الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خرافة الأطباق الطائرة
ثم انتقل بعقليته "السندبادية" الطوَّافة إلى الحديث عن "الأطباق الطائرة" قائلًا: "وأقسم لكم بالله غير حانث أنهم من هذه الأرض، ومن أبنائها، ولكنهم رجال المسيخ الدجَّال، وتلك الأطباق من اختراعه الذي سبق به زماننا بقرون"(1). اهـ.
أقول لهذا الظالم لنفسه: "حنثت يمينك يا سندبادُ فَكَفِّرِ! ".
إن ما سُمِّي بظاهرة الأطباق الطائرة، وشغل الناس رَدَحًا من الزمان؛ قد بان لنا الآن أنه لا يخرج عن كونه "سرابًا" أو "تكلفًا" أو "دجلًا سياسيًّا
".
أما كونه "سرابًا":
فما حكاه بعض الطيارين من أنهم رأوا تلك الأطباق الطائرة؛ لا يعدو أن يكون سرابًا خادعًا يظهر نتيجة لما يسمى "الانعكاس الحراري" Temperature Inversion حيث تؤثر حرارة الشمس في الكتل الهوائية الساكنة، فتجعل منها طبقات فوق طبقات، لكل منها حرارتها وكثافتها، فيحدث انكسار ضوئي أو انعكاس ضوئي خلال تلك الطبقات بصورة أشياء في الهواء أو على الأرض (2).
ولما أطلقت روسيا سِرًّا صاروخ "سويوز" حاملًا قمر التجسس "كوزموس 955" من قاعدة سرية، ساعدت الأحوال الجوية السائدة في
(1)"احذروا " ص (59).
(2)
"الأطباق الطائرة ومثلث برمودا بين الحقيقة والخرافة" ص (15، 16).
فجر 20 سبتمبر 1977 م على تشكيل صورة جسم غريب من عوادم الاحتراق الناشئة من النفاثات الخمس الضخمة للصاروخ، فبقيت معلقة ومنتشرة على هيئة قنديل البحر الهلامي الضخم، فحسبه الناس طبقًا طائرًا، وأطلقوا لخيالهم العِنان في تفسير ما رأوه (1).
وأما كونه "تكلفًا وتلفيقًا":
ففي عام 1968 م شهد ثلاثون أمريكيًّا في جنوب "دنفر" بأنهم رصدوا طبقًا طائرًا، وبعدما أثار هذا ضجَّة أوضحت "مسز ديتريش" أن هذا الشيء هو من صنع وَلَديْها "توم"(14 سنة)، و "جاك"(16 سنة) اللذين أحضرا كيسًا كبيرًا من البلاستيك الرقيق الشفاف، وعددًا قليلًا من الشموع الصغيرة، ووضعاها داخل الكيس بطريقة خاصة، فارتفع إلى أعلى بفعل الحرارة المنبعثة من الشموع.
وهذا صبي يعلق جسمًا مستديرًا على أغصان شجرة، ثم يلتقط لها صورًا ويذيعها على أنه رأى هذا "الطبق" يطير متنقلًا بين الأشجار، بسرعة 20 ميلًا في الساعة.
وهذا آخر يعلق عَصَّارة ليمون، وآخر يلتقط صورة لمصباح نيون مستدير، وآخر يلصق رأس ماكينة كهربائية على زجاج نافذة ثم يصورها، وينشر صورها على أنها "طبق طائر"(2).
(1) انظر: "نفسه" ص (25).
(2)
انظر: "نفس المصدر" ص (32 - 39).
وأما كونه "دجلًا" سياسيّا:
فلأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) اعترفت بعد انتهاء ما سُمِّي بالحرب الباردة أنها كانت وراء إشغال الناس بهذا الموضوع (1) لتحقيق مآرب سياسية.
والذي يلفت النظر أن الموضوع الآن خمد، وهمد، ولا يكاد يذكره أحد، فهل انقرض أهل الفضاء الخارجي الذين كانوا - في زعمهم- يأتون لغزو الأرض واستكشافها، أم أنه حقًّا الدجل السياسي؟! أما "هشام كمال" صاحب كتاب "اقترب خروج المسيخ الدجال" فيدلي بدلوه في هذا الحديث تحت عنوان:"الأطباق الطائرة هي السلاح الجوي للمسيح الدجال".
ثم يذهب إلى أن "الحمار الذي سيمتطيه الدجال ما هو إلا طبق طائر
صنعته له الشياطين" (2).
ولم يكتفِ بهذا حتى قال في موضع آخر: "تفاصيل ما كشفت عنه الشياطين في جلسات تحضير الأرواح عن مجيء المسيح الدجال على طبق طائر"(3)، فهل صارت جلسات "تحضير الأرواح" وما تلقيه فيها الشياطين بزعمكم مصدرًا معتمدًا لديكم للإطلاع على الغيب؟!
(1) ولقد كُتب حتى سنة (1978م) أكثر من مائة ألف تقرير عما أسموه "الأطباق الطائرة" UFO، وروَّجت المطابع والصحافة لها، كعادتها في مثل هذه الغرائب.
(2)
"اقترب خروج المسيخ الدجال" ص (156) و"الحرب العالمية القادمة في الشرق الأوسط" ص (127).
(3)
"نفسه" ص (159).
عودٌ إلى السندباد المصري
لقد أقسم "السندباد" بالله غير حانث على ما زعم بشأن علاقة المسيح الدجال بخرافة "الأطباق الطائرة"، وهو يفتخر بأنه رائد الفكرة التي أحدثها، حتى لتقول مؤسسة سويسرية مزعومة:
(إننا نتحدى العالم كله في قضية أن أول إنسان على وجه الأرض يكشف هذا السر الكبير عن الأطباق الطائرة، وعن مثلث برمودة، وملكية المسيخ الدجال لهما (1)، هو مفكرنا المصري الكبير "أ/ محمد عيسى داود") (2).
وتأمل حجم البلية وأنت تقرأ قواله:
"وسبحان الله .. بعدما نُشر كتابي "احذروا المسيخ الدجال"، وتحدثت فيه عن علاقته بالأطباق الطائرة؛ قال لي أمير عربي كبير صديق: لا يُنكر ما أتيت به إلا شخصان: إما "جاهل جدًّا" وإما "عميل جدًّا" يعلم جيِّدًا الحقيقة التي أتيت بها، لكن رأسه غالية عليه!! "(3).
وبعد تأليفه تلك القصص الطريفة من "الخيال العلمي" يتهدد من يكذِّبه قائلًا: "ومن لم يصدقني فسيكون حاله ومآله كشعب "زرقاء اليمامة"، حينما أبصرت ما لا يبصرون، فأنذرت وحذَّرت، وكُذِّبت، فكان ما كان مما يمكن أن يتكرر مع مطلع شمس يوم قادم، نسأل الله منه السلامة"(4).
(1) انظر (61) وما بعدها.
(2)
"ما قبل الدمار" ص (40).
(3)
"الخيوط الخفية" ص (159).
(4)
"احذروا" ص (98).
ويدَّعي أن أَغلب أتباع الدَّجَّال يعيشون في أمريكا، "وله قصر رهيب مهيب لا أدري موضعه بالتحديد، ولكنني بالحدس الإسلامي أقول: إنه في فلوريدا".
ثم يعيِّن ممثلين من "هولي وود" يرى أنهم من رجال المسيح الدجال: "ولي حدسي في أن "برت لانكستر"، و"كلينت إيستوود" من رجاله"، ثم يشير إلى أن الأخير رشَّحَ نفسه لمنصب الرئاسة، ثم تراجع، ويتساءل:"تُرى ممن صدرت الأوامر؟ "(1).
ثم يقول: "كذلك السيد (!) الماسوني "آلان ديلون" فكَّر في رئاسة فرنسا، لكن دوره كممثل أكثر إفادة وتأثيرا، فكان التراجع، تُرى ممن تصدر الأوامر بالتراجع؟ "(2).
ويذهب إلى أن "جورج بوش" الأب أحد عملاء الدجال يتلقى منه التعليمات (3).
(1)"نفسه" ص (117).
(2)
"السابق" ص (117).
(3)
"ما قبل الدمار" ص (241).
خيوط المؤامرة
يحرص "السندباد المصري" على إضفاء نوع من الغموض على "قصصه" الخيالية، فهو يدعي أنه تتبع خيوط المؤامرة من خلال رحلاته المكوكية في أقطار الأرض:
1 -
فيدعي أنه التقى في السويد بنبيل من الأسرة الحاكمة للمملكة السويدية، وأنه اعترف له فيه صراحة بأن الذي قتل الأمير "شيريب" هو "الملك المنتظر لليهود"، ثم أضاف: "فقط كل المطلوب مني أمام هذا الاعتراف الصريح والثمين جدا أن يكون هذا هو اللقاء الأخير معه شخصيًّا في السويد، وألا يذكر اسمه في كتاب ولا حتى في حديث لي، أما لقاؤنا فيما بعد ففي أماكن أخرى!! (1).
2 -
ومن السويد أمسكت بخيط غير هذا الخيط، وفي ألمانيا تواصلت الخيوط، وفي فرنسا تأكدت الخيوط، وكلها مشدودة في النهاية إلى القلعة الرهيبة التي يقترب رأسها أو يشير -بالمعنى الأدق- إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لتؤكد الإشارة أن "المخ""والعقل المدبر" من ها هنا!! (2).
3 -
.. وصارحتني أسرة ألمانية أن دورًا معينة حكومية، وغير حكومية، وسراديب ودفائن في "السويد"، و"ألمانيا"، و"الأمريكتين"، و"مصر"، و"اليمن"، و"فلسطين"، و"المغرب"، و"الفاتيكان" تشير صراحة إلى كل ما يحدث في هذه الأيام، وما سيحدث بعدها، ومن بين
(1)"الخيوط الخفية" ص (13).
(2)
"نفسه" ص (16).
ثنايا بعض الوثائق التي اطلع عليها رب هذه الأسرة، قال لي: إنكم أيها المسلمون مناط (!) بأعناقكم مسئولية كبرى وهي إنقاذ العالم من أكبر دجال عالمي (1)
…
".
وَيفترض أن بعض الناس ادَّعوا أن الذي أمده بهذه المعلومات عن الدجال هو ذلك الجني الذي قابله وأجرى معه حوارًا، وسجَّله في كتابه "حوار مع الجني المسلم مصطفى كنجور"، غير أنه يرفض بشدة هذا الادعاء، ويقول:"إن حادث الحوار كان عرضًا، وعندما أخبرت الجني ببعض ما وصلت إليه عن الدجال، فزع وتظاهر بالنوم، ثم طلب تغيير الموضوع؛ وغيرته لأنني كنت قد بدأت أمسك بأغلب الخيوط في قضية الدجال، ولا حاجة لي أن أسأل جنيًّا ولا إنسيًّا"(2).
…
أما "فهد سالم" فيجزم بأن الدجَّال يزعم أنه مسلم، وأنه يُعطَى الرئاسة في إيران قبل ظهور المهدي، بل يُلَمِّح ثم يصرح بأنه "محمد خاتمي"، ويسميه:"آية الله جورباتشوف"(3)، ثم يحدد بدقة موعد خروج المسيح الدجال فيقول:"في 15 شعبان، 1420، الموافق 23 نوفمبر 1999 يخرج المسيح الدجال بفتنته الكبرى؛ حيث يدعي الألوهية، ويظهر المعجزات لفتنة الناس"(4).
(1)"نفسه" ص (19).
(2)
"ما قبل الدمار" ص (39).
(3)
"أسرار الساعة" ص (39).
(4)
"نفسه" ص (146).
وهذا مؤلف "العالم ينتظر ثلاثًا"، يرتضي الغرابَ له دليلًا، فيقول:"وأنقل بعض كلام العلماء الذي ورد في هذا الموضوع مع أدلة موضوعية تثبت هذا الحديث، أن المسيح الدجال موجود بيننا الآن، وأنه موجود ماديًّا في مثلث برمودا، أو مثلث الرعب والشيطان كما يقول الغرب"، ثم يسرد أدلته على دعواه؛ وهي:
- أنه لا تستطيع غواصة أن تسير في هذا المكان، ولا طائرة.
- وجود صورة المسيح الدجَّال على ظهر فئة الواحد دولار.
- وجود الجن في بيوت المسلمين وإيذاؤهم.
وهذه أدلة مادية تثبت اتحاد المسيح الدجَّال مع الشيطان وجنوده لإيذاء المسلمين، ثم يضيف إلى أدلته:
- ما يحدث من مذابحَ للمسلمين في دول أوربية في البوسنة وغيرها، وكذلك معظم (!) الدول العربية (1) اهـ.
(1)"العالم ينتظر ثلاثًا" ص (69، 70).