الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأن يكون قطعا متنوعة من المعادن معلومة الوزن مختوما على كل قطعة ما يدل على مسئولية الحاكم عنها، وبهذا تحقق في النقد الثقة والاطمئنان إليه والقدرة على إدارة التعامل به، إلا أن هذه القدرة غير تامة للصعوبة النسبية في حمله ونقله من مكان إلى آخر، لذلك اتجه الفكر إلى الأخذ بالعملات الورقية، على أن الأخذ بالعملات الورقية لم يكن دفعة واحدة، وإنما كان على مراحل، فخوفا على ضياع النقد في الأسفار التجارية اختار التجار طريق التحويل لمن يريدون التعامل معه، ثم رأوا عدم تعيين أشخاصهم في الحوالة، ولما كثر التعامل بهذه الطريقة، ووجدت الأوراق التحويلية قبولا أصدر الصيارفة أوراقا مصرفية جديدة بقدر الجزء المتداول في الأسواق، وبهذا صارت جزءا من النقود لها قبول عام، وصارت خزائن للثروة ومقياسا للقيم، وقوة شرائية مطلقة. لكن إصدارها كان مشوبا بالفوضى والتلاعب فساءت سمعة هذه الأوراق وضعفت الثقة بها فتدخل ولاة الأمور في الإصدار ومراقبته وتحديده وتعيين شكل للورقة النقدية فاكتسبت بذلك قوة الإبراء التام، ثم جرى العمل على أن من طلب من جهة الإصدار والاستعاضة عما تعهدت به في الورقة بنقود معدنية دفع إليه، ثم تخلف الوفاء بهذا التعهد إلا إذا كان ما طلب استرجاعه كثيرا، وأخيرا تخلف الوفاء بما تعهد به إلا بمثله من الورق، وبذلك انقطعت العلاقة بين الورقة النقدية والنقد المعدني وصارت قيمة وحدة النقود الورقية قيمة مستقلة.
قاعدة النقد الورقي
لا شك أن أي نقد قابل للتداول العام كوسيط للتبادل لا بد أن يكون له ما يسنده ويدعو إلى الثقة به كقوة شرائية لا حد لها، هذا السند إما أن يكون في ذات النقد نفسه كالذهب والفضة، إذ فيهما قيمتها المقاربة لما يقدران به، أو يكون ركيزة تدعم النقد وتوحي بالثقة به، ثم إن هذه الركيزة قد تكون شيئا ماديا محسوسا كالغطاء الكامل للأوراق من ذهب أو فضة أو عقار أو أوراق مالية من أسهم وسندات، وقد تكون التزاما سلطانيا باعتبارها وضمان قيمتها، وتكون بذلك أوراقا وثيقية، وقد تكون الركيزة المستند عليها النقد شيئا ماديا محسوسا والتزاما سلطانيا معا، فيغطي بعض النقد الورقي بقيمتها المادية عينا، ويلتزم السلطان في ذمته بقيمة باقية دون أن يكون لهذا الباقي غطاء مادي محفوظ، وقد يمثل هذا الباقي غالب النقد الورقي (1)
* * *
(1) انظر مبادئ الاقتصاد السياسي للدكتورين رأفت المحبوب، وعاطف صدقي وكتاب قصة النقود لوهيب مسيحه.