الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القدس. . والفيصل. . والإسلام
ثمة ما هو أهم من " القدس "
أهم من " ثاني القبلتين "
ذلك أن الأرض تذهب وتجيء؟
هذا هو السؤال
لماذا تصيبنا النكبات؟
لماذا نتعرض للعدوان؟ (1).
هذا هو السؤال. . وهكذا تساءل الفيصل حيث يقول رحمه الله
" هذا ما سببناه لأنفسنا نحن "
" ولم يرضه الله سبحانه وتعالى لنا "
هكذا أجاب الفيصل رحمه الله
لا بد أن هناك " فينا "
(1) من خطبة جلالة الملك فيصل رحمه الله في حج عام 1390 هـ
" وفي أنفسنا "
" ما يستوجب أن نصاب بهذه النكبات "
وهو سبحانه وتعالى " إنما رضي لنا
" العزة. .
" والكرامة. .
والقوة. .
إذا نحن أخلصنا العبادة وتمسكنا بما أمرنا به سبحانه وتعالى
" واتبعنا سبيل نبيا صلوات الله وسلامه عليه (1) هكذا أجاب الفيصل رحمه الله. .!!
* * *
لقد كان العرب والناس معهم على شفا " حفرة من النار "
متشاكسون. . . . . . .
متنافرون. . . . . . . . . . .
متحاربون سنين طويلة. . من أجل " ناقة "!!
فتنزلت الآيات
قيل لهم تحابوا. . . فتحابوا
قيل لهم تآخوا. . . فتآخوا
ثم قيل لهم انفروا. . . فهبوا خفافا وثقالا.
تنزلت الآيات. . . .
فقالوا: سمعنا وأطعنا. . . .
* * *
مؤمني مكة على اختلاف قبائلهم - ما عرفنا لهم اسما في التاريخ إلا " المهاجرين " و " مؤمنو المدينة " - على اختلاف قبائلهم - ما عرفنا لهم اسما في التاريخ إلا " الأنصار " تمسكوا بحبل الله المتين. فإذا بالفرقاء المتشاكسين " دولة ".
وإذا بالدولة التي خرجت من بيضة الجزيرة الطاهرة طائر عظيم حمل " دولة عالمية " رفعت الإنسانية دون تمييز بين أجناسها إلى أعلى عليين.
(1) من خطبة جلالة الملك فيصل رحمه الله في حج عام 1384 هـ
دقت أبواب مدائن الدولتين العظميين - الفرس والروم - فأخرجتهم من عبادة الناس إلى عبادة الله.
وإذا بالقوة الإسلامية - قوة السلام والعدالة - تلون خريطة العالم فتزهر بلونها الأخضر النامي من شرقه إلى غربه. . من الولايات الإسلامية في الاتحاد السوفيتي حتى المغرب العربي على المحيط الهادي.
ومن شماله إلى جنوبه. . من القسطنطينية. . وعلى مشارف " باريس " حتى أندونيسيا وجزر ماليزيا تلك حقيقة عظمى ترتكز على مجموعة حقائق ساطعة صافية.
* * *
وإذا كانت المملكة العربية السعودية قد روعت بفقد عاهلها العظيم في الحادث الأثيم ثم امتدت دوائر الحزن والألم من مركزها الروحي لتغلف العالم الإسلامي.
بل العالم أجمع. .
وإذا كانت أمنية الفيصل رحمه الله التي همس بها فترددت في آذان العالم.
" أريد أن أصلي في القدس ركعتين. . "
فإنها كانت أمنية موجهة للمسلمين قبل أن توجه إلى أعدائهم
" ودعاء " و " دعوة " لهم أن يتمسكوا بقانون القوة والعزة والكرامة.
وأسمع الملك الراحل يقول بحق
" لقد مرت على الإسلام والمسلمين حقب تناسى الناس فيها ما هو مطلوب منهم تجاه ربهم "
" وتساهلوا فيما يجب عليهم "
" وتهاونوا وتغافلوا "
" ولهذا. . . .
" فإننا نرى اليوم أن الشعوب الإسلامية في كل الأقطار قد ينظر إليها نظرة احتقار أو ازدراء "
وهذا أيها الأخوة، ما سببناه لأنفسنا نحن. . .!
ولم يرضه الله سبحانه وتعالى لنا. . .
وإنما. . . رضي لنا
العزة. . .
والكرامة. . .
والقوة. . .
إذا نحن أخلصنا العبادة. . .
وتمسكنا بما أمرنا به سبحانه تعالى.
واتبعنا سبيل نبينا صلوات الله وسلامه عليه (1).
هل ثمة ما هو أوضح من ذلك تبيانا لطريق القوة وأسباب فقدانها؟
وإذا كان ثمة من أسباب لضياع القدس. . أو غيرها مما يصيبنا من نكبات فاسمعوا تساؤلاته واضحة رحمه الله:
" أيها الأخوة
إننا في حاجة قصوى إلى محاسبة أنفسنا
يجب علينا أن نعود إلى أنفسنا
ونحاسبها لماذا تصيبنا النكبات؟؟؟
ولماذا نتعرض للعدوان من أعداء الإسلام؟؟؟
وأعداء البشرية. . .
وأعداء الإنسانية. . .
علينا أن نحاسب أنفسنا. . .
فلا بد أن هناك " فينا "
وفي " أنفسنا "
ما يستوجب أن نصاب بهذه النكبات
فإننا نرى اليوم في عالمنا الإسلامي من يتنكب عن " الإيمان "، وعن " العقيدة الإسلامية "(2).
هل ثمة محاسبة ذاتية للنفس أشد من هذه المحاسبة؟؟
تربط النكبات بأسبابها. . .
وترد العدوان إلى أسبابه فنرى فينا وفي أنفسنا الأسباب الحقيقية لهذا العدوان.
هل ثمة شك أن منابع القوة مصدرها الوحدة والتآخي؟
وهل يجوز شك في أن الخلافات والأحقاد والتنابذ. . طريق الضياع والتمزق؟
(1) خطبة الحج عام 1384 هـ.
(2)
خطبة الحج عام 1390 هـ
ألا يتحتم كما يقول جلالته رحمه الله على " كل دولة أن تترك خلافاتها ومشاكلها على الرف. .
" ويسعون إلى توحيد صفوفهم.
وابتداء من " البلد الواحدة " عليه أن يوحد صفوفه.
" وتحل فيه
" الوحدة "
و" التعاطف "
و" الإخاء " بين أبنائه
ثم الوحدة الإسلامية للجهاد في سبيل الله (1).
* * *
هذا. . . وسواء كنا ننشد " مكة "
أم كنا نستهدف " القدس "
" فلا طريق إليهما. . إلا عن طريق قلوبنا ثم عقولنا. . نطهرهما ونثقفهما بما سنه الدين الحنيف من المبادئ فهما منبع الداء وأصل الدواء.
" نتجه إلى أنفسنا فنربيها " فحين نتعلم ونتفقه في ديننا وفي شريعتنا نعلم ويتبين لنا
" أننا الحائزون على كل فضيلة
" وعلى كل شرف
" وأن شريعتنا هي المحققة للعدالة وللحرية والمساواة وللمحبة والأخوة (2)، بحسب كلام جلالته رحمه الله.
هذا ما أحب البعض أن يطلق عليه مؤخرا طريق " الفيصل " أو الفيصلية " وهو ذاته طريق الإسلام الذي جدد الدعوة إليه الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأبناؤه وأحفاده من بعده هداهم الله وهدى بهم.
* * *
ولقد شاءت حكمته تبارك وتعالى أن لا تغيب شمس القائد الكريم رحمه الله إلا بعد أن هيأ لنا من مدرسته رجالا في السياسة والكياسة والقيادة وبعد أن تمت البيعة قام جلالة الملك خالد بن عبد العزيز -حفظه الله- وسمو ولي عهده الأمير فهد بن عبد العزيز -وفقه الله- ليحملا زمام القيادة في فترة من أدق الفترات في تاريخ المملكة وتاريخ العالم العربي والإسلامي وذلك على هدى من كتاب الله وشريعته التي عاشها وأحياها معهم أستاذهم الراحل جلالة الفيصل رحمه الله.
(1) خطبة الحج عام 1388 هـ.
(2)
خطبة الحج عام 1384 هـ.
وذلك - وكما يقول جلالة الملك خالد -حفظه الله- في بيان نعي القائد إلى أمته " بعد أن انتقل بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتطورة في كل المجالات مع الحفاظ على ديننا ومثلنا وتقاليدنا ".
وكما يقول جلالته في الخطاب الذي ألقاه سمو ولي عهده:
" وعلى الرغم من أن سياسة الملك الراحل الداخلية والخارجية معروفة للقاصي قبل الداني، فإن حكومتنا تجد من واجبها أن تعيد ذكر أهم أركانها وأسسها.
مؤمنة أن في تطبيقها والاستمرار في تنفيذها عزاء لنفوس المؤمنين الصابرين على فقده وسعادة لروح الفيصل رحمه الله عند بارئها:
وفي المجال الداخلي كانت الشريعة الإسلامية، وستظل -إن شاء الله-، الراية التي نستظل بها، والمنطق الذي نسير منه، والهدف الذي نسعى إليه، نحتكم لمبادئها ونستضيء بنبراسها. ونعض عليها بالنواجذ لا تأخذنا فيها لومة لائم، ولا تصدنا عنها عراقيل الزمن.
نجد فيها
جوهر العدل. . .
والعدل أساس الملك (1).
* * *
وإذا كان لنا أن نلملم أحزاننا ونكفكف دموعنا فإنما نفعل ما هدانا إليه الإسلام.
ثم نسارع كما يقول سمو الأمير فهد ولي العهد الأمين " إلى رضى الله، الله أولا وقبل كل شيء " ثم إلى أداء الواجب كما رسمه لنا مؤسسا هذه الدولة جلالة المغفور له الملك عبد العزيز وجلالة المغفور له الملك فيصل رحمه الله ".
ولي العهد الذي سئل عما يتمناه لأكبر أبنائه وهو ما يتمناه لأبناء أمته.
" أريده كأبيه، كجده، كأعمامه، كسيوف أسرته، كلها مشهرة لخدمة الله، والأرض، والناس، وأريد منه أن ينقل ذلك لأبنائه ".
فإذا سئل هل في كل ذلك ما أرضاك، أو ما يرضيك عن نفسك؟
أجاب:
" رضاي من رضا ربي علي
وويلي وويل أبي - كما كان يدعو الله عمر بن الخطاب خليفة المسلمين - إن لم يغفر لي ربي أو لم يرض عني "
فيقال له: نحس بأنك تصبو صوب (عمر) أو يهفو بك الشوق إلى ذكراه؟
فيقول:
" وهل مثل عمر في عدله وإنصافه؟؟
(1) من حديث جلالة الملك خالد بن عبد العزيز حفظه الله في الرياض 20/ 4 / 1395 هـ.
إنه أقرب الخلفاء المسلمين إلى قلبي.
بل هو مثل عمر في حزمه وحسن إدارته؟ إنه عبقري. .!
ويسأل عمن هو أقرب إليه من قادة فتوحات المسلمين
فيقول:
" رواد الأندلس وبناة امبراطورية المسلمين في دنيا أسبانيا: موسى بن نصير. وطارق بن زياد (1) وهكذا تلتف الأمة الإسلامية فيه حول قيادة تتخذ الإسلام مثلا أعلى لحياتها وفي سلوكها.
وهكذا تدعم الأمة الإسلامية قيادتها.
وهنا تكون الأمة على موعد مع ينابيع قوتها.
" في وقت حرج تكالبت فيه قوى الشر على العرب وعلى قضيتهم.
ولكن ما هو الواجب علينا في هذه الفترات التاريخية؟؟
إن الواجب " على كل فرد من أفراد هذه الأمة أن يخلصوا في أعمالهم ويشعروا بالمسئولية نحو دينهم ومليكهم وبلادهم وأمنهم حتى تصل هذه البلاد إلى ما يحبه الله لها في دينها ودنياها حتى تصل إلى الهدف الذي سعى الفقيد الراحل رحمه الله إلى أن يوصلها إليه. . ".
". . إن هذه البلاد هي مركز الإسلام وهي الدعامة القوية لنشر العقيدة والدعوة إليها وإن أعداء الإسلام ما فتئوا ولا يزالون كذلك لينالوا من هذه البلاد لقصد القضاء على الإسلام أو إضعافه ولكنهم بحول الله فشلوا في الماضي.
وسيفشلون في المستقبل. . .!
وسيبقى الإسلام صامدا في وجوه أعدائه رغم كل المحاولات والدسائس والمؤامرات.
ونحن في هذه البلاد المقدسة مؤمنون حقا ".
" نقابل هذه الفادحة والمصاب بنفوس واثقة بأن الله سبحانه وتعالى حفظ لهذه الأمة كيانها وللأمة الإسلامية مجدها وعزتها ".
" نعم: إننا خسرنا فيصلا رحمه الله في أحلك الساعات وأدق الظروف. .
" وإنه وإن ترك فراغا في قلوبنا ولوعة في نفوسنا فإنه لم يترك فراغا في بلاده ولا ثغرة في دولته وإنه وإن ترك فإن خليفته
(1) الحوادث 18/ 10 / 1974.
العظيم خالد بن عبد العزيز -حفظه الله- وولي عهده العظيم فهد بن عبد العزيز -رعاه الله- يحملان الأمانة التي كان فيصلنا رحمه الله الراحل يحملها.
يحملانها بجدارة وقدرة وكفاية يشرف دولتنا وترفع مستوى شعبنا إلى أعلى مراقي العظمة بين الأمم.
* * *
ولا نجد ما نختم به تعليقنا على الحادث الأثيم الذي وقع والمجلة ماثلة للطباعة أفضل من إجابة سمو ولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز على سؤال كان قد وجه إليه حول الحادث.
قال: " لعلك عرفت الجواب من البيعة العامة التي حضرتها الكل دخل والكل صافح الملك إنها ليست تقاليد. .
بل هي فلسفة حكم. .
فأما أن ينعزل الحاكم ويغلق بابه عن الشعب وفي ذلك خطر موت الناس واغتيال حقوقهم وغفلة الحاكم عن المظالم والانحراف لأن المظلوم لا يستطيع أن يرفع شكواه لولي الأمر والمنحرف لا يخشى المحاسبة.
وأما أن يسقط الحجاب بين الراعي والرعية وقد كان عمر بن الخطاب ينهى الحكام عن إغلاق الأبواب وقتل عمر رضي الله عنه
وقيل: قد فتح ثغرة في الإسلام
وفي اعتقادي إن احتجاب الحكام وعزلتهم عن الشعب وقيام نظام بوليسي أكثر خطرا على الأمم وعلى قيمنا.
ثم هل حمت تلك الإجراءات أو ردت قضاء؟
سيستمر بابنا مفتوحا. .
ولن نحتمي إلا بالله.
ثم محبة الناس.
وقد لمسها كل من عاش معنا هذه الأيام الحزينة (1)
(1) تصريح سمو ولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز للأنوار اللبنانية في 20/ 3 / 1395 هـ.