المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المحتويات الافتتاحية أهمية التمسك بعرى الإسلام وأركانه لسماحة الشيخ عبد العزيز بن - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ تمهيد

- ‌ النقول عن شراح الحديث:

- ‌ النقول عن المؤرخين:

- ‌ النقول عن الفقهاء:

- ‌ ما مدى صحة حديث: «إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي

- ‌ ما مدى صحة حديث: «من عشق فعف وكتم مات شهيدا»

- ‌النصاب من شروط وجوب الزكاة

- ‌إذا بلغ الباقي بعد النفقة نصابا ففيه زكاة

- ‌كلما حال الحول على المال ففيه زكاة

- ‌المال المجموعمن عدة أفراد للحاجة لا يزكى

- ‌حكم الزكاة في المبالغالمرصودة تعويضا عن نزع ملكيات العقار

- ‌حكم زكاة المال الموصى به

- ‌ما حكم زكاة الدين الذي لم يوف

- ‌أقوال العلماء حولكون الدين مانعا من الزكاة

- ‌بهيمة الأنعام إذا لم تكنسائمة أغلب الحول فلا زكاة فيها

- ‌حكم زكاة الفواكه والخضروات

- ‌ما يسقى بالأمطار والأنهار فيه العشروما يسقى بالمكائن فيه نصف العشر

- ‌يجب إخراج زكاة الحليمنذ العلم بوجوبها

- ‌حكم زكاة العملة الفضيةالتي لم تزك منذ (20) سنة

- ‌زكاة الحلي على مالكها

- ‌كيفية زكاة الذهبالمرصع بفصوص وأحجار كريمة

- ‌حكم زكاة المعادن الثمينة

- ‌لا تسقط الزكاة في المالبنية الزواج به أو غير ذلك

- ‌حكم التعامل مع البنوك بالربا وزكاتها

- ‌هوايته جمع الفلوس المختلفة فهل يزكيها

- ‌زكاة قلم الذهب

- ‌حكم زكاة الأرض التي يترددصاحبها في بيعها ولم يجزم بشيء

- ‌كيفية زكاة الأراضي المعدة للبيع والتأجير

- ‌حكم الزكاة على السيارات المعدة للنقل

- ‌الأدوات التي تستعمل في المحل لا تزكى

- ‌كيفية زكاة البضائع كالأقمشة ونحوها

- ‌زكاة مساهمة الأراضي

- ‌زكاة الأسهم في الشركات

- ‌زكاة الفطر فرض على كل مسلم

- ‌حكم إخراج زكاة الفطرمن غير الأصناف المنصوص عليها

- ‌المشروع توزيع زكاةالفطر بين فقراء البلد

- ‌حكم من نسي إخراجزكاة الفطر قبل صلاة العيد

- ‌الواجب البدار بإخراجالزكاة وسؤال الثقات عن مستحقيها

- ‌حكم تأخير إخراج الزكاة عدة أشهر

- ‌حكم تأخير زكاة العروضفي حق من لم يملك النقود

- ‌نصح وتذكير لمن لم يخرج الزكاة

- ‌من ترك إخراج الزكاةلزمه إخراجها عما مضى من السنين

- ‌الجهل بفرضية الزكاة لا يسقطها

- ‌إخراج الزكاة من مال الطفلة

- ‌حكم إخراج الزوج زكاة زوجته من ماله

- ‌حكم إخراج الزكاةفي غير بلد المزكي

- ‌حكم إخراج الزكاةعروضا عن العروض وعن النقود

- ‌دفع الزكاة للجمعيات الخيرية

- ‌يجب على الوكيلفي توزيع الزكاة تنفيذ ما قاله موكله

- ‌حكم اعتبار ما يدفعلمصلحة الزكاة والدخل من الزكاة

- ‌حكم إعطاء الوكيل أجرة على توزيع الزكاة

- ‌تحرير المقال والبيان في الكلام على الميزان

- ‌ بيان الموزون

- ‌حكم التسمية عند الوضوء:

- ‌صيغة التسمية:

- ‌حكم ترك التسمية ونسيانها:

- ‌الخاتمة:

- ‌المبحث الأول: أنواع الحقوق التي تحميها العقوبات:

- ‌المبحث الثاني: الآثار المترتبة على اعتبار الجرائم اعتداء على حق الله أو حق العبد:

- ‌المطلب الأول: الخصومة والدعوى:

- ‌المطلب الثاني: الإرث بحق الدعوى والشكوى:

- ‌المطلب الثالث: العفو:

- ‌المطلب الرابع: التوبة:

- ‌المطلب الخامس: التناسب بين الجريمة والعقوبة:

- ‌المطلب السادس: الصلح والاعتياض:

- ‌ أسباب الضمان:

- ‌مسائل ضمان البئر:

- ‌وضع علامة على البئر وسدها:

- ‌شروط ضمان البئر:

- ‌ مسائل خاصة في المذهب المالكي:

- ‌ما يضمن في البئر:

- ‌الحفر في الموات:

- ‌ الحفر في الطريق الواسع:

- ‌ الحفر في الطريق الضيقة:

- ‌ الاشتراك في حفر البئر:

- ‌ حفر البئر لمصلحة نفسه:

- ‌إذن الإمام بعد الحفر:

- ‌ حفر البئر في الطريق وقصد الضرر:

- ‌ الطريق المشترك:

- ‌ البئر في المسجد:

- ‌ حفر للمصلحة في المسجد:

- ‌ دخل الدار بإذن المالك فسقط في البئر ومات:

- ‌ دفاع المالك عن الحافر تعديا:

- ‌ حفر في فناء الدار:

- ‌ استأجر حافرا ليحفر في فناء داره:

- ‌ أعلم الحافر أنه ليس فناءه:

- ‌ أعلمه أن ليس له الحفر:

- ‌ الأجرة وعدمها:

- ‌ نصف في الملك ونصف في الفناء:

- ‌ ضمان موضع التعدي:

- ‌ حفر في ملك الغير:

- ‌ حفر متعدية فدخل آخر متعديا:

- ‌ ضمان الداعي للدخول والحافر عدوانا:

- ‌ متى يبرأ من الضمان

- ‌ أبرأه المالك من الضمان:

- ‌ حفر في ملك مشترك:

- ‌ مات بسبب السقوط في البئر أو جوعا وغما:

- ‌ إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى المباشر

- ‌ المباشر ضامن وإن لم يتعد أو لم يتعمد

- ‌ المتسبب لا يضمن إلا بالتعدي:

- ‌ الاشتراك في الضمان:

- ‌ الجذب في البئر:

- ‌ الاختلاف في الدعوى:

- ‌ اختلفا في كشف البئر:

- ‌ اختلفا في إعلام الداخل:

- ‌ اختلفا في تعمد السقوط:

- ‌ الإجارة على الحفر وغيرها من المنافع:

- ‌ وقعت على الأجراء والحفر في الطريق:

- ‌ حفر في دار مستأجرة (ملك المنفعة):

- ‌ حفر في الدار الموقوفة أو الموصى بها (ملك المنفعة):

- ‌ حفر في الدار المستعارة (ملك الانتفاع):

- ‌ حفر في داره المؤجرة أو المرهونة:

- ‌ حفر داخل الحرم:

- ‌ منع الجار جاره من الحفر:

- ‌ أمر السلطان والإكراه:

- ‌ إكراه السلطان:

- ‌ نقصان الدار بالحفر:

- ‌ حفر العبد:

- ‌ سقط اثنان فعفا أحد الوليين:

- ‌ حفر بإذن مولاه ثم أعتقه وسقط المعتق في البئر:

- ‌ أعتقه قبل الحفر:

- ‌ حفر المكاتب والمدبر:

- ‌الخاتمة:

- ‌غزوة تبوك وما فيها من المعجزات

- ‌سبب الغزوة:

- ‌منازل الناس في الغزوة:

- ‌معجزات نبوية:

- ‌خاتمة:

- ‌الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌أمر ملكي بتعيين فضيلة الشيخعبد العزيز آل الشيخ مفتيا عاما للمملكة

- ‌سماحة المفتي في سطور

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌المحتويات الافتتاحية أهمية التمسك بعرى الإسلام وأركانه لسماحة الشيخ عبد العزيز بن

‌المحتويات

الافتتاحية

أهمية التمسك بعرى الإسلام وأركانه لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 7

بحث اللجنة

كسوة الكعبة المشرفة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 21

الفتاوى

من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 67

من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله 107

البحوث

تحرير المقال والبيان في الكلام على الميزان تحقيق / بدر بن محمد بن محسن العماش 145

حكم التسمية عند الوضوء د. / عبد الكريم بن يوسف بن عبد الكريم الخضر 175

ص: 4

أنواع الحقوق التي تحميها العقوبات الشرعية والآثار المترتبة عليها د. / علي بن عبد الرحمن الحسون 205

البئر وضمانه د. / ياسين بن ناصر الخطيب 233

غزوة تبوك وما فيها من المعجزات للدكتور / محمد بن سعد الشويعر 315

بيان من هيئة كبار العلماء 357

الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله 363

بيان من الديوان الملكي ينعي سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله 373

بيان من الديوان الملكي بتعيين سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ مفتيا عاما للمملكة العربية السعودية 375

سماحة المفتي في سطور 377

ص: 5

صفحة فارغة

ص: 6

أهمية التمسك بعرى الإسلام وأركانه

لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:

فالزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس- يعني على خمس دعائم-: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (1)» متفق على صحته.

وقد أكثر الله من ذكرها في كتابة العظيم؛ لعظم شأنها وشدة حاجة أهلها إليها؛ ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ويكفي لعظم شأنها أنها قرنت بالتوحيد والصلاة قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (2)، ويقول سبحانه في سورة التوبة: فإن تابوا (أي: من الشرك)، {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (3).

(1) رواه البخاري في (الإيمان) باب بني الإسلام على خمس برقم (8)، ومسلم في (الإيمان) باب بيان أركان الإسلام برقم (16).

(2)

سورة البينة الآية 5

(3)

سورة التوبة الآية 5

ص: 7

وجاء ذلك في آيات كثيرات، وفي الأحاديث الصحيحة أيضا الشيء الكثير من ذلك، ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (1)» .

وقد ثبت عن معاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن معلما ومرشدا وداعيا إلى الله عز وجل أنه قال له: «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله (2)» ، وفي لفظ:«فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله (3)»

والمعنى: ابدأ بالتوحيد والتوجه بالعبادة لله وحده، فهذا أهم أمورهم وهو توحيد الله وتقواه وهو أوجب الأمور، ولهذا بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوة الناس إلى الله.

(1) رواه البخاري في (الإيمان) باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة برقم (25)، ومسلم في (الإيمان) باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله برقم (22).

(2)

رواه البخاري في (الزكاة) باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء برقم (1496)، ومسلم في (الإيمان) باب الدعاء إلى الشهادتين برقم (19) واللفظ له.

(3)

رواه البخاري في (التوحيد) باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم برقم (7272).

ص: 8

فقد مكث صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يدعو إلى التوحيد قبل أن تفرض الصلوات والزكاة، يدعو الناس إلى أن يخصوا الله بالعبادة وأن يخلعوا ما كانوا يعبدون من دون الله من أصنام وأوثان وغير ذلك. ثم بعد ذلك فرضت الصلوات واستمر في الدعوة لتوحيد الله.

فالتوحيد هو أحب الأمور إلى الله وأوجبها على العبد وهو: (إخلاص العبادة لله وحده) فلا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا به ولا يتوكل إلا عليه مع الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان بأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين.

وأكثر الخلق في إعراض عن هذا الأمر العظيم وعدم إقبال عليه إنما يتبعون أهواءهم كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (1).

فيجب على كل مكلف من الجن والإنس أن يتقي الله وأن يعبد الله وحده؛ لأنه خلق لهذا الأمر كما قال الله تعالى في سورة الذاريات: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2).

فالإنسان خلق ليعبد ربه وليخصه بالعبادة وليدعوه وليستغيث به وليخافه ويرجوه وليصلي له وليصوم له وليزكي له وليحج له، فكل العبادات يجب أن تكون لله وحده كما قال سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3){لَا شَرِيكَ لَهُ} (4).

(1) سورة الفرقان الآية 44

(2)

سورة الذاريات الآية 56

(3)

سورة الأنعام الآية 162

(4)

سورة الأنعام الآية 163

ص: 9

فالواجب على جميع الثقلين عبادة الله وحده وأن يخصوا الله بذلك، وأن يخلصوا لله في العبادة ولا يشركوا معه لا ملكا ولا نبيا ولا جنيا ولا إنسيا ولا وليا ولا غير ذلك، فالعبادة حق الله وحده كما قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2).

والعبادة تكون بالدعاء وبالذبح وبالنذر والصوم والصلاة والخوف والرجاء، وكثير من الناس لا يعرفون هذا الأمر ولا يخصون الله بالعبادة كما قال سبحانه:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (3) وقال سبحانه: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (4).

فتجد بعض الناس يدعو النبي صلى الله عليه وسلم أو يدعو الولي الفلاني، وتجد آخر يدعو الحجر الفلاني أو الشجر أو غير ذلك، وكل هذا شرك أكبر. ومن ذلك دعاء الأموات كالبدوي والحسين وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما أو عبد القادر الجيلاني أو الملك الفلاني أو إبراهيم أو إسماعيل أو النبي محمد أو نوح أو عيسى أو موسى أو غيرهم، فكل هؤلاء دعوتهم من دون الله والاستغاثة بهم من الشرك الأكبر وكذلك الذبح لهم.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن:

(1) سورة الإسراء الآية 23

(2)

سورة البينة الآية 5

(3)

سورة يوسف الآية 103

(4)

سورة الأنعام الآية 116

ص: 10

«ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله (1)» أي ادعهم إلى أن يوحدوا الله، والمعنى يبدأ دعوته لهم بالتوحيد كما بدأ جميع الرسل دعوتهم بذلك، وذلك قبل الدعوة إلى الصلاة والزكاة وغير ذلك؛ لأن هذا هو أساس الدين وهو أساس الملة وهو أعظم واجب. يقول جل وعلا:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (2) ويقول جل وعلا: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (3){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (4) ويقول جل وعلا: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (5).

وفي غالب الأمصار والبلاد- إلا من رحم الله- تجد من عبد مع الله سواه، فهذا يعبد فلانا وهذا يدعو فلانا وهذا يرجو فلانا عند شدة المصائب وعند حدوث الكروب فيفزع إلى البدوي أو إلى عبد القادر أو إلى الحسين أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى إبراهيم أو إلى إسماعيل أو إلى فلان يستعيذ بهم أو يستغيث بهم، فهذا هو الشرك الأكبر وهكذا الذبح لهم والنذر لهم، ومن ذلك أن يدعو الجن ويسألهم قائلا أيها الجن افعلوا كذا افعلوا كذا.

فالعبادة حق الله سبحانه يجب الإخلاص فيها لله. فإذا حزبك أمر فقل: يا الله أغثني، يا الله اهدني، يا الله أدخلني الجنة، يا الله بارك لي فيما أعطيتني، يا رب نجني من كذا، خلصني من كذا،

(1) سبق تخريجه (8).

(2)

سورة النساء الآية 36

(3)

سورة الزمر الآية 2

(4)

سورة الزمر الآية 3

(5)

سورة غافر الآية 14

ص: 11

تتضرع إلى الله فهو الذي يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (1)، ويقول سبحانه:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (2)، ويقول سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (3)(أي: قل يا محمد إن صلاتي){وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (4){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (5) ويقول جل وعلا: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (6){فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (7).

فيجب على المكلفين من الإنس والجن أن يخلصوا لله في العبادة بحيث لا يدعون ولا يستغيثون ولا ينذرون إلا لله ولا يذبحون ولا يخافون من غير الله، هكذا بعث الله الرسل كما قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (8) وقال سبحانه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} (9).

هكذا كل الأنبياء كلهم دعوا الناس إلى توحيد الله، ولهذا أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم الرسل الذين بعثهم إلى البلاد أن يبدءوا بدعوة الناس إلى توحيد الله كما أوصى معاذا بذلك، وكذلك عليا رضي الله عنه، وكذلك أبا موسى الأشعري وكلهم

(1) سورة غافر الآية 60

(2)

سورة البقرة الآية 186

(3)

سورة الأنعام الآية 162

(4)

سورة الأنعام الآية 162

(5)

سورة الأنعام الآية 163

(6)

سورة الكوثر الآية 1

(7)

سورة الكوثر الآية 2

(8)

سورة النحل الآية 36

(9)

سورة الأعراف الآية 59

ص: 12

يدعون الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، ثم بعد ذلك يدعون إلى الصلاة والزكاة. فالذي لا يوحد الله لا صلاة له ولا زكاة ولا صوم بل كلها باطلة؛ لقوله تعالى:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (2) ويقول تعالى أيضا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (3) فلو أنفق الإنسان ما في الأرض ومثل الجبال وهو مشرك ما تقبل منه، كما قال تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (4).

فعلم أن المؤمن الموحد هو الذي لا يدعو إلا الله ولا ينذر إلا لله ولا يذبح إلا لله، فإذا حزبه أمر يقول: يا رب أعطني، يا رب اشفني، يا رب انصرني، يا رب ارزقني، يا رب نجني، يا رب أدخلني الجنة، يا رب ارزقني الولد الصالح، يا رب يسر لي الزوجة الصالحة، وهكذا حكم النذر، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (5)» ، فإذا قال المسلم:(لله على أن أذبح بقرة) أو

(1) سورة الأنعام الآية 88

(2)

سورة الزمر الآية 65

(3)

سورة المائدة الآية 72

(4)

سورة الفرقان الآية 23

(5)

رواه البخاري في (الأيمان والنذور) باب النذر في الطاعة برقم (6696)، ومسلم في (النذور والأيمان) باب من نذر أن يطيع الله برقم (1526).

ص: 13

(لله على أن أذبح ناقة) أو (لله على أن أتصدق بكذا) وجب عليه هذا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (1)» ، وهكذا لو قال:(إن شفى الله مريضي فعلي أن أذبح كذا لله) وجب عليه ذلك إذا شفى الله مريضه، ولكن لا ينبغي له النذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا وإنما يستخرج به من البخيل (2)» متفق على صحته. أما لو قال: (إن شفى الله مريضي فلسيدي البدوي كذا أو للولي عبد القادر كذا أو للولي الفلاني كذا) فهذا شرك أكبر، ولهذا قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد (باب من الشرك النذر لغير الله) وقال:(باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره) وقال: (باب من الشرك الاستعانة بغير الله)، ومقصوده رحمه الله بهذه الأبواب التحذير من الشرك؛ لكونه أعظم الذنوب. وكثير من الحجاج عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما يدعونهم من دون الله ويستغيثون بهم وهذا هو الشرك الأكبر، وهكذا في مقبرة البقيع يقع مثل ذلك من بعض الحجاج، كما تفعل الرافضة وأشباههم من عباد القبور فهذا كله من الشرك الأكبر.

فلا يدعى النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصديق ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم من الأموات ولا الملائكة ولا الجن؛ لأن العبادة لا تكون إلا لله وحده، فالنبي صلى الله عليه

(1) صحيح البخاري الأيمان والنذور (6696)، سنن الترمذي النذور والأيمان (1526)، سنن النسائي كتاب الأيمان والنذور (3806)، سنن أبو داود الأيمان والنذور (3289)، سنن ابن ماجه الكفارات (2126)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 36)، موطأ مالك النذور والأيمان (1031)، سنن الدارمي النذور والأيمان (2338).

(2)

رواه البخاري في (الأيمان والنذور) باب الوفاء بالنذر برقم (6693)، - ومسلم في (النذر) باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئا برقم (1640).

ص: 14

وسلم يصلى عليه: (اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم) يصلى عليه ويتعبد بشريعته. أما العبادة فحق لله، قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (1)، وقال سبحانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (2).

وقد يقول بعض الحجاج وغيرهم وقفت عند قبرك يا رسول الله انصرني أو اشف مريضي أو اشفع لي فلا يجوز ذلك بل هو من الشرك الأكبر. أما إن قال في دعائه لله: اللهم شفع في نبيك يوم القيامة إذا بعث الناس فلا بأس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يشفع في المؤمنين يوم القيامة حتى يدخلوا الجنة، ويشفع في كثير من العصاة الموحدين فيخرجهم الله من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم بعد أن يأذن الله له في ذلك كما تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما، أما بعد الموت وقبل البعث فلا يدعى ولا يستغاث به صلى الله عليه وسلم وهكذا بقية الأنبياء، وهكذا الصالحون وهكذا غيرهم فلا يدعى غائب ولا ميت ولا جماد كالصنم والشجر وغير ذلك، أما الحي الحاضر القادر فلا بأس أن يسأل فيما تجيزه الشريعة المطهرة كأن تقول يا فلان ساعدني في ثمن شراء السيارة، أو في إصلاح المزرعة، أو تطلب منه قرضا وهو حي يسمع كلامك؛ لأنه قادر كما قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام مع القبطي:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (3)

(1) سورة الإسراء الآية 23

(2)

سورة الفاتحة الآية 5

(3)

سورة القصص الآية 15

ص: 15

وهكذا خوف الإنسان من اللصوص فيضع حرسا كما قال الله تعالى في قصة موسى أيضا: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا} (1) أي من مصر خائفا من فرعون؛ لأن فرعون له سلطة وقدرة فخرج موسى خائفا من فرعون - فلا بأس، كأن يكون هناك بلد فيه شر فيخرج المسلم منه اتقاء ذلك الشر، أو يؤذى المسلم فيضع حرسا فلا بأس. أما الخوف من أصحاب القبور ودعاؤهم من دون الله، هكذا دعاء الجن فهو شرك أكبر، والله جل وعلا يقول:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (2).

أما الذبح للضيف مثلا فلا بأس، وكذلك الذبح للأكل، أما للجني الفلاني أو لصاحب قبر حتى يشفع لك أو حتى يجيرك من كذا أو حتى يعينك على كذا فهذا من الشرك الأكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لعن الله من ذبح لغير الله (3)» ، ولأنه عبادة عظيمة صرفها لغير الله فكان مشركا بالله عز وجل وهذا أمر خطير جدا ويجب الحذر منه.

ثم الصلاة أول شيء بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لا يسلم المسلم إلا بهما، فإذا قالهما صادقا مخلصا مؤمنا بأن الله هو المستحق للعبادة ومؤمنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأنه أرسل بالحق لجميع الناس، صادقا في ذلك

(1) سورة القصص الآية 21

(2)

سورة الجن الآية 18

(3)

رواه مسلم في (الأضاحي) باب تحريم الذبح لغير الله برقم (1978).

ص: 16

لا منافقا دخل في الإسلام. أما إن قالهما رياء فلا يدخل في الإسلام، وإنما يدخل فيه إذا قالهما صدقا وإخلاصا أن الله هو المعبود بالحق، وأنه هو الإله الحق المستحق للعبادة لا يستحقها سواه، ويشهد أن محمدا رسول الله شهادة جازمة صادقا فيها يعلم أنه رسول الله إلى جميع الثقلين من الجن والإنس، واتبعه وعمل بشرعه نجا وصار إلى الجنة، ومن حاد عن سبيله ولم يتبعه أو لم يصدقه صار إلى النار.

بعد هاتين الشهادتين العظيمتين الصلاة والتي يجب على كل مسلم أن يحافظ عليها في أوقاتها ويؤديها في الجماعة في المسجد إلا المريض المعذور والشيخ الكبير العاجز، هذا هو الواجب؛ لقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) ولقوله سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (2) وهي المساجد يصف الله القائمين فيها بأنهم {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} (3) ويقول الله سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (4){الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (5) " ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا صلى فأساء في صلاته ولم يطمئن فيها أمره أن يعيدها، لما رأى منه من التساهل والنقر، فقال له رسول الله صلى

(1) سورة النور الآية 56

(2)

سورة النور الآية 36

(3)

سورة النور الآية 37

(4)

سورة المؤمنون الآية 1

(5)

سورة المؤمنون الآية 2

ص: 17

الله عليه وسلم: «ارجع فصل فإنك لم تصل (1)» ، فرجع فصلى كما صلى ولم يتم ركوعها ولا سجودها، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم وقال:«إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن (2)» - وفي لفظ: «ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت (3)» - «ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (4)» .

وعلى ذلك فيجب على المسلم العناية بالصلاة كاملة حتى يطمئن فيها ويؤديها كما شرع الله، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:«صلوا كما رأيتموني أصلي (5)» .

فهي: أي الصلاة عمود الإسلام وأول ما يعرض على المسلم من عمله فإن صلحت فقد أفلح ونجا وإن فسدت فقد خاب وخسر، وهي أيضا إن قبلت قيل من المسلم سائر عمله وإن ردت رد عليه سائر عمله. فيجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يعتني بها وأن يؤديها كاملة تامة بطمأنينة

(1) رواه البخاري في (الأذان) باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة برقم (793)، ومسلم في (الصلاة) باب وجوب قراءة الفاتحة برقم (397).

(2)

صحيح البخاري الاستئذان (6251)، صحيح مسلم الصلاة (397)، سنن الترمذي الصلاة (303)، سنن النسائي الافتتاح (884)، سنن أبو داود الصلاة (856)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1060)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 437).

(3)

رواه الإمام أحمد في (مسند الكوفيين) حديث رفاعة بن رافع الزرقي برقم (18516).

(4)

رواه البخاري في (الاستئذان) باب من رد فقال عليك السلام برقم (6251).

(5)

رواه البخاري في (الأذان) باب الأذان في السفر برقم (631).

ص: 18

وخشوع وعناية حتى يؤدي حق الله كما أمره، وكما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته.

ثم الزكاة وهي الركن الثالث، فيجب أن يعتني المسلمون بها ويتقي كل مسلم الله الذي أعطاه المال والذي إن لم يشكر الله ويؤدي حقه فيه عذبه به فيحمى عليه يوم القيامة ويعذب به إن لم يؤد الزكاة، ويصير على صاحبه وبالا يوم القيامة، وهل يرضى عاقل أن يعذب بماله يوم القيامة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم لا سبيل بعدها إلا إلى الجنة أو النار، فإذا كان موحدا مسلما فإنه يدخل الجنة، أما المفرط فيدخل النار جزاء له على عدم إخلاصه.

وعلى ذلك فالواجب على جميع الناس أن يتقوا الله وأن يؤدوا حقه امتثالا؛ لقوله تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (1)، ويقول سبحانه:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} (2) ويقول جل وعلا: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} (3).

وفي الأحاديث الصحيحة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح فيه الناس إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، والثاني يقول: اللهم أعط ممسكا تلفا (4)» .

(1) سورة الحديد الآية 7

(2)

سورة سبأ الآية 39

(3)

سورة المزمل الآية 20

(4)

رواه البخاري في (الزكاة) باب قول الله تعالى: " فأما من أعطى واتقى " برقم (1442)، ومسلم في (الزكاة) باب في المنفق والممسك برقم (1010).

ص: 19

وفي الصدقة نفع عظيم للفقراء والمساكين، فليتق المسلمون الله في أموالهم، وليحذروا اكتساب المال من الطرق المحرمة كالغش والخداع والربا، مع الحرص على كسب المال من الطريق الشرعي المباح، وأداء حقه من الزكاة وغيرها من النفقات التي تجب لأولادك والزوجة وغيرهم ممن يجب عليك الإنفاق عليهم والإحسان إليهم.

سائلين الله المولى سبحانه أن يفقهنا في الدين، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه سميع قريب.

ص: 20