الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والموت حادثان يقعان في كل لحظة، وليس إلا الله يملك الموت والحياة؛ فالبشر- أرقى الخلائق- أعجز من بث الحياة في خلية واحدة، وأعجز كذلك من سلب الحياة سلبا حقيقيا عن حي من الأحياء، فالذي يهب الحياة هو الذي يعرف سرها، ويملك أن يهبها ويستردها، والبشر قد يكونون سببا وأداة لإزهاق الحياة، ولكنهم هم ليسوا الذين يجردون الحي من حياته على وجه الحقيقة، إنما الله هو الذي يحيي ويميت، وحده دون سواه. . . " (1).
(1) في الظلال، لسيد قطب، جـ4، ص2477.
3 -
الحكمة من الموت:
كل ما قضاه وقدره الحكيم سبحانه، فلا بد وأن يكون له حكمة، والحياة والموت من أعظم المخلوقات، فلا بد وأن تكون الحكمة منهما عظيمة وكبيرة. . .
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1){الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (2).
قال ابن كثير: ومعنى الآية أنه أوجد الخلائق من العدم، ليبلوهم ويختبرهم أيهم أحسن عملا؟. . " (3).
وقال القرطبي: وقيل معنى ليبلوكم ليعاملكم معاملة المختبر؛
(1) سورة الملك الآية 1
(2)
سورة الملك الآية 2
(3)
تفسير ابن كثير، جـ8، ص203.
أي ليبلو العبد بموت من يعز عليه ليبين صبره، وبالحياة ليبين شكره، وقيل: خلق الله الموت للبعث والجزاء، وخلق الحياة للابتلاء.
وقال السدي: أي أكثركم للموت ذكرا، وأحسن استعدادا، ومنه أشد خوفا وحذرا. . " (1).
والموت هو نهاية دار وبداية دار أخرى. . .
قال ابن أبي العز: الدور ثلاث: دار الدنيا، ودار البرزخ، ودار القرار، وقد جعل الله لكل دار أحكاما تخصها، وركب هذا الإنسان من بدن ونفس، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان، والأرواح تبع لها، وجعل أحكام البرزخ على الأرواح، والأبدان تبع لها، فإذا جاء يوم حشر الأجساد وقيام الناس من قبورهم، صار الحكم والنعيم والعذاب على الأرواح والأجساد جميعا. . . " (2).
وحكمة الموت تظهر جلية واضحة في هذه الآيات، قال تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (3){ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} (4){ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (5){ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (6){ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (7).
قال ابن كثير: وقوله {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (8) يعني بعد
(1) تفسير القرطبي الجامع، جـ18، ص207.
(2)
شرح العقيدة الطحاوية، ص452.
(3)
سورة المؤمنون الآية 12
(4)
سورة المؤمنون الآية 13
(5)
سورة المؤمنون الآية 14
(6)
سورة المؤمنون الآية 15
(7)
سورة المؤمنون الآية 16
(8)
سورة المؤمنون الآية 15