الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر (1)» الحديث.
وإن كان مأموما أو منفردا فإنه يجهر بقدر ما يسمع نفسه.
والسلام عليكم.
(1) صحيح البخاري الصلاة (378)، صحيح مسلم الصلاة (411)، سنن الترمذي الصلاة (361)، سنن النسائي الإمامة (832)، سنن أبو داود الصلاة (601)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1238)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 200)، موطأ مالك النداء للصلاة (306)، سنن الدارمي الصلاة (1256).
الوسوسة في الصلاة هل تبطلها
، وهل كان الوسواس
على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
س: الوسوسة في الصلاة هل كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وهل تبطل الصلاة، وهل يعتبر ما يوحيه الشيطان إلى المبتلى بها من أن الذهاب إلى المساجد رياء هل يعتبر مبررا للتخلف عن الجماعة، وكيف التوصل إلى الخلاص من الوسوسة في الصلاة؟
ج: من ناحية وجود الوسوسة في الصلاة وعدم وجودها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنها بالوصف الذي ذكرته في خطابك لم توجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه رضي الله عنهم، كما صرح به الإمامان موفق الدين ابن قدامة في كتابه " ذم الموسوسين " وشيخ الإسلام ابن تيمية فيما روى عنه تلميذه ابن القيم.
قال ابن قدامة: ليعلم أن الصحابة ما كان فيهم موسوس، ولو كانت الوسوةسة فضيلة لما ادخرها الله تعالى عن رسوله وصحابته وهم خير الخلق وأفضلهم. ولو أدرك رسول الله صلى الله عليه الموسوسين لقتلهم، ولو أدركهم عمر لضربهم وعزرهم، ولو أدركهم
أحد من الصحابة لبدعهم وكرههم. وذكر ابن قدامة: أن الموسوس في الصلاة إنما يظن أن الشيطان ناصح له ليطيعه. ثم قال في معاتبة له على قبوله من الشيطان ما يوحيه إليه: أما علم أنه- أي الشيطان الموسوس له- لا يهدي إلى خير ولا يدعو إلى هدى. قال: وكيف يقول هذا الموسوس في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين الذين لم يفعلوا فعله. فإن قال هي: باطلة. فقد مرق من الإسلام وما بقي معه كلام. وإن قال: هي صحيحة بدون هذا الذي يفعله. فما الذي دعاه إلى مخالفتهم والرغبة عن طريقهم، وكيف لم يبينه عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة، الداعي إلي سبيل ربه بالحكمة. فأين يعدل عن سنته! أين يطلب النجاة في غير طريقته؟ أيدع مسلم اتباع من لا يشك أنه على الصراط المستقيم، وأنه رسول رب العالمين، أرسله بالهدى ودين الحق، ويتبع الشيطان الذي أخبره الله عنه بقوله:{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (1) قال: فإن قال الموسوس: هذا مرض ابتليت به. قلنا: نعم، سببه قبولك من الشيطان ولم يعذر الله أحدا بذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر عدة بدع من بدع الوسوسة في الصلاة: فلو مكث أحدهم- أي الموسوسين - عمر نوح عليه السلام يفتش هل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه شيئا من ذلك لما ظفر به إلا أن يجاهر بالكذب
(1) سورة فاطر الآية 6
البحت، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ولدلونا عليه. فإن كان الذي كانوا عليه هو الهدى والحق فماذا بعد الحق إلا الضلال. اهـ. نقله عنه ابن القيم في " إغاثة اللهفان ".
والحقيقة أن من نظر في حالة الموسوس تبين له مقاربته الجنون وإنكاره الحقائق، فإنه يكبر ويقول ما كبرت، ويقرأ بلسانه ويقول ما قرأت، وينوي بالصلاة ويريدها ويقول ما نويتها ولا أردتها. ولا شك أن هذا مكابرة للعيان وجحد ليقين النفس؛ ولهذا أفتى الإمام ابن عقيل رجلا قال له: أني أكبر وأقول ما كبرت، أفتاه ابن عقيل بما روى ابن الجوزي عن بعض مشايخه عنه أنه قال لذلك الرجل: دع الصلاة. فقيل لابن عقيل: كيف تقول هذا. فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق (1)» . ومن يكبر فيقول ما كبرت ليس بعاقل، والمجنون لا تجب عليه الصلاة. اهـ.
وأما السؤال عن الوسوسة هل تبطل الصلاة.
فالجواب عنه: أن منها ما يفسد الصلاة. قال ابن قدامة في ذم " الموسوسين ": من أصناف الوسواس ما يفسد الصلاة مثل تكرير بعض الكلمة، كقوله في التحيات: أت أت التحي التحي. وفي السلام: أس أس السلام. وفي التكبير: أكككبر. وفي إياك: إياككك. فهذا تكرير الكلمات غير معاني القراءة، وأخرج اللفظ عن وضعه من غير ضرورة، فهذا الظاهر بطلان الصلاة به. وربما كان إماما فأفسد صلاة المأمومين، وصارت الصلاة التي هي أكبر الطاعات
(1) سنن النسائي الطلاق (3432)، سنن أبو داود الحدود (4398)، سنن ابن ماجه الطلاق (2041)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 101)، سنن الدارمي الحدود (2296).
أعظم إبعادا له عن الله من الكبائر. وما كان من ذلك لا يبطل الصلاة فهو مكروه وإخراج القراءة عن كونها على الوجه المشروع عدول عن السنة، ورغبة عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته. وربما رفع صوته بذلك فآذى سامعيه وأغرى الناس بذمه والوقيعة فيه، وجمع على نفسه طاعة إبليس، ومخالفة السنة، وارتكاب شر الأمور ومحدثاتها، وتعذيب نفسه، وإضاعة الوقت، وآذى نفسه، وآذى المصلين، وهتك عرضه. انتهى المراد منه.
وأما السؤال عن اعتبار ما يوحيه الشيطان إلى بعض المبتلين بالوسوسة من أن الصلاة في الجماعة رياء.
فالجواب عنه: أن ذلك لا يجوز اعتباره، ولا يبيح التخلف عن الجماعة، بل إنما هو من دعوة الشيطان إلى الإعراض عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما كيفية الخلاص من الوسوسة في الصلاة، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها ما رواه مسلم في "كتاب الطب " من صحيحه عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب. فإذا أحسست به فتعوذ
(1) صحيح مسلم السلام (2203)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 216).