، ثم إن عليّا لغَّزَ (4) هذه العلوم بالرموز، والحروف المقطعة، والأشكال الخاصة، وادَّعى أن ذلك لا يطلع عليه إلَّا ورثة علم سيدنا علي من آل البيت الشريف (5).
(1)"نفسه"(4/ 77).
(2)
"نفسه"(4/ 412، 413)، وانظره (35/ 186).
(3)
وهذا أحد مظاهر التزاوج بين الشيعة، والصوفية، انظر:"قطر الولي"، ص (80، 81).
(4)
وتساءل: "هل يمكن أن تكون هذه القوانين مصاغة (!) في صورة كلمات، وجمل، هي رموز، و"شفرات"؟ وسمَّى هذا الفعل الْمُفتَرى على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه "التلغيز الكريم" و "التشفير العظيم"، وزعم أنه كان بتوجيه المصطفى -صلى الله
عليه وسلم-، انظر كتابه "المفاجأة"، ص (61).
(5)
"المفاجأة"، ص (58، 59)، وقد نشر بداخل الكتاب دائرة فيها رموز، وطلاسم، ورسوم غريبة، أشبه ما تكون بما يرسمه الدجالون، وصناع الأحجبة!
وزعم أيضًا أن أهل البيت توارثوا كتاب "الجامعة"، وادَّعى أنه إملاءٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخط علي رضي الله عنه (1).
وادَّعى أيضًا حجية "الجفر" المزعوم (2)، وذكر استدلالات منه على إعادة بناء الهيكل اليهودي (3).
وقال في شأن "الجفر": (وفي الجفر الكبير "الأحمر" علوم صريحة واضحة الأحداث والمعالم، و"الجفر الصغير" مجموعات علوم، وتنبؤات ملغزة بقواعد علم الحرف، تلك العلوم الشديدة الخصوصية، والتي لا يعرفها إلَّا ندرة من أهل العلم (4). اهـ.
فيا أسفا على مصنفين من أهل السنة، يُخدعون بمثل هذا الإنسان، ويرتضونه لهم قائدًا:
أَعمَى يَقُودُ بَصيرًا لَا أَبَا لَكُمُ
…
قدْ ضَلَّ مَنْ كانَتِ الْعُميَانُ تَهْدِيه
(1)"نفسه" ص (56).
(2)
"نفسه"، ص (57) وراجع:"المهدي" هامش (4)، ص (389، 390)، وانظر فيما يأتي ص (209 - 212)، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-:"وأما الكذب والأسرار التي يدَّعونها عن جعفر الصادق فمن أكبر الأشياء كذبًا، حتى يقال: ما كُذِب على أحدٍ ما كُذبَ علي جعفر رضي الله عنه".
"ومن هذه الأمور المضافة: كتاب "الجفر" الذي يدعون أنه كتب فيه الحوادث" اهـ.
من "مجموع الفتاوى"(4/ 77، 78)، وانظره أيضًا:(35/ 183 - 184).
(3)
"نفسه" ص (316) وما بعدها.
(4)
"المفاجأة" ص (61) وقد أفرد "السندباد المصري" الجفر بمصنف أسماه "أسرار الهاء في الجفر" في ست وثلاثين وخمسمائة صفحة، أتي فيه بطامَّات تستوجب تعزيره، والحجر عليه استصلاحًا للديانة، وحماية للمسلمين من دجله.