الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحرير المقال والبيان في الكلام على الميزان
للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (831 - 902 هـ)
تحقيق بدر بن محمد بن محسن العماش (1)
الحمد لله رب العالمين على لطفه وإحسانه، حمدا يليق بجلال عظمته وعز سلطانه، والشكر له على فضله وامتنانه، شكرا لا يحصيه كاتب بقلمه ولا ناطق بلسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره.
أما بعد:
فهذه رسالة في موقف من مواقف الدار الآخرة، للإمام الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ).
إمام حافظ رحب الفناء
…
ومن فضل تمنطق بالسخاء
وقد حداني إلى إخراجها قيمتها العلمية، وترتيبها الحسن، وقلة المصنفات في بابها- كما سيأتي-.
وقد قسمت العمل فيها إلى قسمين:
(1) المحاضر بكلية الحديث والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
أ- الدراسة وينتظم فيها:
1 -
ترجمة موجزة للمؤلف
…
2 - اسم الرسالة.
3 -
نسبتها إليه.
…
4 - موضوعها.
5 -
وصف النسخة الخطي.
…
6 - المصنفات في الميزان.
7 -
منهجي في التحقيق.
ب- التحقيق، وفيه النص المحقق.
وأسأل الله جل وعلا أن ينفع بها، وأن يجعلها في الميزان، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم-.
1 -
ترجمة المؤلف: الحافظ المؤرخ محمد بن عبد الرحمن
السخاوي، شمس الدين، أبو الخير، ولد في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة، ونشأ بها، وأخذ عن جملة من الشيوخ والأقران بها وبغيرها، حيث رحل عدة رحلات إلى ديار مصر والحجاز والشام حتى بلغ من أخذ عنه أكثر من ألف ومائتين، ومن أبرزهم الحافظ أحمد بن علي بن حجر (773 - 852 هـ) فقد لازمه وأخذ عنه أكثر تصانيفه وتصانيف غيره، والعز ابن الفرات (759 - 851 هـ)، وبرهان الدين بن يخضر (794 - 852 هـ)، والزين رضوان العقبي (769 - 852 هـ)، وسعد الدين ابن الديري (768 - 867 هـ)، وعلم الدين بن البلقيني (791 - 868 هـ) وغيرهم ممن ضمتهم معاجم شيوخه التي صنفها. وأخذ عنه خلق كثير من الديار المصرية والحجازية والشامية والهندية وغيرها حيث رحلوا للأخذ عنه والاستفادة من علومه:
وقال الناس لما قل علم
…
وحفاظ الحديث لنا وراوي
أفي ذا العصر ترتحل المطايا
…
فقلت: نعم ، إلى الحبر السخاوي
وقد بلغ من أخذ عنه من تلاميذ ونحوهم أكثر من ألف وأربعمائة، جمعهم في مصنف خاص. ومن أبرز هؤلاء أبو العباس القسطلاني (851 - 923 هـ)، وابن رجب الطوخي (847 - 893 هـ)، وابن عبد السلام المنوفي (847 - 927 هـ)،
وجار الله ابن فهد " (891 - 954 هـ)، وعبد الباسط بن خليل الحنفي (844 - 920 هـ)، وعبد الرحمن بن الديبع (866 - 944 هـ)، وعبد العزيز بن عمر بن فهد (850 - 921 هـ) وغيرهم. وقد صنف الحافظ جملة من التصانيف زادت على المائتين، منها: الابتهاج بأذكار المسافر الحاج (1)، ارتياح الأكباد بأرباح فقد الأولاد (2)، الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ (3)، التبر المسبوك في الذيل على السلوك (4)، التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة (5)، الجواهر والدرر في ترجمة ابن حجر (6)، الذيل على رفع الإصر عن قضاة مصر (7)، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (8)، عمدة القاري والسامع في ختم الصحيح الجامع (9)، الغاية شرح الهداية لابن الجزري (10)، فتح المغيث بشرح ألفية
(1) طبع طبعتين.
(2)
مخطوط، منه نسخة في الظاهرية، وأخرى في دار الكتب الوطنية وغيرهما.
(3)
مطبوع عدة طبعات.
(4)
مطبوع- بعضه- في بولاق بمصر.
(5)
طبع ثلاث طبعات.
(6)
طبع الأول منه، والباقي مخطوط.
(7)
مطبوع بمصر بتحقيق جودة هلال ومحمد صبح.
(8)
مطبوع بعناية المقدسي ثم صور عنها في دار الجيل وغيرها.
(9)
مخطوط، في دار الكتب بمصر.
(10)
مطبوع بتحقيق محمد سيدي الأمين.
الحديث (1)، القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (2)، المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة (3)، وغيرها. توفي السخاوي بالمدينة في شهر شعبان سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن بالبقيع - رحمه الله تعالى-.
2 -
اسم الرسالة: وردت هذه الرسالة عند الحافظ السخاوي في كتابه الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (4)، وإرشاد الغاوي بل إسعاد الطالب والراوي (5) بعنوان " الكلام على الميزان ". ووردت عنده في إرشاد الغاوي (6) - أيضا- وإجازته لأبي بكر الحيشي (7) بعنوان " تحرير المقال والبيان في الكلام على الميزان ".
وذكرها الغزي في الكواكب السائرة (8) باسم " تحرير البيان "
(1) طبع عدة طبعات من أحسنها طبعة الهند، بعناية علي حسين، وحقق في أطروحتين في الرياض.
(2)
طبع طبعتين.
(3)
طبع طبعتين.
(4)
الضوء 8/ 18.
(5)
إرشاد ل 80 / أ، 181 / ب.
(6)
المصدر السابق ل 64 / ب.
(7)
إجازته ل 2 / أ.
(8)
الكواكب 1/ 225.
في الكلام على الميزان ".
ويبدو أن الأول حكاية موضوعها، والثاني هو اسمها.
3 -
نسبتها إلى السخاوي: مما يدل على صحة نسبة الرسالة إلى الحافظ السخاوي عدة أمور:
1 -
ذكر السخاوي لها ضمن مؤلفاته في كتابيه الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (1)، وإرشاد الغاوي بل إسعاد الطالب والراوي (2).
وقد أشار إليها في مواضع أخرى منهما (3)، وفي إجازته لأبي بكر الحيشي (4).
2 -
نسبها إليه بعض المصنفين، فمن ذلك:
إسماعيل باشا في هدية العارفين (5)، والغزي في الكواكب السائرة (6). 3 - ذكر السخاوي فيها أحد مصنفاته وأحال إليه فقال: وأوردت في القول البديع. . . الخ.
(1) الضوء 8/ 18.
(2)
إرشاد ل80 / أ.
(3)
الضوء 1/ 84 - 221، 7/ 196، وإرشاد ل181 / ب، 183 / ب، 212 / أ.
(4)
إجازته ل2 / أ، 4 / أ.
(5)
هدية 2/ 221.
(6)
الكواكب 1/ 225.
4 -
موضوعها:
الكلام على ميزان الأعمال يوم القيامة من حيث الإيمان به، وهل هو متعدد أم لا، وهل هو قبل الحساب أو بعده، وكيفيته، وماذا يوزن فيه، وهل هو خاص بالمسلمين أو لبني آدم مسلمهم وكافرهم، والموكل به، وكونه من المواطن المهولة.
5 -
وصف النسخة الخطية:
وقد عثرت على نسخة خطية واحدة محفوظة بالمكتبة الظاهرية بدمشق في 5 صفحات، مسطرتها 25 سطرا، ما بين 12 - 15 وهي بخط الشيخ محمد بن محمد بن يوسف الميداني الشافعي، شمس الدين، المتوفى في ذي الحجة سنة 1033 هـ (1).
6 -
المصنفات في موضوع الرسالة:
اهتم أهل العلم بالكلام عن مسألة الميزان في كتبهم في الاعتقاد وغيرها، فمنهم من أفاض فيها ومنهم من اقتصر، وقد أفردها بعضهم بالتصنيف لأهميتها. وممن وقفت على تصنيفه في ذلك:
1 -
الحافظ محمد بن أبي بكر القيسي المعروف بابن ناصر الدين الدمشقي (ت 842 هـ) صنف " منهاج السلامة في ميزان القيامة "(2).
(1) انظر لترجمته خلاصة الأثر 4/ 170، الأعلام 7/ 62.
(2)
مطبوع بتحقيق مشعل بن باني الجبرين المطيري، دار ابن حزم، بيروت.
2 -
الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ) صنف " تحرير المقام والبيان في الكلام على الميزان " وهو هذا الجزء الذي نقدم له.
3 -
الشيخ أحمد بن سليمان الرومي المشهور بابن كمال باشا (ت 940 هـ) صنف " الميزان في الحشر ".
4 -
الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (ت 1033هـ) صنف " تحقيق البرهان في إثبات حقيقة الميزان "(1).
7 -
منهج التحقيق:
وقد قمت في هذه الرسالة بعزو الآيات، وتخريج الأحاديث والآثار من مصادرها الأصلية والحكم على أسانيدها، وعزوت النصوص إلى مصادرها، ولم أعلق على المسائل إلا عند الحاجة لذلك- خشية الإطالة-.
(1) مطبوع بتحقيق مشهور حسن سلمان، دار ابن القيم، الدمام، وله طبعة أخرى بتحقيق د. سليمان الخزي.
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر
قال الشيخ الإمام العالم العلامة حافظ عصره شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي - رضي الله تعالى عنه-: الكلام على الميزان من أوجه:
الأول: في وجوب الإيمان به. الثاني: هل هو متعدد أو واحد؟ الثالث: في كونه بعد الحساب أو قبله؟ الرابع: في كيفيته. الخامس: في الموزون فيه أهو نفس العمل بأن يجعل الله تعالى له ذاتا توضع في الميزان، أو الصحف المثبت فيها العمل، أو الشخص نفسه؟ السادس: أهو عام لكل بني آدم أو خاص بالمسلمين منهم ثم يستثنى من شاء الله. السابع: في الموكل به. الثامن: في كونه من المواطن المهولة.
واقتصرت على هذا العدد رجاء أن يفتح الله لنا أبواب الجنة الثمانية ندخل من أيها شئنا، كما أن اختصاص الميزان بالذكر للإرشاد إلى أن المرء تزن أفعاله وأقواله بميزان الشرع رجاء أن يثقل ميزانه.
فأما الأول: فقد قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (1)، وقال تعالى:{فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2){وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} (3)، وقال تعالى:{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (4){وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ} (5)، وقال تعالى:{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} (6){فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} (7){وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} (8){فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} (9){وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} (10){نَارٌ حَامِيَةٌ} (11)، وقال تعالى:{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (12){الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (13){أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (14)
(1) سورة الأنبياء الآية 47
(2)
سورة المؤمنون الآية 102
(3)
سورة المؤمنون الآية 103
(4)
سورة الأعراف الآية 8
(5)
سورة الأعراف الآية 9
(6)
سورة القارعة الآية 6
(7)
سورة القارعة الآية 7
(8)
سورة القارعة الآية 8
(9)
سورة القارعة الآية 9
(10)
سورة القارعة الآية 10
(11)
سورة القارعة الآية 11
(12)
سورة الكهف الآية 103
(13)
سورة الكهف الآية 104
(14)
سورة الكهف الآية 105
إلى غير ذلك من الآيات الشاهدة لثبوته.
«وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله جبريل عليه السلام عن الإيمان، قال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالجنة والنار والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: فإذا فعلت هذا فأنا مؤمن؟ قال: نعم، قال: صدقت (1)» . أخرجه البيهقي في البعث والنشور (2)، وأبو نعيم في المستخرج على مسلم (3) وغيرهما من حديث يونس بن محمد عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن أبيه، وذكره، وأصله في صحيح مسلم (4)، بل هو في صحيح ابن حبان بالزيادة. وما ورد به
(1) صحيح البخاري الإيمان (50)، صحيح مسلم الإيمان (10)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4991)، سنن ابن ماجه المقدمة (64)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 426).
(2)
البعث والنشور 2/ 525 (رسالة دكتوراه) وكذا في الشعب 1/ 257 رقم 278.
(3)
لم أقف على هذه الزيادة في المستخرج.
(4)
صحيح مسلم كتاب الإيمان 1/ 36 رقم 8.
خبر الصادق فالإيمان به واجب.
وأما الثاني: في التعدد وعدمه، فكلاهما محتمل، وعلى الأول يكون الجمع (1) حينئذ وذلك بالنظر لكل شخص، وعلى الثاني يكون الجمع باعتبار تنوع الأعمال الموزونة. والثاني أرجح، ولا يستشكل [ل 2] بكثرة من يوزن عمله؛ لأن أحواله يوم القيامة لا تكيف بأحوال الدنيا. وبه أجيب من استشكل حديث:«ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي " - أي نطقي- حتى أرد عليه (2)» بأنه يتعدد في كل آن من الأزمان المصلي
(1) كقوله تعالى: ونضع الموازين. وقوله عز وجل: فمن ثقلت موازينه، ونحوهما.
(2)
أخرجه أبو داود كتاب المناسك باب (100) زيارة القبور 2/ 534 رقم 2041، وأحمد 2/ 227، والطبراني في الأوسط 3/ 262 رقم 3092، والبيهقي 5/ 245 وغيرهم، من طريق حيوة بن شريح عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي هريرة. وهذا سند حسن؛ لأن فيه حميد بن زياد تكلم فيه، وقد حسنه السخاوي في القول البديع: 150، وجود إسناده ابن عبد الهادي في الصارم المنكي: 114، وقال الحافظ في تخريج الأذكار: حديث غريب، أخرجه أحمد وأبو داود ورجاله رجال الصحيح إلا أبا صخر فأخرج له مسلم وحده. . . الفتوحات الربانية لابن علان 3/ 316، وصحح النووي إسناده في الأذكار مع الفتوحات 3/ 315، وانظر السلسلة الصحيحة رقم 2266. وقع في حاشية النسخة ما نصه: ولك أن تجيب عن الثاني بأن المسلمين لا تخلو حالهم من أن يسلموا معا أو مرتبا، فإن سلموا معا أجزأ الرد عن سلام جميعهم بمرة واحدة إذا قصد بها الرد عليهم، ولا يلزم الرد على كل فرد فرد بخصوصه، وبهذا اندفع استشكال كيف يتصور الرد في آن واحد، وإن وقع سلامهم مرتبا فلا إشكال.
عليه، فكيف يتصور الرد على كل فرد في آن واحد؟ فقيل: أحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة فلا تكيف بالدنيا.
وأما الثالث (1): فقال أبو عبد الله القرطبي: قال العلماء: إذا انقضى الحساب كان وزن الأعمال بعده؛ لأن الوزن للجزاء فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقرير الأعمال- يعني بعد استخلاصها من المظالم والرياء- والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها (2)، وهو ظاهر.
(1) هل هو قبل الحساب أو بعده.
(2)
التذكرة: 359.
وأما الرابع (1): فروينا عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: " يوضع الميزان وله كفتان لو وضعت في أحدهما السماوات والأرض وما فيهن لوسعتها ".
(1) في كيفيته.
وحكمه الرفع إذ لا مجال للرأي فيه.
وكذا قال الحسن: " له لسان وكفتان "(1) بل رويناه (2) في صريح المرفوع من حديث الليث [عن](3) عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر، ثم يقول الله عز وجل: أتنكر من هذا شيئا، فيقول: لا يا رب، فيقول الله عز وجل: ألك عذر أو حسنة، فيهاب الرجل، فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: بلى، إن لك عندنا حسنات وإنه لا ظلم عليك، فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول عز وجل: إنك لا تظلم،
(1) أخرجه اللالكائي في شرح أصول أهل السنة 6/ 1245 رقم 2210 وسنده حسن.
(2)
بفتح الراء مع التخفيف وبضمها مع تشديد الواو.
(3)
في الأصل [بن] والصواب ما أثبته.
قال: فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة (2)». وهو حسن.
وروي عن أبي حنيفة [عن](3) حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي في قوله:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (4) قال: يجاء بعمل رجل فيوضع في كفة ميزانه، ويجاء بمثل الغمام أو السحاب كثرة فيوضع في كفة أخرى في ميزانه، ويقال: أتدري ما هذا؟ فيقال: هذا العلم الذي تعلمته وعلمته الناس، تعلموه وعملوا به بعدك ". وقيل: إنه عكس ميزان
(1) هذا حديث البطاقة المشهور، وقد أخرجه جمع من العلماء، منهم: الترمذي في جامعه كتاب الإيمان باب (17) 5/ 24 رقم 2639، وقال: حسن غريب. وابن ماجه كتاب الزهد باب (35) 2/ 1437 رقم 4300. وأحمد 2/ 213. والحاكم في المستدرك 1/ 529، وصححه، ووافقه الذهبي وغيرهم، حيث أخرجه جمع كثير من العلماء، كلهم من طريق عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ورواه عن عامر جمع، منهم الليث وابن لهيعة وابن أبي مريم. وهو حديث صحيح. وقد صنف الكناني (ت 357 هـ) جزء البطاقة، مطبوع.
(2)
أي خفت، والطيش الخفة. النهاية 3/ 153. (1)
(3)
ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، والصواب إثباته.
(4)
سورة الأنبياء الآية 47