المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مجلة البحوث الإسلامية   ‌ ‌تقديم لعله توفيق الله سبحانه أن هدانا لاختيار اسم لهذه - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌لائحة الأعداد

- ‌من كلمات جلالة الملك فيصل رحمه الله

- ‌من كلمات سمو ولي العهد. . الأمير فهد بن عبد العزيز حفظه الله:

- ‌سلاح العصر يحمل لواء الدعوة

- ‌المجلة بين الكتاب والصحيفة اليومية

- ‌دعاة أمناء لرسالة عظمى

- ‌القدس. . والفيصل. . والإسلام

- ‌تقديم

- ‌الدين والتدين

- ‌مفهوم الدين

- ‌ البحوث

- ‌مفهوم التدين

- ‌موقف البشر من الديانات ومدى تمسكهم بها

- ‌مستحيل أن تزول الديانات وتتلاشى ظاهرة التدين أمام تيار المادية

- ‌أثر الدين في حياة الفرد والمجتمع

- ‌الخلاصة

- ‌وجوب تحكيم الشريعة الإسلاميةفي شئون الحياة

- ‌أولا: المبادئ والأسس التي تقتضي التحاكم إلى شرع الله

- ‌التسخير الكوني والتسخير الشرعي:

- ‌تحكيم شريعة الله من أركان الإيمان

- ‌ثانيا: النصوص القرآنية الدالة على تحكيم الشريعة الإسلامية

- ‌الكفر العملي والكفر الاعتقادي

- ‌ثالثا: بواعث الخروج عن تحكيم الشريعة الإسلامية

- ‌ باعث النفاق:

- ‌رابعا: آثار الحكم بغير ما أنزل الله

- ‌اللغة العربيةلسان وكيان

- ‌ مقدمة

- ‌حقيقة التلازم بين الإسلام والعربية

- ‌تآمر الأعداء على اللغة العربية

- ‌لغة عربية جديدة

- ‌مقارنة بين أسلوب الحديث النبويوأسلوب القرآن الكريم

- ‌اختلاف الأسلوب ينم عن اختلاف الذاتية

- ‌كعب بن مالكشاعر السيف والقلم

- ‌ظهور الإسلام وانتشاره في المدينة

- ‌أول لقاء الشاعر برسول الله

- ‌الغزوات التي شهدها كعب

- ‌ما نزل فيه من القرآن

- ‌روايته الحديث

- ‌مواقفه من الفتنة الكبرى

- ‌كعب بن مالك أحد شعراء الرسول

- ‌موضوعات شعره في الإسلام

- ‌الفخر والرد

- ‌شعر الوعيد والتهديد

- ‌الهجاء

- ‌إبراز صفات المسلمين في المعارك وإعدادهم لها

- ‌شعر الغزوات

- ‌إجلاء بني النضير

- ‌بدر الآخرة

- ‌غزوة الخندق أو الأحزاب

- ‌المراثي

- ‌نظرة في شعر كعب

- ‌مسلمة بن عبد الملكمجاهد على الدوام

- ‌رواية الحديث عن الخليفة الخامس

- ‌على فراش الموت بين مسلمة وعمر بن عبد العزيز

- ‌حركة الإصلاح الدينيفي القرن الثاني عشر

- ‌ميلاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌النظريات التي قامت عليها الدعوة

- ‌النظرية الأولى

- ‌النظرية الثانية

- ‌النظرية الثالثة:

- ‌آراء بعض المستشرقين في حركته الإصلاحية

- ‌كتابات عن الحركة لقادة الفكر في الشرق

- ‌مراجع عن الحركة

- ‌كتب صنفها الشيخ رحمه الله وأبناؤه وأحفاده

- ‌المفتي في الشريعة الإسلامية

- ‌تعريف المفتي

- ‌منزلة المفتي

- ‌شروط المفتي

- ‌أمور ينبغي للمفتي أن يتفطن لها

- ‌خاتمة

- ‌حكمالسعي فوق سقف المسعى

- ‌الخلاصة

- ‌حكمالأوراق النقدية

- ‌نشأة النقود وتطورها

- ‌قاعدة النقد الورقي

- ‌سر القابلية العامة لاعتبار النقد واسطة تعامل

- ‌آراء فقهية في حقيقة الأوراق النقدية

- ‌الأوراق النقدية أسناد

- ‌ الأوراق النقدية عرض من العروض

- ‌الأوراق النقدية فلوس

- ‌الأوراق النقدية نقد قائم بنفسه

- ‌علة الربا في النقدين

- ‌الخلاصة

- ‌حكمتمثيل الصحابة

- ‌قرار رابطة العالم الإسلامي

- ‌فتاوى الشيخ محمد رشيد رضا

- ‌اشتغال المرأة المسلمة بالتمثيل

- ‌ تمثيل قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

- ‌قرار لجنة الفتوى بالأزهر

- ‌مفاسد تمثيل الأنبياء

- ‌ حكم تمثيل الشخصيات الإسلامية

- ‌قصص الأنبياء في السينما

- ‌أفلام دينية يروج لها أعداء الإسلام

- ‌قرارات هيئة كبار العلماء

- ‌تراجم الفقهاء

- ‌القيمة العلمية للتراجم

- ‌معالم مناهج الفقهاء

- ‌مصنفات الشافعية

- ‌مصنفات الحنابلة

- ‌مصنفات المالكية

- ‌مصنفات الحنفية

- ‌ أساتذة أبي داود

- ‌الباب الثاني:سنن أبي داود

- ‌ أول من صنف السنن

- ‌ثناء العلماء على السنن

- ‌الضعيف في سنن أبي داود

- ‌موازنة بين سنن أبي داود والصحيحين

- ‌زوائد أبي داود

- ‌ المصطلحاتفي تعليقات أبي داود

- ‌مخطوطات كتاب سنن أبي داود

- ‌الكتب التي ألفت حول السنن

- ‌خاتمة

- ‌مراجع البحث

- ‌نظرة الشريعة الإسلامية إلى المخدرات

- ‌المخدرات في الفقه الشافعي

- ‌المخدرات في الفقه الحنفي

- ‌موقفالشريعة الإسلامية من المسكرات والمخدرات

- ‌التوصيات

- ‌التعاون الدولي في مكافحة المخدرات:

- ‌مكافحة الزراعة والإنتاج

- ‌رفع الكفاءة في مكافحة المخدرات:

- ‌مكافحة تعاطي المخدرات:

- ‌أولا: حلقة الخطط والمناهج الجامعية

- ‌ثانيا: حلقة الدعم المتبادل

- ‌رابعا: حلقة التنمية والتطوير

- ‌خامسا:حلقة العلوم والتكنولوجيا

- ‌سادسا: حلقة التربية والتعليم

- ‌التوصيات

- ‌المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي

- ‌حوار مع الأمين العام للأمانة العامة للدعوة الإسلامية

- ‌الدعوة إلى الله

- ‌أسلوب الدعوة وما يجب أن يكون عليه الداعي

- ‌نماذج من دعوة الرسول

- ‌وجوب تبليغ الدعوة والقيام بها

- ‌هيئة التوعية في الحجتستقبل ملايين الحجاج

- ‌تراث من نور

- ‌أخبار إسلامية دولية

- ‌إنارة الطريق البري للحجاج

- ‌كلية القرآن الكريم

- ‌وثائق تاريخية

- ‌المبايعة

- ‌كلمة جلالة الملك خالد بن عبد العزيز حفظه الله

- ‌ أمر ملكي

الفصل: مجلة البحوث الإسلامية   ‌ ‌تقديم لعله توفيق الله سبحانه أن هدانا لاختيار اسم لهذه

مجلة

البحوث الإسلامية

‌تقديم

لعله توفيق الله سبحانه أن هدانا لاختيار اسم لهذه المجلة " البحوث الإسلامية " وأن هذا الاسم لم يأت رمية من غير رام وإنما قد استلهمنا فيه روح العصر حتى نتمكن من مخاطبته.

العصر الذي اقتضت طبيعته البحث والتخصص.

تخصص استوجبه تنوع في فروع المعرفة حتى كل فرع يتعمق في معالجة شئون فرعه ليتمكن من حل معضلاته ومشاكله.

ولقد شهدنا ذلك أوضح ما تكون الشهادة في عصرنا هذا. .!

شهدناه في مجال الهندسة. ذهبوا للتخصص فيها: عمارة، وميكانيكا، وكهرباء، وإليكترونات وهندسة فضاء.

وشهدناه أيضا في مجال الطب. حتى لقد أصبحت إجازة الطب العامة لا تعني في مفهوم صاحبها بل حتى في مفهوم العامة من الناس إلا مجرد خطوة في طريق الطب الطويل.

خطوة ينبغي أن نتبعها خطوات أخرى يتخصص بها الطبيب في معالجة هذا الجزء أو ذاك من أجزاء الجسد فتخصص هذا في " شئون القلب ".

ص: 33

وذاك " للأعصاب ". وآخر " للعظام ". بل لقد أصبح للعالم بعد إطلاق " سفن الفضاء ". . طب متخصص لرواد الفضاء. .؟

هكذا اقتضت طبيعة العصر. .!

وأصبح " للتقدم أحكام وشروط لا بد من استيفائها. وكان خلف هذا التقدم تخصص قدم أبحاثا، وأبحاث تراكمت بنظام حقق وثبات شاهقة في مختلف المجالات.

فإذا سألوك عن معجزة خلف هذه الوثبات فقل ليس في الأمر أسرار ومعجزات ولكنه النظام. . . والتخصص والأبحاث. .!

جعلت عبور مئات الآلاف من الكيلومترات في زمن يسير أمرا ممكنا. .

* * *

ولقد عجب بعض الناس للتطور الهائل الذي طرأ على العلم ولكن الراسخين في العلم كانوا يتجهون بعقولهم إلى " القاعدة " التي طورت هذا العلم فأوسعوا هذه القاعدة بحثا وتأملا. . ولقد علموا أن هذه القاعدة قد احتوت: علماء وأبحاثا وزمنا وتفرغا وجهدا متفانيا ومالا. . وقبل ذلك كله إيمان قد انعقد على اكتشاف كون سخره الله للإنسان.

ولقد عرفنا نحن التخصص منذ فتحنا الكتاب الكريم وسمعنا موسى عليه السلام يدعو الله سبحانه فيقول: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} (1) ويستجيب له سبحانه فيقول: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} (2)

* * *

ونحن قد عرفنا قيمة " الكلمة ".

وعرفنا قيمة " الإقناع " بها. .!

عرفناه. . ثم كان من بعد المعرفة وعي باستخدامها.

وافتح المصحف الذي بين يديك. ورتل ما شاء الله لك أن ترتل من آياته ثم تعال إلى هذه الآيات الكريمة من سورة طه تدرك ذلك معنا أكثر وأكثر. .

فها هي المعجزات تتوالى يؤيد بها الله سبحانه موسى عليه السلام.

{قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى} (3)! "

(1) سورة القصص الآية 34

(2)

سورة القصص الآية 35

(3)

سورة طه الآية 19

ص: 34

{فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} (1)

{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} (2)!

{تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} (3)" حتى إذا أمره الله سبحانه: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} (4) قال موسى عليه السلام {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي} (5) {وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي} (6) {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي} (7)!! {يَفْقَهُوا قَوْلِي} (8)! {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} (9) {هَارُونَ أَخِي} (10) و " هارون " هو الذي أخبرناك بأمره من قبل حين وصفه موسى عليه السلام بقوله: {هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} (11) يوظف بذلك الكفاءات المتخصصة لصالح الرسالة ولأجل إعلاء كلمة الله. .!

يطلب موسى تأييد " الكلمة " وهو المؤيد " بالمعجزات "!

* * *

وهكذا كان الدرس. . .

نتلقاه من قديم في الإعلام فما تفوت حكمته على المؤمن حين تمر السنين فتمر بالمئات. . والآلاف!

إننا في أمس الحاجة لارتياد الكلمات المقدسة التي تنزلت بها عقيدتنا بأعماقها الحكيمة وكما يقول جلاله الملك فيصل رحمه الله: في إشارته التاريخية لتحديد مسارات الثقافة الإسلامية.

أرى أن أول شيء يجب القيام به أن نثقف أنفسنا.

في عقيدتنا. . .

في شريعتنا. . .

وديننا. . .

فالكثير منا " الآن ". . يجهل مزايا الشريعة الإسلامية، والعقيدة الإسلامية لأننا نمر عليها مرورا " سطحيا. . .!

لم نتعمق في مزاياها، ومنافعها، وخيراتها للدنيا والدين.

وأنا على يقين ثابت أن إخواننا المسلمين في جميع الأقطار إذا تثقفوا بالثقافة الإسلامية وتفهموا معاني شريعتهم

(1) سورة طه الآية 20

(2)

سورة طه الآية 22

(3)

سورة طه الآية 22

(4)

سورة طه الآية 24

(5)

سورة طه الآية 25

(6)

سورة طه الآية 26

(7)

سورة طه الآية 27

(8)

سورة طه الآية 28

(9)

سورة طه الآية 29

(10)

سورة طه الآية 30

(11)

سورة القصص الآية 34

ص: 35

وعقيدتهم، فلن ينصاعوا إلى أي شعارات أو كلمات رنانة " (1).

* * *

وكما يشير سماحة الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ في خطابه العميق إلى علماء المسلمين ومفكريهم فيقول إن. " للجهاد مراتب. .

فتارة يكون بالسيف والسنان

وتارة باللسان والبيان.

والجهاد عن طريق الكتابة والإقناع والدعوة له تأثير كبير وخاصة في زمننا الذي بدأ كثير من الناس فيه يبعدون عن العاطفة ويبحثون عن الحقيقة ويتلمسون ما يقنع عقولهم ". .

ثم يتحدث عما يحتاجه العلاج فيقول إنه " يتطلب حشد جميع الطاقات العلمية الصالحة. .! "" فبحشد الطاقات العلمية التي أشرنا إليها يتبين " للمعاندين " و " المغرضين " صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان " ولهذا يقول سماحة الشيخ محمد بن عودة الأمين العام لهيئة كبار العلماء في كلمته الدقيقة وهو يجيب على ذلك التساؤل الملح:

" هل الأمة الإسلامية تحتاج اليوم إلى مزيد من الكلام المقروء والمسموع عبر وسائل الأعلام؟

فيجيب: " الحق ان الداعية اليوم - هو كأي مؤمن ضالته الحكمة أينما وجدها فهو أحق بها - بحاجة إلى النوعين من الاتصال المباشر لأنهما اليوم جانبان متكاملان يدعم كل منهما الآخر.

إذا استعمال هذا السلاح - أعني أجهزة الاعلام - مهم في معركتنا وأهم من ذلك أن نستعمل هذا السلاح بكل مقدرة وحنكة وذكاء. "

ويقول في موقع آخر " ليس من الحكمة في شيء أن يهملها الداعي ويترك للأعداء فرصة الانفراد بالاستفادة بها ".

* * *

وينطلق الدعاة .. حاملين مشكاة النبوة لا تأخذهم في الله لومة لائم ..

كما يقول فضيلة رئيس التحرير الشيخ عثمان الصالح ومن "المملكة العربية السعودية" ومن أقداسها ينطلق كل مصلح ويجاهد كل مناد للسلام والإسلام وما زالت

(1) من خطبة جلالة الملك فيصل وفقه الله في موسم حج 1389 هـ.

ص: 36

ولن تزال هذه الدولة بقيادتها الرائدة وآمالها الصائبة ونظراتها لسانا وسيفا. . " كما اتخذ الدعاة " من هذه الأسرة الكريمة - الأسرة السعودية - سيوفا تحمي هذه الغاية وعرينا يتحصنون فيه لحراسة الحق ونصره. . ".

وهكذا كان الأمر حينما فكرنا إصدار " مجلتكم البحوث الإسلامية " في عصر تتصارع فيه أجهزة الإعلام على عقل الإنسان وروحه.

وهكذا اقتضى أمر النزول إلى حلبة الصراع دفاعا عن الإسلام وكلمة الله إلى خلقه. . حتى تكون هي العليا وهكذا كان ميلاد " الخطة " أو قل " فكرة الخطة " لهذه المجلة.

نرجو أن تتكامل ملامحها خلال الأعداد المقبلة من خلال جهد نبذله فنخلص في بذله ما وسعنا الجهد.

" وشورى " نسعى إليها ونتلمس حكمتها أنى وجدناها. .

" وتخصص " نطالب أصحابه بالكتابة إلينا ونحن ندرك ما يحتاجه التخصص من بحث متفان يتطلب جهدا ومراجعة وإخلاصا ومشغلة. .

تلك أمور لا نغفلها ولا نبخل عليها ولا تخرج عن دائرة اهتماماتنا المتصلة.

ثم نحن نأتي بالأبحاث فنعرضها ثم نخرجها في ثوب يليق بالعصر الذي نعيشه. .

ص: 37

مجلة

البحوث الإسلامية

وفي البحث الأول من العدد الأول من مجلتكم تعرضنا " للدين والتدين " وهو أمر غرسه الله في فطرة الإنسان منذ وجد آدمي على أرضنا. . وهي باقية فينا ما شاء الله لنا أن تبقى على هذه الأرض. .

ثم هي في " أنسالنا " حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (1)

هذه بداية منطقية. . بدأنا بها.

فما من جماعة بشرية على مدى التاريخ الطويل. . وعلى خلاف بينها كان في بداوة أم حضارة وتخلف أو ارتقاء إلا عرفت الدين.

فهناك من عبد " الشمس ". . . . . . . . . . . . . . .

وذاك من عبد " القمر ". . . . . . . . . . . . . . .

ووجد من عبد " النار "

بل عرفت البشرية من عبد " الشجر " و " البقر ". . و " الثور ". .!!

(1) سورة الأعراف الآية 172

ص: 38

وقبل هذا. . وبعده. .! عبد الناس الناس حتى لقد قالها فرعون يوما: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} (1) وقال لوزيره هامان: {فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} (2)؟ " ثم علمت العقول من بعد أن هذه كلها " مخلوقات ". لا تملك لهم " ضرا " ولا " نفعا " ولا " موتا " ولا " حياة " ولا نشورا. ومع ذلك فإن العقول التي وصلت بفطرتها إلى الله، لا تستطيع أن تستقل استقلالا تاما بمعرفة الله لهذا اقتضت حكمته تعالى أن يرسل للناس رسلا مبشرين ومنذرين. فكان هؤلاء بالنسبة لأممهم بمنزلة العقول من الأشخاص. ولكن على أي صورة بدأت العقيدة الدينية؟ وهل بدأت الديانات السماوية واستمرت تنزل ديانة إثر ديانة على نمط واحد ثم انتهت وهي على هذا النمط دون تغير ولا تطور؟

أم أنها بدأت على نمط خاص ثم تطورت إلى أنماط مختلفة، ثم انتهت بنمط آخر هو نسيج وحده؟

ثم. . . لماذا اتحدت الشرائع السماوية في أصولها واختلف في فروعها؟

ثم. . . لم كانت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافة، بل وللإنس والجن جميعا؟

وما موقف البشر من الديانات ومدى تمسكهم بها؟

وهنا يقدم لنا فضيلة الشيخ محمد حسين الذهبي إجاباته باسترسال منطقي مركز وأسلوب علمي يتماشى مع إيقاع العقل خطوة بخطوة. . في بحثه عن الدين والتدين.

* * *

وإذا تأملنا ما أصاب حياتنا البشرية سواء في تاريخها المتناهي قدما أم في تاريخها الحديث من شرور عظمى في اجتماعها أو اقتصادها أو طريقة حكمها أم في حروبها الضارية الفتاكة.

إذا تأملنا كل ذلك فأحسنا تأمله فلا بد أنا رادوه لعدم تطبيق شريعة الله في خلق الله فالله سبحانه وتعالى أدرى بخلقه وما يصلح لهم.

وما من مصيبة تحيق بالناس إلا وهم قد وضعوا بذرتها فأنزلت عليهم حجارة من سجيل وما جرى في حياة الناس من شر ثم استوى فاستغلظ إلا لأنهم ابتعدوا عن تحكيم شريعته.

تلك عمومية لا بد من استقرارها وإقرارها في الأنفس. . ثم تأتي من بعد كل التفاصيل على مهل.

ولذلك يؤكد فضيلة الشيخ مناع القطان في بحثه القيم " وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية " ما حدده الإسلام

(1) سورة القصص الآية 38

(2)

سورة القصص الآية 38

ص: 39

من أن غاية الإنسان في الحياة تتضح من قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (1)

والعبادة نوع من الخضوع لا يستحقه إلا المنعم بأعلى أجناس النعم. .

كالحياة. . . . . .

والسمع. . . . . .

والبصر. . . . . .

وكما يعرف الإمام الجليل ابن تيمية العبادة فيقول " العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ".

إنها الإذعان لله. بينما يعني الخضوع لأي سلطة أخرى خضوعا للطاغوت.

وبهذا يكون " الحكم " بغير ما أنزل الله طاغوتا. .

ويكون " الحاكم " الذي يحكم بغير ما أنزل الله طاغوتا. .

ويكون الخضوع لهذا الحاكم أو لذلك الحكم " عبادة للطاغوت. .

* * *

ولا يغرب عن البال أن فهم أمور ديننا يرتبط ارتباطا وثيقا بحسن فهم اللغة العربية فقد أنزل الله تعالى القرآن الكريم بلسان عربي مبين. . وكان الحديث النبوي بأفصح بيان عربي.

من هنا تفهم خطورة المحافظة على اللغة العربية. . ومن هنا أيضا تفهم كل المحاولات التي تبذل من أنصار " العامية " للقفز على سور اللغة الإستراتيجي يريدونها خطوة. .!

يعقبها خطوات لهدم هذا الدين وتفريق اللسان العربي الواحد ألسنة شتى. وحاشا لله أن يصلوا لأغراضهم ولهذا فإن النشاط المعادي للإسلام عمد إلى الترويج للهجات العامية لتصبح لغة التأليف والكتابة وخاصة في وسائل المخاطبة الحديثة التي توجه للملايين من جماهير المسلمين. في الصحافة والإذاعة والتليفيزيون وهذا النشاط المعادي إنما " يعمل لهدم اللغة العربية بحسبانها لسان الدين الإسلامي " كما يقول الأستاذ الفاضل أحمد محمد جمال كما أن هؤلاء الأعداء كانوا يفهمون " حقيقة التلازم القوي بين انتشار الإسلام بالعربية وانتشار العربية بالإسلام ". ولقد عدد الكاتب في بحثه خمسة عشر محاولة بين مستشرق ومن سماهم بحق من " العرب المستغربة " للقضاء على " لغة القرآن " و " لغة السنة النبوية ".

* * *

(1) سورة الذاريات الآية 56

ص: 40

ومن نفس المنطق اللغوي نقرأ بحث الأستاذ الدكتور مصطفى الزرقا في التفرقة بين أسلوب القرآن الكريم وأسلوب الحديث النبوي.

وهو يتحدث عن هذا التمايز فيقول: إنه إذا كان من المسلم به لدى أهل البصر الأدبي أنه يتعذر على الشخص الواحد أن يكون له أسلوبان في بيانه يختلفان اختلافا كبيرا فإن ذلك يرد على زعم بعض الأجانب الذين يدعون أن القرآن هو مجموعة من تأليف النبي عليه الصلاة والسلام.

* * *

ولقد أنزل الله هذا الكتاب الكريم على قلب نبيه. . فهل أنزله ليكون كتابا للجدل والمناقشة؟ أم جاء ليكون هدى للناس كافة. . يعيشون به نماذج تمشي على الأرض تسكب في جنباتها العدالة والبر والتقوى. لقد جاء القرآن ليتمثل الناس آياته أخلاقا عملية وفي الحديث عن السيدة عائشة أنها سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت «كان خلقه القرآن (1)» . رواه مسلم. كما في تفسير القرطبي للآية الكريمة {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (2) وإذن فالقضية قضية أتباع واتباع. . أناس يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وبلغة العصر يعيشون في المعامل والجامعات وفي المزارع والمصانع. . ويسلكون في شئون العلوم والإدارة وفي السلم والحرب وفي المالية والاقتصاد بأخلاق القرآن وتعاليم القرآن.

من هنا تأتي أهمية التراجم:

وكعب بن مالك هذا الذي نقدمه أو قل الذي يقدمه لنا الدكتور محمد محمد خليفة قد أسلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وافتدى الإسلام بسيفه قبل قلمه. .

فمنذ التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم وعرفه به العباس قائلا: هذا كعب بن مالك!!

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: الشاعر!؟

منذ ذلك التاريخ وكعب مع حركة المد الإسلامي حتى وفاته. .

ولكن شاعرنا هذا بطل السيف والقلم لما جرت به الحياة كما تجري بالناس وقعت الدنيا في قلبه. .!

وكان أن تخلف عن غزوة تبوك. .

وهو إذا تخلف كان بارزا. . بارزا في صدقه. . يقول: -

ما تخلفت عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أني كنت قد تخلفت في غزوة بدر، وكانت غزوة لم يعاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا تخلف عنها، وتخلفت في تبوك و " كنت قويا ميسورا! "

(1) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (746).

(2)

سورة القلم الآية 4

ص: 41

فانظر - وإنا لنتأمل معك - كيف يكون النموذج الصادق مع نفسه ومجتمعه. إنه لا يتسربل برداء الإسلام ثم يزيد من إحكام مظاهره حول نفسه كلما بعد عن تطبيقه في نفسه وسلوكه. .!؟

ولقد استمعت إلى حواره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأني أشهد مجلسهما بعد عودته صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك يقول: يا رسول الله. . لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بضرر ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب لترضين عني وليوشكن الله أن يسخطك علي، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه، إني لأرجو عقباي من الله ".

وإننا لنتلفت من حولنا، ونتأمل ما يجري في عالمنا فنزداد يقينا - نعتقد أنكم تشاركوننا فيه - بأن المجتمع العالمي لا يمكن أن تصلح حاله إلا بمثل هذه التربية تغوص وتستقر في أعماق الضمائر.

* * *

ثم تنتقل بنا الرؤيا إلى درة من الدرر التي صاغها الإسلام في عقده الفريد.

" مسلمة بن عبد الملك ".

جندي. . قائد جيش. . تربى وروى الحديث عن عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين. . فإذا اقترن اسمه باسمه عمر. . فكيف تظنون سيرته بعد ذلك؟

ظل أبو سعيد مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم القرشي الأموي الدمشقي يحمل سلاحه أكثر من خمسين عاما يصون به حرمات المسلمين. وكان كما يقول الدكتور أحمد الشرباصي نقلا عن ابن كثير " كان في زمانه نظير خالد بن الوليد في أيامه، وحينما أوصى عبد الملك بن مروان أولاده وفيهم مسلمة قال عنه " يا بني أخوكم مسلمة، نابكم الذي تفترون عنه، ومجنكم الذي تستجنون به، أصدروا عن رأيه ".

وقبل أن نعد المعارك التي دخلها وهي كثيرة لا بد لنا أن نتأمل حقيقة الصلة التي ربطت بينه وبين الخليفة الراشد فقد كانت السبب الجوهري في تكوينه على هذا المنوال. حتى آخر لقاء بينه وبين عمر رضي الله عنه على فراش موته.

* * *

وتمر الأيام. . يداولها الله بين الناس فيتلقى منهم من شاء له الله الهداية من مرورها وتداولها ما شاء من الحكمة. . {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ} (1)! وكان من فضله علينا ألا يعامل هذه الأمة

(1) سورة البقرة الآية 269

ص: 42

كما عامل اليهود حين قست قلوبهم. . إذ حملوا التوراة ثم لم يحملوها. .؟ فيرسل الله من يذكر هذه الأمة بدينها. . ففي بلدة العينية ومن بيت علم محافظ ولد الشيخ المصلح محمد بن عبد الوهاب عام 1115 هـ 1703 ميلادية حتى إذا شب نهل المعرفة وطلب العلم في الحجاز والعراق. ويشب فيلقى ما يلقى من عنت واضطهاد وهو يصلح ما أفسده تقادم العهد على شريعة السماء. ويضيق عليه وتصادر حريته حتى ينزح بعد سلسلة الاضطهادات إلى بلدة الدرعية عاصمة ملك آل سعود (شمال الرياض) ويتعاقد مع أميرها محمد بن سعود على نشر تعاليمه التي هي في الواقع تعاليم الإسلام الصحيح وكانت النتيجة المنطقية لهذا التحالف بين السيف والكتاب أن اتسع نطاق الإصلاح تحت ظلال العلم الأخضر الذي يحمل شعار الإسلام وكلمته.

وإذ يتوفى المصلح سنة 1206 هـ - 1787 م تستمر الدعوة على يد ذريته من بعده بأفضل شريعة جاءت من السماء. ويشاء الله سبحانه إذ يتوفى رأس الدولة السعودية الأولى محمد بن سعود أن يظل سيف الله مسلولا بيد أبنائه من بعده يناصرون به الحركة الإصلاحية الدينية. ويعاضدون خلفاء المصلح حتى الوقت الحاضر. رافعين رايات الإسلام في زمن يتطلع فيه أكثر من سبعمائة مليون مسلم إلى مكانتهم في عالم تجتاحه الردة والإلحاد والأنشطة المعادية للإسلام.

* * *

وقبل أن تقوم المجلة بعرض مجموعة الفتاوي القيمة الصادرة عن هيئة كبار العلماء في ثلاثة أقسام رئيسية.

* في العبادات.

* في الاقتصاد.

* في الفنون والآداب.

فإننا نعرض للبحث القيم الذي قام به وأعده الأستاذ عبد العزيز الربيعة المدرس بكلية اللغة العربية حول المفتي في الشريعة الإسلامية. " ذلك المنصب العظيم، الذي يتصدى صاحبه لتوضيح ما يغمض على العامة من أمور دينهم، ويرشدهم إلى المناهج المستقيمة، التي في سلوكهم لها فلاحهم ونجاحهم، ولهذا سموا أولي الأمر، وأمر الناس بطاعتهم. . . ولكي يتبعهم الناس فإنه ينبغي أن يتحلوا بحسن السيرة والورع والعفة عن كل ما يخدش الكرامة وأن يكون المفتي كما يقول الإمام القرافي (رحمه الله). . .

" قليل الطمع. .

كثير الورع. .

فما أفلح مستكثر من الدنيا، ومعظم أهلها وحطامها ".

ص: 43

بل إنه ينبغي له أن يتجاوز صفاء الجوهر إلى حسن المظهر وجمال الزي الذي يتناسب مع الوضع الشرعي إذ الخلق مجبولة على تعظيم الصورة الظاهرة. .! ورحم الله عمر بن الخطاب إذ يقول: " أحب إلي أن أنظر القارئ أبيض الثياب. . أي ليعظم في نفوس الناس، فيعظم في نفوسهم ما لديه من الحق. . أما من ناحية التطبيق فمن البديهي أن يبدأ المفتي بنفسه في كل خير يفتي به فذلك أدعى لقبول أقواله لدى سامعيه.

وليس أدل على أهمية موضوع المفتي من قول الأستاذ عبد العزيز الربيعة: " كان الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية في أفرادها، ومن يتصدر للفتيا في دين الله، سبب قوي جعلني أفكر في موضوع هذا البحث. . . كما كان لبعض جوانبه أثر في نفس أقوى من الجوانب الأخرى، تلك هي ما يتصل بالأسس الأصيلة التي ينبغي عليها تكوين المفتي، والمطالب الهامة التي ينبغي أن يتصف بها ويترسمها في حياته العامة. . "

* * *

وبهذا يكون قد آن الأوان لنقدم لك مجموعة الفتاوي الهامة التي تقدمها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية وهي ثلاثة رتبناها على النحو التالي.

البحث الأول في العبادات: عن حكم السعي فوق سقف المسعى.

والبحث الثاني في الاقتصاد: عن حكم الأوراق النقدية.

والبحث الثالث في الفنون والآداب: ويتناول حكم تمثيل الصحابة في فيلم أو مسرحية.

* * *

والسعي فوق سقف المسعى يأخذ حكمه من الآتي: إذا كان حكم أعلى الأرض وأسفلها تابع لحكمها في التملك والاختصاص فيمكن أن يقال تبعا لذلك أن السعي فوق الطابق الذي جعل سقفا لأرض المسعى له حكم السعي على أرض المسعى.

ويستفاد من رواية أم سلمة حين اشتكت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: «طوفي وأنت راكبة (1)» وغير ذلك من الأدلة التي ساقها البحث. فإنه إذا جاز للحاج أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة راكبا لعذر باتفاق. بل إذا جاز لغير المعذور أن يسعى راكبا وإن كان المشي له أفضل وفيها خلاف إن كان يجزئه وعليه شيء أو لا شيء عليه فمن باب أولى القول بجواز السعي فوق سقف المسعى. .

وهكذا يستطرد البحث في سرد الأدلة على جواز السعي على هذه الصورة.

(1) صحيح البخاري كتاب الصلاة (464)، صحيح مسلم الحج (1276)، سنن النسائي كتاب مناسك الحج (2925)، سنن أبو داود المناسك (1882)، سنن ابن ماجه المناسك (2961)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 319)، موطأ مالك الحج (832)، سنن الدارمي الطهارة (742).

ص: 44

وأما البحث الثاني فيتناول ما قيل من أقوال فقهية في حقيقة الأوراق النقدية من حيث اعتبارها أسنادا أو عروضا أو فلوسا أو بدلا عن ذهب أو فضة أو نقدا مستقلا وما يترتب على ذلك من أحكام شرعية. كما استمعت هيئة كبار العلماء إلى آراء بعض المتخصصين في النقد والعلوم الاقتصادية.

وقد انتهت الهيئة بأكثريتها من ذلك إلى القول بأن الورق النقدي يعتبر نقدا قائما بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان. ويترتب على ذلك أحكام هامة انتهى إليها البحث وعلى سبيل المثال فإننا نذكر منها: -

1 -

جريان الربا بنوعيه فيها كما يجري في الذهب والفضة وما يترتب على ذلك من أحكام.

2 -

وجوب زكاتها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة وكانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها.

* * *

إذ ننتهي من ذلك البحث القيم فإننا ننتقل لبحث كثر فيه الجدل وتناولته أجهزة الإعلام وتداوله الناس في مجالسهم. . عن حكم تمثيل الصحابة في شكل رواية أو مسرحية أو فيلم سينمائي. فيتعرض البحث لمكانة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويتحدث عن مشاهدة التمثيل. وحال محترفي التمثيل. وأغراض التمثيل والمؤلفات التاريخية كما يتعرض لفتاوي الشيخ رشيد رضا رحمه الله. وقرار رابطة العالم الإسلامي. وحكم اشتغال المرأة المسلمة بالتمثيل ثم تطرق إلى السؤال: هل يمكن تمثيل الأنبياء؟

كما ورد في البحث فتوى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف عن حكم تمثيل الشخصيات الإسلامية.

وتبتدي أهمية البحث لما له من اتصال يومي عملي بمصالح ملايين المسلمين في مواجهة " الغزو الإعلامي المنظم للنفسية الإسلامية ". .

الأمر الذي دعا أحد الديبلوماسيين المصريين وكان قد شاهد بعض الأفلام المصرية في أندونيسيا إلى القول لقد " كان لتفاهتها أسوأ الأثر في نفوس الذين شاهدوها لدرجة اضطرت معها سفارتنا هناك إلى التدخل والنصح باتباع سياسة معينة في هذا الشأن ".

ويقول الأستاذ محمد علي ناصف (1)" إن بعض الأفلام الدينية التي رخصنا بصنعها ولا تزال تعرض حتى الآن لا يرغب أعداء المسلمين في أكثر من الحصول على حق توزيعها. . فقد نلنا من شخصية خالد بن الوليد في هذا الفيلم ما عجز عن نيله الروم والفرس. . .!! ".

بل لقد بلغ الأمر أن المخرج سيسيل دي ميل كان يبحث عن ممثل يسند إليه القيام بتسجيل " صوت الله " باللغة

(1) مجلة الأزهر المحرم 1382 (قصص الأنبياء في السينما)

ص: 45

العربية في الطبعة التي ستوزع من فيلم الوصايا العشر في البلاد الإسلامية. . .؟؟

* * *

فإذا انتهينا من ذلك فإننا نقدم موضوعا للأستاذ عبد الفتاح الحلو عن تراجم الفقهاء. . يعقبه كتاب العدد عن الفقيه الإمام أبو داود. . فعن طريق معرفة حياة الفقيه الخاصة والعلمية وما لقيه في حياته من يسر أو عسر، وأساتذته الذين درس عليهم، ورحلاته. . . إلخ. عن طريق كل ذلك كما جاء في موضوع تراجم الفقهاء. . تتاح لنا الرؤية الصحيحة لعلم الفقيه، كما تكشف في نفس الوقت المصدر الأصلي لكل قول في المسائل الفقهية التي ندرسها، كما أن هذه الكتب تعرض فيما تعرض مثلا عليا عاش عليها الفقهاء، وسلوكا رائعا في مواجهة من يريدون طمس الحق، أو تزوير العدالة وفي تقديم مثل هذه التراجم - وهو ما حدث في كتاب العدد الذي قام به فضيلة الشيخ محمد الصباغ خير قيام ما ينشئ الأجيال على أسس راسخة قوية لا تستغني أمة تريد البقاء عنها.

* * *

ورغبة من المجلة في تسجيل أهم الأحداث العلمية في المملكة حتى يتسنى للعلماء المسلمين خارج المملكة أن يطلعوا عليها وأن يتصلوا بمصادرها الأصلية إن شاءوا دراسة كاملة لها. فقد حرصنا أن نقدم موجزا عن ثلاثة مؤتمرات:

1) المؤتمر العربي لشئون المخدرات وقد انعقد في الفترة من 25 - 30 شوال بالرياض.

2) مؤتمر رسالة الجامعة من 2 - 11 - 1394 إلى 5 - 11 - 1394هـ.

3) المؤتمر الاقتصادي العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي وينعقد في شهر ربيع الأول 1395 بجامعة الملك عبد العزيز.

ويكفي للدلالة على النهضة العلمية التي تضطرم بها جنبات المملكة في عهد جلالة الملك فيصل رحمه الله.

إن مؤتمر المخدرات قد اشترك فيه ست وعشرون دولة وأربع عشرة منظمة عربية ودولية وثماني جامعات عربية ومركز للأبحاث عدا سبع جامعات من المملكة وحدها وقد استضافته المملكة رغم أنه " لا تزال ظاهرة استعمال

ص: 46

المخدرات لدينا محدودة بفضل ما تتمتع به المملكة من وضع اجتماعي مستقر ومن تطبيق للشريعة الإسلامية السمحة ". كما صرح بذلك صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية في حفل افتتاح مؤتمر المخدرات.

أما مؤتمر رسالة الجامعة فقد اشترك فيه 249 عضوا من أساتذة الجامعات والباحثين وكبار الموظفين في مختلف وزارات الدولة وأجهزتها وبفضل الإخلاص والتنظيم العلمي فقد بحثت موضوعات على جانب كبير من الأهمية واستطاع المؤتمرون أن يخرجوا بمائة وست وثلاثين توصية سوف يكون لها أثرها العميق في تطوير رسالة الجامعة وفي تقدم المملكة العربية السعودية في ظل رائدها القائد الإسلامي المحنك جلالة الملك فيصل رحمه الله.

أما المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي فيكفي للدلالة على أهميته أنه يعتبر المؤتمر الأول من نوعه في العالم.

وأنه يقوم بعبء رسالة من أجل الرسالات وفي مقر الرسالة الأول ومبعثها في مكة المكرمة نسأل الله التوفيق.

ونسأله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

التحرير

ص: 47