الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول ابن أبي العز الحنفي: (. . وإنما يمدح الرب تعالى بالنفي إذا تضمن أمرا وجوديا كمدحه بنفي السنة والنوم المتضمن كمال القيومية، ونفي الموت المتضمن كمال الحياة، ونفي اللغوب والإعياء المتضمن كمال القدرة. . .)(1).
ثم قال: (إنه قيوم لا ينام، إذ هو مختص بعدم النوم والسنة دون خلقه فإنهم ينامون. . .)(2).
(1) شرح العقيدة الطحاوية، ص 208.
(2)
شرح العقيد الطحاوية، ص 124.
3 -
النوم موت أصغر:
ورد في التعريفات: أن النوم حالة طبيعية تتعطل معها القوى وهو آية من آيات الله، وهو وفاة، وأن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، وأن النوم درجات، فمنه السنة ومنه النوم، وقد مدح سبحانه نفسه بنفي السنة والنوم عنه، المتضمن كمال قيومته، كما نفى عن نفسه الموت المتضمن كمال حياته.
فالسنة: هو النعاس، والنعاس هو الوسن، ويقال للنعاس أنه السنة، وهو ليس بنوم بل مقاربته، قال تعالى:{إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ} (1). وقال سبحانه: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ} (2).
(1) سورة الأنفال الآية 11
(2)
سورة آل عمران الآية 154
أما النوم فهو غشية ثقيلة تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة بالأشياء؛ ولذلك قيل: إنه آفة؛ لأن النوم أخو الموت.
قال ابن كثير: (قال تعالى مخبرا عن نفسه الكريمة بأنه المتصرف في الوجود بما يشاء، وأنه يتوفى الأنفس الوفاة الكبرى، بما يرسل من الحفظة الذين يقبضونها من الأبدان، والوفاة الصغرى عند المنام).
قال ابن كثير: (يخبر تعالى أنه يتوفى عباده في منامهم بالليل، وهذا هو التوفي الأصغر. .)(3).
قال ابن القيم: قال ابن تيمية: ". . . لأنه سبحانه أخبر بوفاتين، وفاة كبرى، وهي وفاة الموت، ووفاة صغرى، وهي وفاة النوم، وقسم الأرواح قسمين: قسما قضى عليها الموت فأمسكها عنده،
(1) سورة الزمر الآية 42
(2)
سورة الأنعام الآية 60
(3)
تفسير ابن كثير، جـ3، ص 261.
وهي التي توفاها وفاة موت، وقسما لها بقية أجل فردها إلى جسدها إلى استكمال أجلها. .) (1).
وقال المناوي: (الخامس المنام، فقد قيل: النوم موت خفيف، والموت نوم ثقيل وعليه سماه الله توفيا. .)(2).
قال صاحب الظلال: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} (3) فهي الوفاة إذن حين يأخذهم النعاس، هي الوفاة في صورة من صورها، بما يعتري الحواس من غفلة، وما يعتري الحس من سهوة، وما يعتري العقل من سكون، وما يعتري الوعي من سبات- أي انقطاع- وهو السر الذي لا يعلم البشر كيف يحدث، وإن عرفوا ظواهره وآثاره) (4).
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم ليقل: اللهم باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك (5)» . والإمساك هنا هو الموت والوفاة الكبرى.
(1) الروح لابن القيم، ص 27.
(2)
التعاريف للمناوي، جـ2، ص684.
(3)
سورة الأنعام الآية 60
(4)
في ظلال القرآن، جـ2، ص1121.
(5)
صحيح البخاري، كتاب الدعوات، رقم 5845، وصحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء رقم 4889. (انظر الدر المنثور للسيوطي، جـ7، ص 232)