الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه النشأة الأولى من العدم تصيرون إلى الموت، {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (1) يعني النشأة الآخرة، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} (2) يعني يوم المعاد، وقيام الأرواح والأجساد، فيحاسب الخلائق، ويوفي كل عامل عمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر " (3).
(1) سورة المؤمنون الآية 16
(2)
سورة العنكبوت الآية 20
(3)
تفسير ابن كثير، جـ5، ص463.
4 -
هل الموت مخلوق أم لا
؟
الموت تقدم تعريفه وهو: انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقته وحيلولة بينهما، وتبدل حال، وانتقال من دار إلى دار، وهو مخلوق كما قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1){الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (2).
قال القرطبي: قال مقاتل: " خلق الموت؛ يعني النطفة والعلقة والمضغة، وخلق الحياة؛ يعني خلق إنسانا ونفخ فيه الروح فصار إنسانا.
وهذا قول حسن، يدل عليه قوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (3) وقال السدي:. . أي أكثركم للموت ذكرا وأحسنكم استعدادا، ومنه أشد خوفا وحذرا. . .
وقيل: خلق الله الموت للبعث والجزاء، وخلق الحياة للابتلاء.
(1) سورة الملك الآية 1
(2)
سورة الملك الآية 2
(3)
سورة الملك الآية 2
وحكي عن ابن عباس والكلبي ومقاتل: " أن الموت والحياة جسمان، فجعل الموت في هيئة كبش لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات "(1).
قال ابن تيمية: " والأرواح مخلوقة بلا شك، وهي لا تعدم، ولا تفنى ولكن موتها بمفارقة الأبدان، وعند النفخة الثانية تعاد الأرواح إلي الأبدان "(2).
قال ابن أبي العز: " والصواب أن يقال: موت النفس هو مفارقتها لأجسادها وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، وإن أريد أنها تعدم وتفنى بالكلية فهي لا تموت بهذا الاعتبار، بل هي باقية بعد خلقها في نعيم أو في عذاب. . . وقد أخبر سبحانه أن أهل الجنة {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (3) وتلك الموتة هي مفارقة الروح للجسد "(4).
ثم قال ابن أبي العز: " فالتحقيق: أن النفس تطلق على أمور، وكذلك الروح، فيتحد مدلولهما تارة، ويختلف تارة، فالنفس تطلق على الروح، ولكن غالب ما يسمى نفسا إذا كانت متصلة بالبدن، وأما إذا أخذت مجردة فتسمية الروح أغلب عليها "(5).
(1) تفسير القرطبي، جـ18، ص206 - 207.
(2)
مجموع الفتاوى، جـ4، ص279.
(3)
سورة الدخان الآية 56
(4)
شرح العقيدة الطحاوية، ص446.
(5)
شرح العقيدة الطحاوية، ص444.
وذكر ابن حجر أقوالا كثيرة ومنها قوله: (وقالت طائفة: بل الذبح على حقيقته، والمذبوح: متولي الموت، وكلهم يعرفه، لأنه الذي تولى قبض أرواحهم). قلت: وارتضى هذا بعض المتأخرين وحمل قوله " هو الموت الذي وكل بنا " على أن المراد به ملك الموت؛ لأنه هو الذي وكل بهم في الدنيا كما قال تعالى في سورة ألم السجدة {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (1)(2).
أما حديث الكبش فقد أخرجه البخاري بسنده من حديث أبي سعيد الخدري قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، فينادي مناد: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم: هذا الموت، وكلهم قد رآه، فيذبح، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، ثم قرأ: وهؤلاء في غفلة الدنيا- (5)».
وعلى أية حال فالموت مخلوق سواء كان هو انفصال الروح أو
(1) سورة السجدة الآية 11
(2)
فتح الباري، جـ 11، ص421.
(3)
صحيح البخاري، (فتح الباري، جـ8، ص428، رقم 4730).
(4)
سورة مريم الآية 39 (3){وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ}
(5)
سورة مريم الآية 39 (4){وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}