الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطلقها على مقيدها، ليحصل العمل بجميع ما في مضمونها، وبالله التوفيق" (1).
ومن ال
أمثلة التطبيقية لهذا الضابط:
ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ:«هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» (2).
فقد رأينا من لم يُحكم هذه القاعدة يفسر الحديث بأن نجدًا هنا هي نجد اليمامة، ثم يفسر طلوع "قرن الشيطان" بدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب التوحيدية التجديدية، ويصف أتباعه بالقرنيين، ولو خلُصت منهم النية، واحترموا القواعد العلمية، لعلموا أن "النجد" ليس اسمًا لبلد خاص، ولا لبلدة بعينها، بل يُقال لكل قطعة من الأرض مرتفعة عما حواليها: نجد، ونجود العرب عديدة.
قال الكرماني -رحمه الله تعالى-: "ومن كان بالمدينة الطيبة -صلى الله على ساكنها- كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهلها"(3).
(1)"فتح الباري"(11/ 270).
(2)
البخاري (13/ 49 - فتح)، والترمذي (5/ 733)، رقم (3953).
(3)
"صحيح البخاري بشرح الكرماني"(168/ 24).
وإليه ذهب الخطابي، وابن حجر، والقسطلاني، والعيني، والمباركفوري، وقد ادعى البعض أن نجد اليمامة هي المقصودة بالحديث، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لنجد اليمامة - وهي من اليمن؛ لأنها واقعة بينها وبين مكة- بالبركة حين قال:"اللهم بارك لنا في يَمننا"، وقال صلى الله عليه وسلم:"الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ"(1).
وفي بعض الروايات تفسير (نجدنا) بالعراق: حيث قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَفِي عِرَاقِنَا قَالَ: «إِنَّ بِهَا الزَّلَازِلَ، وَالْفِتَنَ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» (2). وفي حديث سالم عن ابن عمر مرفوعا بلفظ: فقال رجل: يا رسولَ اللهِ وفي عِراقِنا، فأَعرضَ عنه، فردَّدها ثلاثاً، كلُّ ذلكَ يقولُ الرجلُ: وفي عِراقِنا، فيُعرضُ عنه، فقالَ:«بِها الزلازلُ والفِتنُ، وفيها يطلعُ قرنُ الشيطانِ» (3).
وعن سالم بن عبد الله بن عمر قال: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ، وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِيءُ مِنْ هَاهُنَا» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ «مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ» (4).
(1) رواه البخاري (4/ 217)، (5/ 219)، ومسلم رقم (52)، والترمذي رقم (2244).
(2)
أخرجه الطبراني في "الكبير"(12/ 384) رقم (13422)، وانظر:"فتح الباري"(13/ 47).
(3)
أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ"(2/ 746، 747)، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 133)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(1/ 130، 131).
(4)
رواه مسلم (2905).
أضف إلى هذا كله أدلة الواقع التاريخي؛ حيث هبَّت من العراق رياح فتن كثيرة:
- منها: الجماعة الذين تألَّبوا على قتل ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد استتبع ذلك حرب الجمل وصفين.
- ومنها: قتل الحسين رضي الله عنه شهيدًا بكربلاء بعد أن خذله الشيعة، وتخلوا عنه.
- ومنها: تحزُّب الخوارج، والحرورية.
- ومنها: ظهور القدرية، والجهمية، والمعتزلة.
- ومنها: فتنة ابن الأشعث، وثورة الزنج.
- ومنها: فتنة المختار الذي ادعى النبوة.
- ومنها: ما جرى في ولاية الحجاج من القتال وسفك الدماء.
- ومنها: خروج التشيع والإرجاء من الكوفة، وخروج القدر، والاعتزال، والنسك الفاسد، وحركة القرامطة من البصرة.
- ومنها: غزو التتار للمسلمين في القرن السابع بقيادة هولاكو. أما الفتن التي تخرج في المستقبل -ان شاء الله تعالى-:
- فمنها: المقتلة التي تقع عندما يُحسر الفرات عن جبل من ذهب.
- ومنها: خروج الدجال ويأجوج ومأجوج.