الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن قدامة: وإن حفر في ملكه بئرا، فهلك بها إنسان وكان الداخل دخل بغير إذنه، فلا ضمان على الحافر؛ لأنه لا عدوان منه.
الترجيح:
الراجح أنه لا ضمان على المالك إذا كان الحفر في ملكه ودخل الداخل بدون إذن منه؟ لأن الداخل متعد؛ لدخوله بدون إذن، والمالك غير متعد.
(22)
دفاع المالك عن الحافر تعديا:
إذا حفر إنسان بئرا متعديا - أي في غير ملكه أو بدون إذن - وسقط بها إنسان وهلك، فطلب ورثة الساقط تضمين الحافر؛ لأنه حفر البئر متعديا، فقال المالك - مدافعا عن الحافر -: أنا أمرته بالحفر، وأنكر أولياء الميت أنه أمره بالحفر، فما الحكم؟
هنا اختلف الحنفية والشافعية الذين ذكروا المسألة على قولين:
قال الحنفية (1): في المسألة قياس واستحسان.
أما القياس فإنه لا يصدق صاحب الدار. وذلك لأن الحفر
(1) الكاساني، البدائع 7/ 277.
وقع موجبا للضمان - ظاهرا - لأنه صادف ملك الغير وأنه محظور فكان متعديا في الحفر من حيث الظاهر، فصاحب الدار بالتصديق يريد إبراء الجاني عن الضمان فلا يصدق.
وأما الاستحسان، فإن قول صاحب الدار: أمرته بذلك إقرار منه بما يملك إنشاءه للحال، وهو الأمر بالحفر فيصدق.
وقال الشافعية: إذا قال الحافر: حفرت بإذن المالك، وصدقه المالك نظرنا:
فإن كان تصديق المالك للحافر قبل (1) سقوط الهالك فيها، فيسقط الضمان؛ لأنه إن كان كلامه صحيحا وأذن له قبل السقوط فظاهر، وإن لم يكن صادقا في قوله: أذنت له، عد هذا إذنا له، فإذا وقع التردي بعده كان بعد سقوط الضمان عن الحافر بتقدير أن حفره بلا إذن.
وأما إذا كان تصديق المالك للحافر بعد تردي الهالك، فلا يفيده التصديق المجرد بل لا بد من بينة، قالوا: ولعل وجهه، أن الحفر في ملك الغير الأصل فيه التعدي، وهو يقتضي ضمان الحافر، فقول المالك: كنت أذنت له يسقطه، وإسقاط الحق بإخبار واحد غير صحيح، ولا نظر إلى أن الأصل عدم الضمان وبراءة الذمة.
(1) هذا بيان للتفصيل وإلا فإنه قبل السقوط ليس هناك منازعة ولا مخاصمة.