الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أفلام دينية يروج لها أعداء الإسلام
إن بعض الأفلام الدينية التي رخصنا بصنعها، ولا تزال تعرض حتى الآن لا يرغب أعداء المسلمين في أكثر من الحصول على حق توزيعها، ولست أشك في إخلاص معظم منتجي هذه الأفلام، ولكن الإخلاص وحسن النية لا يعالج بهما القصور الفني، ولقد حشدنا كل الإخلاص والنيات الحسنة في فيلم " خالد بن الوليد " مثلا: ولكني أعتقد أننا نلنا من شخصية خالد في هذا الفيلم ما عجز عن نيله الروم والفرس، وقد يقال: إن قصة الفيلم مكتوبة في أسلوب وهيكل رائعين، ولكن الكتابة الممتازة لا تكفي وحدها، فمسرحيات " شكسبير " هي هي بنصها على مسرح " الأولد فيك " وعلى مسرح " الانشراح " في بغداد، ولكن الفارق بين الأداءين هو نفس الفارق بين ترجمة حياة ينتجها للسينما كل من ستديو " مترو جولدوين " وستديو " شبرا " والتمثيل الممتاز لا يكفي كذلك وحده ولا يكفي الإخراج، أو التصوير. . إلخ. . فإن العمل السينمائي يتألف من عشرات الحلقات المتصلة التي يجب أن تكون جميعها قوية متماسكة، وفي مستوى متقارب. . ونحن للأسف لم نصل بعد إلى الدرجة التي ننتج فيها فيلما خطيرا تصل نسبة الكمال فيه إلى درجة عالية، ولذلك يجب أن تقتصر تجاربنا على الموضوعات العادية، ولا نقحم الدين في هذه التجارب.
إن أفلام " الوصايا العشر " و " الرداء " و " كوفاديس " التي ضرب الأستاذ التابعي المثل بها قد تكلف الواحد منها بين ستة ملايين و 13 مليونا من الدولارات وعبئت من أجلها أقوى الطاقات الفنية، ولا يزال أناس يتصدون بالقول إنما نصنع أفلاما ممتازة على مستوى الأفلام العالمية، والدليل على ذلك أن أصحاب هذه الأفلام لا يجدون متفرجين لها حتى في بلادنا ويطالبون الحكومة بأن توفر لهم جمهورا بقوة القانون، والدليل الآخر أن فيلما واحدا من هذه الأفلام لم ينل جائزة من الدرجة الثالثة في أي مهرجان دولي أو شبه دولي.
ويقول فريق أكثر اعتدالا: إن علينا أن نستعين بالخبراء الأجانب في إخراج أفلام عن ظهور الإسلام وفتوحاته وحضارته وأبطاله، وهذا رأي غير مدروس، فقد ثبت بالتجربة أن العمل الفني عن دين ما يجب أن يضطلع به رجل يعتنق هذا الدين ويؤمن به في قرارته، ولقد كنت في الولايات المتحدة عند عرض فيلم " الوصايا العشر " والذي لا يعرفه أكثر الناس أن النقاد اليهود قابلوا الفيلم بجفوة، ووصفوه بأنه جنسيا أكثر منه دينيا ونقموا على مخرج الفيلم اختياره لتمثيل دور فرعون نجما محبوبا " يول برينز " أكثر من الذي قام بدور موسى " شارلتون هستون " ولو أن " سيسل دي ميل " كان يهوديا لتلافى هذا النقد، أو لما كان عمله موضع شبهة.
وشبيه بذلك ما قرأته أخيرا عن رفض مدينة سلبي بمقاطعة " يور كشير " الإنجليزية تمثالا ضخما للسيد المسيح
من صنع المثال اليهودي " إبشتاين " بحجة أن ملامح التمثال تدل على القسوة والفظاعة، إنني أول من يمني النفس بكتابة قصة عمر رضي الله عنه للسينما، ولكن في الوقت ذاته أعتقد أن قصورنا الفني لن يحقق في الوقت الحالي مثل هذه الأمنية، وحينما نستطيع أن نخرج أفلاما عن أمجادنا الدينية في نفس المستوى الذي يخرج فيه الغرب أمثال هذه الأفلام عن أمجاده، فإن التردد والاعتراض يكونان وقتئذ خطأ كبيرا.
من أجل ذلك أعتقد أن مشيخة الأزهر كانت موفقة في رأيها الخاص في قصة " يوسف الصديق " كما كانت كذلك غير متناقضة مع نفسها حينما لم تبادر فتعترض على حديث نشر في " الأهرام " عام 1955 أن سيسل دي ميل " يبحث عن ممثل يسند إليه القيام بتسجيل " صوت الله " باللغة العربية في الطبعة التي ستوزع من فيلم " الوصايا العشر " في البلاد الإسلامية؛ لأنه ونحن الآن في عام 1959 لم يعرض الفيلم المذكور بعد في أي بلد إسلامي، وأعتقد أنه لن يعرض لي أبدا في جمهوريتنا لأسباب أخرى غير الدين، وأغلب الظن أن " حديث الأهرام " المشار إليه لم يكن صحيحا لأنني -للمصادفة- لازمت " مستر ديميل " خلال السنوات الثلاث التي أنتج فيها هذا الفيلم، ووقفت على خطته ورأيه في هذا الشأن. . 1 هـ.
وقصارى القول أن من جرم تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين نظرا إلى ما لهم من مكانة عالية عند الله بوأهم إياها في محكم كتابه، وبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته مع ما هو الشأن في التمثيل من اللهو والمجون، وما عليه أكثر الممثلين من الاستهتار والولع بالخيال الكاذب، وعدم تحري الحقائق التاريخية وما عرف عنهم من مجاراة رواد المسارح وعشاق التمثيل تحقيقا لرغباتهم، وإرضاء لأهوائهم، وإشباعا لميولهم وغرائزهم المنحرفة، أملا في زيادة الكسب بكثرة الوافدين إليهم، ففي تمثيلهم الصحابة مدعاة إلى انتقاصهم والحط من قدرهم، وذريعة إلى السخرية منهم والاستهزاء بهم، وفي هذا منافاة للكرامة التي أكرمهم الله بها، ومناقضة للثناء الذي أثنى به عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفى بهذا مانعا من الدخول لهم هذا المدخل الكريه.
ومن أجاز من العلماء تمثيل الصحابة فإنما بنى فتواه على ما جاء في السؤال من أن القصد إظهار مكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب مع التحري للحقيقة وضبط السيرة، وعدم الإخلال بشيء من ذلك بوجه من الوجوه رغبة في العبرة والاتعاظ، ومن عرف حال الممثلين، وما لهم من أغراض وحال الوافدين إلى المسارح، وما يهدفون إليه عرف أن هذا النوع من التصوير للتمثيل مجرد فرض وتقدير يأباه واقع الممثلين وروادهم، وما هو شأنهم في حياتهم وأعمالهم، هذا ما تيسر جمعه وإعداده، والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم،،،،
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب الرئيس
…
رئيس اللجنة
عبد الله بن سليمان بن منيع
…
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
إبراهيم بن محمد آل الشيخ