الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن ماجه عن أنس بن مالك ورواه البخاري وغيره عن أبي موسى الأشعري «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا (1)» وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على سواه (2)» وفي لفظ «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه (3)» وفي الترمذي وغيره: «ما خير صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما (4)»
* * *
(1) صحيح مسلم الجهاد والسير (1732)، سنن أبو داود الأدب (4835)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 412).
(2)
صحيح مسلم السلام (2165)، سنن الترمذي الاستئذان والآداب (2701)، سنن ابن ماجه الأدب (3698)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 199)، سنن الدارمي الرقاق (2794).
(3)
صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2594)، سنن أبو داود الأدب (4808)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 222).
(4)
صحيح البخاري الحدود (6786)، صحيح مسلم الفضائل (2327)، سنن أبو داود الأدب (4785)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 130)، موطأ مالك الجامع (1671).
القول الثاني
هذا القول أن
الأوراق النقدية عرض من العروض
لها ما للعروض من الخصائص والأحكام ويوجهه القائلون به بتوجيهات نلخصها فيما يلي: -
أ - الورق النقدي مال متقوم مرغوب فيه ومدخر ويشترى وتخالف ذاته ومعدنه ذات الذهب والفضة ومعدنهما.
ب - الورق النقدي ليس بمكيل ولا موزون وليس له جنس من الأجناس الربوية المنصوص عليها.
جـ - ما كتب عليها من تقدير قيمتها وتعيين اسمها يعتبر أمرا اصطلاحيا مجازيا لا تخرج به عن حقيقتها من أنها مال متقوم ليست من جنس الذهب والفضة ولا غيرهما من الأموال الربوية.
د - انتفاء الجامع بين الورق النقدي والنقد المعدني في الجنس وإمكان التقدير والمماثلة أما الجنس فالورق النقدي قرطاس والنقد المعدني معدن نفيس من ذهب أو فضة أو غيرهما من المعادن، وأما إمكان التقدير فالنقد المعدني موزون، أما القرطاس فلا دخل للوزن ولا للكيل فيه.
هـ - الأصل في المعاملات الحل حتى يرد دليل المنع، وليس عندنا دليل يمنع ذلك.
مستلزمات هذا القول:
إن القول بعرضية الأوراق النقدية يستلزم الأحكام الشرعية التالية: -
أ - عدم جواز السلم بها لدى من يقول باشتراط أن يكون رأس مال السلم نقدا من ذهب أو فضة أو غيرهما من أنواع النقد؛ لأن الأوراق النقدية بمقتضى هذا القول عروض، وليست أثمانا.
ب - عدم جريان الربا بنوعيه فيها، فلا بأس ببيع بعضها ببعض متفاضلة فيجوز بيع العشرة بخمسة عشر أو أقل أو أكثر كما يجوز بيع بعضها ببعض أو بثمن من الأثمان الأخرى كالذهب أو الفضة أو البرنز أو غيرها من المعادن النقدية نسيئة.
جـ - عدم وجوب الزكاة فيها ما لم تعد للتجارة؛ لأن من شروط وجوب الزكاة في العروض إعدادها للتجارة.
مناقشة هذا القول:
1 -
أن في القول بعرضية الأوراق النقدية تفريطا تنفتح به أبواب الربا على مصاريعها وتسقط به الزكاة عن غالب الأموال المتمولة في زماننا هذا يتضح ذلك بالمثال الآتي:
مسلم يملك مليون جنيه إسترليني أودعه بأحد المصارف بفائدة قدرها 8 % لم يقصد بهذا المبلغ التجارة، وإنما يريده باقيا عند البنك بصفة مستمرة على أن يأخذ فائدته ليقوم بصرفها على نفسه في شئون حياته مثلا، فلا بأس بمقتضى هذا القول بصنيعه هذا؛ لأن هذا المبلغ ليس نقدا فيجري فيه الربا ولا زكاة فيه لكونه عرضا لم يقصد به التجارة.
2 -
إذا عمدت الجهات المختصة إلى نوع من جنس الورق فأخرجت للناس منه قصاصات صغيرة مشغولة بالنقش والصور والكتابات وقررت التعامل بها وتلقاها الناس بالقبول فقد انتقل هذا الورق من جنسه باعتبار وانتفى عنه حكم جنسه لذلك الاعتبار لانتفاء فوائد الانتفاع به ورقا يكتب فيه وتحفظ فيه الأشياء فإذا كان الناس يحرصون على الحصول عليه ويرضونه ثمنا لسلعهم سواء أكانت سلعا عينية أم خدمات فليس لأنه مال متقوم مرغوب فيه بعد تقطيعه قصاصات صغيرة مشغولة بالنقش والكتابة والصور، بل لأنه انتقل إلى جنس ثمني بدليل فقده قيمته كليا في حال إبطال السلطان التعامل به.
أما مخالفة ذاته ومعدنه ذات النقدين الذهب والفضة ومعدنهما فالجواب عن ذلك فرع عن تحقيق القول في علة الربا في النقدين هل هي الثمنية كما هو رأي المحققين من أهل العلم فينتفي الفارق المؤثر بينهما لاشتراكهما فيها أم أن العلة غيرها.
3 -
أما القول بأن قيمتها النقدية وتعيين اسمها اصطلاح مجازي لا تخرج به عن حقيقتها من أنها مال متقوم ليس له جنس الذهب ولا الفضة ولا غيرهما من الأموال الربوية فيمكن أن يجاب عن ذلك بأن تسمية هذه الوراق بريال أو جنيه أو دولار أو دينار أو غيرها تعتبر حقائق عرفية لا مجازية لا سيما في وقتنا هذا الذي اختفى فيه الذهب والفضة عن الأسواق كنقد سائد في التداول وحلت هذه المسميات