الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحتج السيوطي -رحمه الله تعالى- بآثار فيها تحديد عمر الدنيا، وأغلبها إسرائيليات، وقال -رحمه الله تعالى-:"الذي دَلَّت عليه الآثار أن مدة هذه الأمة تزيد على ألف سنة، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة".
تَعليقُ الْعُلَمَاءِ عَلَى كَلامِ السُّيُوطِيِّ رحمه الله
قال الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني الأمير -رحمه الله تعالى-: "إذا أحطت علمًا بجميع ما سقناه؛ علمت بأن القول بتعيين مدة الدنيا من أولها إلى آخرها بأنه سبعة آلاف سنة لم يثبت فيه نصٌّ يُعْتَمَدُ عليه؛ وغاية ما فيه آثار عن السلف، وإن كانت لا تقال إلا عن توقيف؛ فلعلها مأخوذة عن أهل الكتاب، وفي أسانيدها مقال، وقد عُلم تغييرهم لما لديهم عن الله تعالى، وعن رسله عليهم السلام"(1) اهـ.
وممن تعقب السيوطي -رحمه الله تعالى- الشيخ مرعي الكرمي في "بهجة الناظرين" قائلًا: "وهذا مردود؛ لأنَّ كل من يتكلَّم بشيء من ذلك؛ فهو ظنّ، وحسبانٌ، لا يقوم عليه برهان"(2).
وقد بين الصنعاني -رحمه الله تعالى- أن السيوطي أقام رسالته "الكشف" على آثار بواطيل، وجمع ما تضمنته من تواريخ، وحسابات؛ فبلغت معه مائتي سنة وثلاثًا وستين سنة، ثم قال الصنعاني: "ونحن الآن في القرن الثاني عشر، ويضاف إليه مائتان وثلاث وستون سنة؛ فيكون الجميع
(1)"رسالة شريفة" ص (50).
(2)
نقله عنه في "السابق" ص (189).
أربعة عشرة مائة وثلاثة وستين"، ثم قال متعقبًا السيوطي: "وعلى قوله: إنه لا يبلغ خمسمائة سنة بعد الألف، يكون منتهى بقاء الأمة بعد الألف أربعمائة سنة وثلاثًا وستين سنةً، ويتخرَّج منه أن خروج الدَّجَّال -أعاذنا اللهُ من فتنته- قبل انخرامِ هذه المائة التي نحن فيها؛ وهي المائة الثانية عشرة من الهجرة النبوية" (1).
وعًقَّبَ عَلَى قَوْلِ الصَّنْعَانِي هَذَا القَنَّوجي؛ فَقَالَ:
"وقد مضى إلى الآن على الألف نحوٌ من ثلاثمائة سنة، ولم يظهر المهدي! ولم ينزل عيسى! ولم يخرج الدَّجَّال!! فدلَّ على أن هذا الحساب ليس بصحيح"(2).
وممن انتقد رسالة السيوطي -رحمه الله تعالى- الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله تعالى-؛ إذ قال في "المنار": "فكأن رسالته كلها مستنبطة من الخبرين الموضوعين، أي: المكذوبَيْن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتأمل -هداك الله تعالى- ما يفعل الغرور بظاهر الروايات حتى في أنفس المشتغلين بالحديث؛ كالسيوطي الذي عُدَّ من الحفاظ، وأنكر ذلك زميله السخاوي، وكلاهما من تلاميذ الحافظ ابن حجر"(3).
وكان قد انتقد الآثار التي أوردها السيوطي، والتي فيها أن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة، فقال: "وقد اغتر بها من لا ينظرون في نقد الروايات إلا من جهة أسانيدها؛ حتى استنبط بعضهم منها ما بقي من عمر الدنيا،
(1)"رسالة شريفة" ص (45)، وتاريخ كتابتها سنة (1167 هـ) كما صرح بذلك الصنعاني نفسه ص (40).
(2)
"الإذاعة" ص (184).
(3)
"تفسير المنار"(398/ 9).