الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقصد إسماع غيره، وترك الجهر أفضل، وإنما يلزمه أن يقرأ قراءة يسمع فيها نفسه. ومثله المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته من الصلاة.
وأما المأموم فيشرع له الإنصات لقراءة إمامه، والإخفات إذا قرأ في سكتات إمامه. والله أعلم.
الإسرار في الصلوات الجهرية خلاف السنة النبوية
س: هل يجوز للإمام أن يصلي صلاة المغرب سرية دون الجهر بالفاتحة وما تيسر من الآيات الكريمة، وهل تصح الصلاة خلفه، وما دليل الجواز من عدمه؟
ج: ليس للإمام أن يتعمد الإسرار في الركعتين الأوليين من المغرب وغيرها من الجهريات، لما في ذلك من مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفويت المأمومين سماع قراءة القرآن منهما، وأما الصلاة خلفه فتجزئ، ولكن لا يقر على ذلك. والدليل على منعه تعمد الإسرار في الركعتين الأوليين من المغرب وغيرها من الجهريات قول النبي صلى الله عليه وسلم:«صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم الجهر فيهن، وبوب البخاري لذلك في صحيحه بابا أخرج فيه عن جبير بن مطعم أنه قال:«سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور (2)» وممن نص على هذا الذي بيناه في هذه المسألة الإمام ابن قدامة في " المغني " شرح مختصر الخرقي: ويسر- أي الإمام- القراءة في الظهر والعصر، ويجهر في الأوليين من المغرب والعشاء وفي الصبح كلها. قال: الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار
(1) صحيح البخاري الأذان (631).
(2)
صحيح البخاري الأذان (765)، صحيح مسلم الصلاة (463)، سنن النسائي الافتتاح (987)، سنن أبو داود الصلاة (811)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (832)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 84)، موطأ مالك النداء للصلاة (172)، سنن الدارمي الصلاة (1295).
والاختلاف في استحبابه، والأصل فيه: فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإن جهر في موضع الإسرار وأسر في موضع الجهر ترك السنة وصحت صلاته، إلا أنه إن نسي فجهر في موضع الإسرار ثم ذكر في القراءة بنى على قراءته، وإن أسر في موضع الجهر ثم ذكر في أثناء القراءة ففيه وجهان أحدهما يمضي في قراءته على طريق الاختيار لا على طريق الوجوب.
الخلاصة: الإسرار في موضع الجهر غير لائق لمخالفته السنة النبوية، وصلاته وصلاة من خلفه صحيحة. والله أعلم.
الجمع بين الجهر في الصلوات الجهرية وبين
قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} (1)
س: يسأل م. م. من مقاطعة غيانا البريطانية عن الجمع بين الجهر فيما يجهر فيه من الصلوات وبين الآية الكريمة: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (2)؟
ج: الحمد لله. لا تعارض بين الجهر والقراءة في الركعتين الأوليين من صلاة المغرب وصلاة العشاء، وكذلك الجهر بالقراءة في ركعتي الفجر وبين قوله تعالى:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (3)، فإن النهي عن ذلك الجهر كان بسبب إيذاء المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم وسبهم القرآن آنذاك حينما يسمعونه يجهر بالقراءة في ذلك الوقت. وقد كان صلى
(1) سورة الإسراء الآية 110
(2)
سورة الإسراء الآية 110
(3)
سورة الإسراء الآية 110
الله عليه وسلم ومعه أصحابه متوارين عن أنظارهم وقت ما كان الإسلام ضعيفا.
يؤيد ما ذكرناه ما أخرجه سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال «في قوله تعالى: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة متوار، فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به، قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك. يقول بين الجهر والمخافتة (5)» . وفي رواية ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك حينما هاجر إلى المدينة لزوال المحذور.
وقيل: إن معنى قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (6) أي بدعائك. يحتج أصحاب هذا القول له بما أخرجه ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وغيرهم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (7) نزلت في الدعاء. كانوا يجهرون بالدعاء: " اللهم ارحمني " فلما نزلت أمروا أن لا يخافتوا ولا يجهروا. وقيل غير ذلك. والأول أولى
(1) صحيح البخاري التوحيد (7525)، صحيح مسلم الصلاة (446)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3146)، سنن النسائي الافتتاح (1011)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 215).
(2)
سورة الإسراء الآية 110 (1){وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}
(3)
سورة الإسراء الآية 110 (2){وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ}
(4)
سورة الإسراء الآية 110 (3){وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}
(5)
سورة الإسراء الآية 110 (4){وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}
(6)
سورة الإسراء الآية 110
(7)
سورة الإسراء الآية 110
وأقرب.
وعلى أي جمع بينهما فلا تنافي بين الجهر في الصلوات التي يجهر فيها وبين قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (1) إذ السنة هي المبينة لمعاني القرآن ومقاصده. قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (2). وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
مفتي الديار السعودية
(1) سورة الإسراء الآية 110
(2)
سورة النحل الآية 44