الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32]، وننسى هَدْيَ مَن هديُه خير الهدى صلى الله عليه وسلم الذي عَادَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ - أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ - أَفَلَا قُلْتَ: اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ. (1).
الْعُجْبُ وَالاغتِرَارُ بالظُّنُونِ
ومع عبث هؤلاء القوم بأِشراط الساعة، وقولهم على الله بغير علم، نجدهم موقنين بهذه الأفكار، جازمين بها، حتى يقولَ أحدهم:"أستطيع أن أحلف -ولا أستثني- أن ملاحم آخر الزمان؛ والتي تبدأ بالحرب العالمية الثالثة والأخيرة "هرمجدون" -قد كشرت عن أنيابها، وشَمَّرت ساعديها، وكَشَفَتْ عن ساقيها"(2)، ويشكو من أنه لم يسلم من
(1) رواه مسلم رقم (2688)(4/ 2068).
(2)
"هرمجدون" ص (7)، وانظره: ص (119)؛ حيث قال: "أحلف، ولا أسيثني أن أولى جولاتها بدأت بالفعل"، وقد دافع عن هذا "القَسَم" مستدلا بقَسَم بعض الصحابة على أن ابن صياد هو الدجال، فانظر: الرد عليه في "فتح الباري"(13/ 325 - 327)، و"كشف المكنون في الرد على كتاب هرمجدون" ص (107) وما بعدها.
"شَغْبِ الصبية (1) "، أي: معارضيه؛ فهم يستقصرون أفهام مخالفيهم، ويسخرون ممن لا يتقبل خرافاتِهِمْ، ويَشُكُّ فيها.
فهذا صاحب "أسرار الساعة" يصف المنكرين عليه بالمرجفين، والمتشككين، ويقول:"لقد كان الواقع المعاصر والمعاش شاهدَ إثباتٍ على صحة كل ما ورد في هذا الكتاب من روايات وأحاديث (2)؛ ولهذا تمكنتُ بتوفيق الله من إزاحة الستار عن أكثر الأسرار خطورةً؛ إنها أسرار النهاية وقيام الساعة؛ لقد تفككت أمامي -وبكل سهولة- أكثر الرموز المستعصية في روايات الفتن والملاحم وأشراط الساعة، لقد رأيت أمامي خيوط المؤامرة، وكشفتُ أبعادها السرية والعلنية؛ ولهذا سيجدُ القارئ في هذا الكتاب تحديدَ الزمان والمكان للملاحم، ويجد أسماء بعض قادة الفتن في آخر الزمان وزعماء آخرين، والجميع قادة سياسيون معاصرون، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وصفهم لنا (3) "
…
! لخ.
ثم يُطْرِي كتابه قائلًا:
"ولا أريد أن أُطِيلَ، فهذا الكتاب بين أيديكم، وقد كفيتكم الرد عليه بأفصح لغة علمية، وهي لغة الأرقام، وبأقوى وأصدق المواعيد وهي التاريخ، وليس على المرجفين أو المتشككين إلا الانتظار لعدة شهور
(1)"هرمجدون" ص (47).
(2)
مع أنها أحاديث، وروايات ضعيفة، أو موضوعة، أو لا أصل لها، أو إسرائيليات، أو شيعيات، أو كهانة، وتنجيم، واعتماد على حساب الحروف.
(3)
"أسرار الساعة" ص (15).
فقط (1)، وتظهر الحقيقة أمام الجميع، إما مع الكتاب أو ضده، فعليهم الصمت والترقب حتى لا يحرموا غيرهم من فائدة مرجوة قبل ظهور آية الدخان، أو يظهر الدَّجال في شخصيته المزعومة
…
" (2) اهـ.
ويحاول أحدهم أن يروج لأفكاره بالإشارة إلى "قرينة" وصفها بأنها "معتبرة عنده"، وهي أن رجلًا لا يعرفه أخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤيا يبتسم له، ويعطيه كتاب "عمر أمة الإسلام "(3)، وذلك قبل صدور الكتاب بتسعين يومًا (4).
ومن نماذج الاغترار بالظنون والخيالات، ما حكاه الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان -حفظه الله- فقال:"في بلادنا واحد من هؤلاء، لا هَمَّ له في الآونة الأخيرة إلا تهيئة المُناخ لخروج (المهدي)، ويُقسِم في خُطَبه أيمانًا مغلَّظة أن خروجه سيكون قبل عشر سنوات، ثم نقصت المدة، وبدَّل اليمين بطلاق زوجته، ثم غيَّره إلى حلق شاربه، ولله في خلقه شئون" اهـ (5).
(1) وقد انتظرنا أضعاف المدة التي استمهلنا إياها، وانكشف زيف أقواله، ولم يحدث من تنبؤاته شيء!
(2)
"نفسه" ص (16).
(3)
راجع: فصل "سلطان المنامات"، في كتابي "المهدي" ص (193 - 231)؟ لتقف على مدى حجية هذه القرينة، وانظر:"فتح الباري"(12/ 404).
(4)
"هرمجدون"، ص (56).
(5)
"العراق في أحاديث وآثار الفتن" هامش (1/ 763).