الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكونه المهدي المعلوم، وإنما يتبين خلقُ اللهِ بعد موته (1) أنه هو المقيم للخلافة على منهاج النبوة المبشر به، فليس لأحد غير النبي إعلان بدء عمله، ولا أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم يعلم علم اليقين أيَّ وظيفة عهدها إليه الله في هذه الدنيا
…
والذي أتصوره من نوعية عمل الإمام يختلف كل الاختلاف عما يتصوره الناس؛ وذلك أني لا أرى في عمله مجالًا للكرامات والخوارق والكشف والإلهام وأعمال الرياضة الروحية ومجاهدة النفس، وأعتقد أن المهدي لن تكون له مندوحة عن أن يجتاز مراحل الجهد والكفاح والسعي الشديد، ما يضطر إلى اجتيازه كل زعيم انقلابي (2). والمهدي سيسير على أساس الإسلام الخالص، ويقلب عقلية الناس، ويبعث حركة قوة تكون ثقافية وسياسية، وستهب في وجهه الجاهلية بجميع قواها تعارض دعوته، وتقاوم حركته، ولكنه سيوفق آخر الأمر للقضاء على سلطتها، ويشيد دولة إسلامية موطدة الدعائم، تجري في هيكلها روح الإسلام الخالصة، ويبلغ رقيها في العلوم التجريبية والطبيعية ذروة الكمال". اهـ (3)
ثالثًا: الشيخ عبد الفتاح أبو غدة -رحمه الله تعالى
-:
تعرض في تعليقه على كتاب "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" للرد على القاعدين المتخاذلين عن نصرة الإسلام بحجة انتظار المهدي ونزول المسيح عليه السلام، فقال:
(1) هذا صحيح، لولا أن الأحاديث الصحيحة دلت على أن المهدي ينزل في عهده المسيحُ عليه السلام من السماء، ويصلي خلفه عند نزوله. وانظر:"المهدي" للمؤلف ص (574. 575).
(2)
أي: كل زعيم يصبو إلى تغيير أوضاع الأمة إلى الأفضل.
(3)
"تجديد الدين واحياؤه" ص (37 - 40).
"ولو كانت هذه الفكرة صحيحة سليمة ثابتة لما كان الجهد والجهاد من السلف في دفع كل زيغ وانحراف من أي مبطل كان: أجنبيًّا أو عربيًّا، مسلمًا في الصورة أو كافرًا؛ لأننا إذا مشينا في ظل هذا الفكر الزائغ لزمنا أن نستسلم لكل ما يواجهنا من صعوبات وتحديات في مختلف الشئون والمستويات! وهذا أمر لا يقول به عاقل فضلًا عن أن يكون الشرع الإسلامي أراده منا، وحاشا شرع الله من أن يضاف إليه ذلك.
فلماذا يسعى هؤلاء الجاهلون المصابون بهذه الفكرة المريضة في تنمية أموالهم وأحوالهم وتحسين عيشهم ومسكنهم وما إلى ذلك من أمور الدنيا ومرافق الحياة؟ فإذا جاءوا إلى أمور الدين والجهاد لبستهم هذه الفكرة الشيطانية، فضلوا، وتخاذلوا عن نصرة دينهم، فأين عقلهم وفهمهم من صريح قول النبي صلى الله عليه وسلم:"الجهاد ماض إلى يوم القيامة"(1)، وأمثاله من الأحاديث الصحيحة الكثيرة، وقد علم العالمون البصراء أن سنة الله في عباده: الجهد والجهاد والأخذ بالأسباب، كما هو بديهي عند كل مسلم فاقهٍ لدينه وإسلامه.
(1) قطعة من حديث رواه أنس رضي الله عنه ولفظها: "والجهاد ماضٍ منذ بعثني الله الى أن يقاتل آخرُ أمتي الدجالَ، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل "رواه أبو داود رقم (2532)، وفيه يزيد بن أبي نشبة، قال المنذري في "مختصره":"في معنى المجهول". اهـ.
وقال الألباني في "تحقيق المشكاة": "إسناده ضعيف، فيه مجهول، وإن كان معناه صحيحًا". اهـ (1/ 25)، وانظر:"نصب الراية"(3/ 377)، "مجمع الزوائد"(1/ 106).