الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المواضع التي تشرع فيها التسمية؛ فيكون الوضوء من الأشياء التي يسن أن تسبق بالتسمية، خاصة مع وجود الأحاديث السابقة المثبتة لذلك.
دليل القول الرابع: واستدل أصحاب القول الرابع القائلين بإباحة التسمية عند الوضوء بأنه لم يرد دليل شرعي يثبت وجوبها، أو سنيتها؛ فتكون مباحة في هذا الموضع. وبناء عليه فإن المباح هو وقوع الذكر الخاص في أول العبادات الخاصة، أما نفس الذكر فراجح الفعل.
الترجيح:
بعد استعراض الأقوال السابقة والنظر في أدلتها ومناقشة ما احتاج منها إلى مناقشة تبين لي أن القول الراجح في هذه المسألة هو القول الأول، وهو مذهب القائلين بسنية التسمية عند الوضوء؛ وذلك لكثرة الأحاديث التي وردت في التسمية عند الوضوء، وهي وإن كان لا يسلم شيء منها من مقال، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها، مما يدل على أن لها أصلا؛ فتكون التسمية عند الوضوء سنة ثابتة، وليست بواجبة؛ لعدم وجود الدليل الصحيح الذي يدل على وجوبها. والله أعلم.
صيغة التسمية:
اختلف الفقهاء في صيغة التسمية التي تقال عند الوضوء على أربعة أقوال، هي:
القول الأول: أن صيغة التسمية هي قول: بسم الله. لا
يقوم غيرها مقامها. وهذا مذهب الحنابلة (1).
قال الزركشي: وصفتها " بسم الله "، فإن قال: بسم الرحمن، أو القدوس لم يجزئه على الأشهر (2).
القول الثاني: أن صيغة التسمية: باسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام، وقيل: الأفضل: بسم الله الرحمن الرحيم. وقيل: يجمع بينهما. وهو مذهب الحنفية.
قال ابن الهمام عن التسمية: " لفظها المنقول عن السلف، وقيل: عن النبي صلى الله عليه وسلم: «باسم الله العظيم والحمد لله على دين الإسلام،» وقيل: الأفضل: بسم الله الرحمن الرحيم، بعد التعوذ "(3).
القول الثالث: أن صيغة التسمية هي أن يقول: بسم الله. وفي زيادة " الرحمن الرحيم " قولان مرجحان؛ فابن ناجي رجح القول بعدم زيادتهما، والفاكهاني وابن المنير رجحا القول بزيادتهما.
وهذا مذهب المالكية.
(1) انظر: المغني 1/ 146، شرح الزركشي 1/ 172، المبدع 1/ 107 - 108، الإنصاف 1/ 129.
(2)
انظر: شرح الزركشي 1/ 172.
(3)
شرح فتح القدير 1/ 19.
قال الشيخ صالح الآبي المالكي في جواهر الإكليل وهو يعدد سنن الوضوء: وتسمية عند ابتداء الوضوء بأن يقول: " بسم الله "، وفي زيادة " الرحمن الرحيم " قولان مرجحان (1).
القول الرابع: أكمل التسمية أن يقول المتوضئ: بسم الله الرحمن الرحيم، ويجزئه أن يقول: بسم الله. وهذا مذهب الشافعية (2).
قال النووي: " واعلم أن أكمل التسمية أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فإن قال: باسم الله فقط، حصل فضيلة التسمية بلا خلاف (3).
الترجيح:
بعد استعراض الأقوال السابقة الواردة في هذه المسألة تبين لي أن القول الراجح هو القول الأول، وهو أن صيغة التسمية هي أن يقول الإنسان:" بسم الله "؛ لأن هذه الصيغة هي الصيغة الواردة في كثير من الأحاديث التي ورد فيها الأمر بالتسمية، كحديث التسمية عند الأكل (4)، وحديث التسمية عند دخول المنزل (5)، وعند الخروج منه (6)، وحديث التسمية عند
(1) جواهر الإكليل 1/ 17.
(2)
انظر: المجموع 1/ 377، نهاية المحتاج 1/ 184.
(3)
المجموع 1/ 344.
(4)
سبق ذكره في هامش ص 182.
(5)
سبق ذكره في هامش ص 183.
(6)
سبق ذكره في هامش ص 183.