المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌موقف البشر من الديانات ومدى تمسكهم بها - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌لائحة الأعداد

- ‌من كلمات جلالة الملك فيصل رحمه الله

- ‌من كلمات سمو ولي العهد. . الأمير فهد بن عبد العزيز حفظه الله:

- ‌سلاح العصر يحمل لواء الدعوة

- ‌المجلة بين الكتاب والصحيفة اليومية

- ‌دعاة أمناء لرسالة عظمى

- ‌القدس. . والفيصل. . والإسلام

- ‌تقديم

- ‌الدين والتدين

- ‌مفهوم الدين

- ‌ البحوث

- ‌مفهوم التدين

- ‌موقف البشر من الديانات ومدى تمسكهم بها

- ‌مستحيل أن تزول الديانات وتتلاشى ظاهرة التدين أمام تيار المادية

- ‌أثر الدين في حياة الفرد والمجتمع

- ‌الخلاصة

- ‌وجوب تحكيم الشريعة الإسلاميةفي شئون الحياة

- ‌أولا: المبادئ والأسس التي تقتضي التحاكم إلى شرع الله

- ‌التسخير الكوني والتسخير الشرعي:

- ‌تحكيم شريعة الله من أركان الإيمان

- ‌ثانيا: النصوص القرآنية الدالة على تحكيم الشريعة الإسلامية

- ‌الكفر العملي والكفر الاعتقادي

- ‌ثالثا: بواعث الخروج عن تحكيم الشريعة الإسلامية

- ‌ باعث النفاق:

- ‌رابعا: آثار الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌اللغة العربيةلسان وكيان

- ‌ مقدمة

- ‌حقيقة التلازم بين الإسلام والعربية

- ‌تآمر الأعداء على اللغة العربية

- ‌لغة عربية جديدة

- ‌مقارنة بين أسلوب الحديث النبويوأسلوب القرآن الكريم

- ‌اختلاف الأسلوب ينم عن اختلاف الذاتية

- ‌كعب بن مالكشاعر السيف والقلم

- ‌ظهور الإسلام وانتشاره في المدينة

- ‌أول لقاء الشاعر برسول الله

- ‌الغزوات التي شهدها كعب

- ‌ما نزل فيه من القرآن

- ‌روايته الحديث

- ‌مواقفه من الفتنة الكبرى

- ‌كعب بن مالك أحد شعراء الرسول

- ‌موضوعات شعره في الإسلام

- ‌الفخر والرد

- ‌شعر الوعيد والتهديد

- ‌الهجاء

- ‌إبراز صفات المسلمين في المعارك وإعدادهم لها

- ‌شعر الغزوات

- ‌إجلاء بني النضير

- ‌بدر الآخرة

- ‌غزوة الخندق أو الأحزاب

- ‌المراثي

- ‌نظرة في شعر كعب

- ‌مسلمة بن عبد الملكمجاهد على الدوام

- ‌رواية الحديث عن الخليفة الخامس

- ‌على فراش الموت بين مسلمة وعمر بن عبد العزيز

- ‌حركة الإصلاح الدينيفي القرن الثاني عشر

- ‌ميلاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌النظريات التي قامت عليها الدعوة

- ‌النظرية الأولى

- ‌النظرية الثانية

- ‌النظرية الثالثة:

- ‌آراء بعض المستشرقين في حركته الإصلاحية

- ‌كتابات عن الحركة لقادة الفكر في الشرق

- ‌مراجع عن الحركة

- ‌كتب صنفها الشيخ رحمه الله وأبناؤه وأحفاده

- ‌المفتي في الشريعة الإسلامية

- ‌تعريف المفتي

- ‌منزلة المفتي

- ‌شروط المفتي

- ‌أمور ينبغي للمفتي أن يتفطن لها

- ‌خاتمة

- ‌حكمالسعي فوق سقف المسعى

- ‌الخلاصة

- ‌حكمالأوراق النقدية

- ‌نشأة النقود وتطورها

- ‌قاعدة النقد الورقي

- ‌سر القابلية العامة لاعتبار النقد واسطة تعامل

- ‌آراء فقهية في حقيقة الأوراق النقدية

- ‌الأوراق النقدية أسناد

- ‌ الأوراق النقدية عرض من العروض

- ‌الأوراق النقدية فلوس

- ‌الأوراق النقدية نقد قائم بنفسه

- ‌علة الربا في النقدين

- ‌الخلاصة

- ‌حكمتمثيل الصحابة

- ‌قرار رابطة العالم الإسلامي

- ‌فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا

- ‌اشتغال المرأة المسلمة بالتمثيل

- ‌ تمثيل قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌قرار لجنة الفتوى بالأزهر

- ‌مفاسد تمثيل الأنبياء

- ‌ حكم تمثيل الشخصيات الإسلامية

- ‌قصص الأنبياء في السينما

- ‌أفلام دينية يروج لها أعداء الإسلام

- ‌قرارات هيئة كبار العلماء

- ‌تراجم الفقهاء

- ‌القيمة العلمية للتراجم

- ‌معالم مناهج الفقهاء

- ‌مصنفات الشافعية

- ‌مصنفات الحنابلة

- ‌مصنفات المالكية

- ‌مصنفات الحنفية

- ‌ أساتذة أبي داود

- ‌الباب الثاني:سنن أبي داود

- ‌ أول من صنف السنن

- ‌ثناء العلماء على السنن

- ‌الضعيف في سنن أبي داود

- ‌موازنة بين سنن أبي داود والصحيحين

- ‌زوائد أبي داود

- ‌ المصطلحاتفي تعليقات أبي داود

- ‌مخطوطات كتاب سنن أبي داود

- ‌الكتب التي ألفت حول السنن

- ‌خاتمة

- ‌مراجع البحث

- ‌نظرة الشريعة الإسلامية إلى المخدرات

- ‌المخدرات في الفقه الشافعي

- ‌المخدرات في الفقه الحنفي

- ‌موقفالشريعة الإسلامية من المسكرات والمخدرات

- ‌التوصيات

- ‌التعاون الدولي في مكافحة المخدرات:

- ‌مكافحة الزراعة والإنتاج

- ‌رفع الكفاءة في مكافحة المخدرات:

- ‌مكافحة تعاطي المخدرات:

- ‌أولا: حلقة الخطط والمناهج الجامعية

- ‌ثانيا: حلقة الدعم المتبادل

- ‌رابعا: حلقة التنمية والتطوير

- ‌خامسا:حلقة العلوم والتكنولوجيا

- ‌سادسا: حلقة التربية والتعليم

- ‌التوصيات

- ‌المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي

- ‌حوار مع الأمين العام للأمانة العامة للدعوة الإسلامية

- ‌الدعوة إلى الله

- ‌أسلوب الدعوة وما يجب أن يكون عليه الداعي

- ‌نماذج من دعوة الرسول

- ‌وجوب تبليغ الدعوة والقيام بها

- ‌هيئة التوعية في الحجتستقبل ملايين الحجاج

- ‌تراث من نور

- ‌أخبار إسلامية دولية

- ‌إنارة الطريق البري للحجاج

- ‌كلية القرآن الكريم

- ‌وثائق تاريخية

- ‌المبايعة

- ‌كلمة جلالة الملك خالد بن عبد العزيز حفظه الله

- ‌ أمر ملكي

الفصل: ‌موقف البشر من الديانات ومدى تمسكهم بها

هذا، ولا ينبغي أن يفهم بحال من الأحوال، أن قولنا عن الإسلام: إنه أرقى الأديان السماوية وأسماها، وأكملها وأوفاها، وأن تشريعاته وتوجيهاته قد بلغت القمة التي لم تبلغها شريعة من قبل، فيه انتقاص لغيره من الشرائع السماوية، معاذ الله أن يكون ذلك قصدنا، فليس مؤمنا ولا مسلما من ينتقص شريعة سماوية أنزلها الله على رسول من رسله، الله تعالى: يخاطب أمة محمد صلى الله عليه وسلم بقوله:

{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (1). ويقول مثنيا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى من اتبعه من المؤمنين:

{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (2).

والذي يجب أن يفهم: هو أن كل شريعة من الشرائع السماوية تعتبر في وقتها - بالنسبة لأتباعها - في منتهى الكمال؛ لأنه لا يصدر عن الله تعالى إلا الكمال المطلق، ولأن كل شريعة - كما قلنا - جاءت مطابقة لحاجات المخاطبين بها، ولو أنها انحطت عن مستواها، لعد ذلك قصورا فيها، لأنها تكون دون الحاجة، كما أنها لو ارتفعت إلى مستوى شريعة تجيء بعدها لعد ذلك مجافيا للحكمة والصواب، لأنها تكون فوق الحاجة، والحكمة كل الحكمة هو الملاءمة بين احتياجات كل أمة وما يشرع لها، كما يلائم الطبيب الماهر بين علة المريض وما يصف له من دواء.

* * *

(1) سورة البقرة الآية 136

(2)

سورة البقرة الآية 285

ص: 60

‌موقف البشر من الديانات ومدى تمسكهم بها

وبعد فما هو موقف البشر من الديانات، وما مبلغ تمسكهم بها؟

هل استجابت كل أمة لرسولها؟

وهل وقف أتباع كل دين عند حدوده والتزموا بتعاليمه التي دعا إليها، وتشريعاته التي نص عليها؟

أو أنهم ارتكسوا في حمأة الغي والضلال، ونكصوا على أعقابهم عائدين إلى نزعات أهوائهم ونزوات شهواتهم؟

الواقع: أن البشر أمام هذه الديانات فرق شتى:

ففريق لزم الجادة

فاتخذ دينه الذي هداه الله إليه سبيله في الحياة، لا يحيد عنه ولا يميل، فسعد وشق طريقه إلى ما فيه خير الدنيا وسعادة الآخرة.

ص: 60

وفريق ثان

آمن بدينه الذي أرشده الله إليه، ولكنه رغم إيمانه به انحرف عنه في سلوكه ظاهرا وباطنا، وجاهر بالمخالفة، وبارز الله بالمعصية في غير مبالاة ولا حياء، فشقي في حياته الدنيا، وعرض نفسه لسخط الله وعقابه.

وفريق ثالث

آمن بدينه الذي ارتضى الله له، ولكنه نافق واتخذ التدين شعارا زائفا يموه به على العامة، ويخدع به من ينطلي عليهم زوره وبهتانه، وقد تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الصنف من المنافقين، وبين مآلهم وعاقبة أمرهم فقال.

«يخرج في آخر الزمان رجال يختلون - أي يطلبون - الدنيا بالدين يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله عز وجل. أبي يغترون؟ أم علي يجترئون؟ فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم حيران (1)» .

وفريق رابع

جحد الأديان كلها، وزعم أنها جميعا أوهام وأباطيل مستحدثة، يقول أستاذنا المرحوم الدكتور محمد عبد الله دراز في كتابه (الدين) ص 73 وما بعدها:

" ذهب بعض كتاب القرن الثامن عشر الذين مهدوا للثورة الفرنسية إلى أن الديانات والقوانين ما هي إلا منظمات مستحدثة، وأعراض طارئة على البشرية،

حتى قال (فولتير): إن الإنسانية لا بد أن تكون قد عاشت قرونا متطاولة في حياة مادية خالصة، قوامها الحرث، والنحت، والبناء، والحدادة، والنجارة. . . قبل أن تفكر في مسائل الديانات والروحانيات، بل قال: إن فكرة التأليه إنما اخترعها دهاة ماكرون، من الكهنة، والقساوسة الذين لقوا من يصدقهم من الحمقى والسخفاء ".

ثم بين رحمه الله أن هذه النظرة الساخرة إلى الأديان ليست مبتكرة، وإنما هي ترديد لصدى مجون قديم كان يتفكه به أهل السفسطة من اليونان، وكانوا يروجونه فيما روجوه من المغالطات والتشكيكات.

ثم قال: " إنه لم ينقض القرن الثامن عشر حتى ظهر خطأ هذه المزاعم: حيث كثرت الرحلات إلى خارج أوربا، واكتشفت العوائد، والعقائد، والأساطير المختلفة، وتبين من مقارنتها أن فكرة التدين

(1) رواه الترمذي عن أبي هريرة.

ص: 61

فكرة مشاعة لم تخل عنها أمة من الأمم في القديم والحديث، رغم تفاوتهم في مدارج الرقي ودركات الهمجية ".

ثم قال: ". . . ولسنا ننكر أن تكون هناك عقيدة معينة قد استحدثت في عصر ما، أو أن يكون ثمة وضع خاص من أوضاع العبادات قد جاء مجلوبا مصنوعا، فذلك سائغ في العقل، بل واقع بالفعل، أما فكرة التدين في جوهرها، فليس هناك دليل واحد على أنها تأخرت عن نشأة الإنسان ".

. . . وأخيرا هناك فريق خامس.

هو فريق العلمانيين الماديين، الذين لم يستطيعوا أن ينكروا أن هناك ديانات عريقة في القدم، ولكنهم زعموا - زورا وبهتانا - أنها شاخت بمرور الزمن، ولم تعد صالحة في وقت بلغت البشرية فيه ما بلغت من تقدم في العلم ورقي في الحضارة.

يقول أصحاب هذا المذهب وعلى رأسهم (أوجست كونت): " إن العقلية الإنسانية قد مرت بأدوار ثلاثة: دور الفلسفة الدينية، ثم دور الفلسفة التجريدية، ثم دور الفلسفة الواقعية، وهذا الدور - في نظره - هو آخر الأطوار وأسماها، فبعد أن كان الناس يعللون الظواهر الكونية بقوة أو قوى إرادية خارجة عنها، انتقلوا إلى تفسيرها بمعان عامة، وخصائص طبيعية كامنة فيها، كقوة النمو، والمرونة، والحيوية. . . إلخ، ثم انتهوا إلى رفض كل تفسير خارجي أو داخلي، واكتفوا بتسجيل الحوادث كما هي، ومعرفة ما بينها من ترابط وجودي، بقطع النظر عن أسبابها وغاياتها، وعلى هذا يكون دور التفكير الديني يمثل الحال البدائية التي تلهت بها الإنسانية في مرحلة طفولتها، فلما شبت عن الطوق خلعتها لتستبدل بها ثوبا وسطا في دور مراهقتها، حتى إذا بلغت أشدها، واكتمل رشدها أخذت حلتها الأخيرة من العلوم التجريبية "(1).

ويعلق على هذا المذهب أستاذنا المرحوم الشيخ محمد عبد الله دراز فيقول: " نقطة الخطأ البارزة في هذا المذهب التطوري، هي أن أنصاره جعلوا منه قانونا يستوعب التاريخ كله في شوط واحد، قطعت الإنسانية ثلثيه بالفعل، ونفضت أو كادت تنفض يدها منهما إلى غير رجعة، فلن تعود إليهما إلا أن يعود الكهل إلى طفولته وشبابه "(2).

ثم يمضي في مناقشة هذا المذهب مبينا أن الأدوار الثلاثة المذكورة " لا تمثل أدوارا تاريخية متعاقبة، بل تصور نزعات وتيارات متعاصرة في كل الشعوب، وليست كلها دائما على درجة واحدة من الازدهار أو الخمول في شعب ما، ولكنها تتقلب بها الأقدار بين بؤسى ونعمى، ونحوس وسعود (3) ".

(1) الدين للدكتور محمد عبد الله دراز ص 77.

(2)

الدين ص 77.

(3)

المرجع السابق ص 78.

ص: 62