الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى أنهم يسألون الرجعة فلا يجابون عند الاحتضار، ويوم النشور، ووقت العرض على الجبار، وحين يعرضون على النار، وهم في غمرات عذاب الجحيم، قال قتادة: والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة، ولكن تمني أن يرجع فيعمل بطاعة الله، فانظروا أمنية الكافر المفرط فاعملوا بها ولا قوة إلا بالله، وعن محمد بن كعب القرظي نحوه. .) (1).
(1) تفسير ابن كثير، جـ5، ص486، 487.
15 -
الفرق بين موتى المؤمنين وموتى الكافرين:
أولا: موتى المؤمنين:
قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} (1){فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (2){يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} (3){كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (4){يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} (5){لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (6){فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (7).
قال ابن كثير: " وقوله {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (8) هذا الاستثناء يؤكد النفي، فإنه استثناء منقطع، ومعناه: أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا، كما ثبت في الصحيحين أن
(1) سورة الدخان الآية 51
(2)
سورة الدخان الآية 52
(3)
سورة الدخان الآية 53
(4)
سورة الدخان الآية 54
(5)
سورة الدخان الآية 55
(6)
سورة الدخان الآية 56
(7)
سورة الدخان الآية 57
(8)
سورة الدخان الآية 56
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، فيوقف بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار، خلود فلا موت (1)» ، وأخرج مسلم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقال لأهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا (2)» (3).
ثانيا: موتى الكافرين والمنافقين:
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (4){خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} (5).
قال ابن كثير: (ثم أخبر تعالى عمن كفر به واستمر به الحال إلى مماته بأن {عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (6){خَالِدِينَ فِيهَا} (7) أي: في اللعنة التابعة لهم إلى يوم القيامة، ثم المصاحبة لهم في نار جهنم التي {لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} (8) فيها: أي لا ينقص عما
(1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4730)، صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2849)، سنن الترمذي صفة الجنة (2558)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 9).
(2)
صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها، 8/ 148، رقم 5069.
(3)
تفسير ابن كثير، جـ7، ص247.
(4)
سورة البقرة الآية 161
(5)
سورة البقرة الآية 162
(6)
سورة البقرة الآية 161
(7)
سورة البقرة الآية 162
(8)
سورة البقرة الآية 162
هم فيه {وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} (1) أي: لا يغير عنهم ساعة واحدة، ولا يفتر، بل متواصل دائم، فنعوذ بالله من ذلك، وقال أبو العالية وقتادة: إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله، ثم تلعنه الملائكة، ثم يلعنه الناس أجمعون) (2).
وقال تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} (3){وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} (4).
وسبب نزول هذه الآية صلاته صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي ابن سلول فنهاه الله (5).
قال ابن كثير: أي: (من مات على الكفر فلن يقبل منه خير أبدا، ولو كان قد أنفق ملء الأرض ذهبا فيما يراه قربة، كما «سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان - وكان يقري
(1) سورة البقرة الآية 162
(2)
تفسير ابن كثير، جـ1، ص289، الدر المنثور، جـ1، ص393.
(3)
سورة التوبة الآية 84
(4)
سورة التوبة الآية 85
(5)
الدر المنثور، جـ4، ص258، 259.
(6)
سورة آل عمران الآية 91
الضيف، ويفك العاني، ويطعم الطعام-: هل ينفعه ذلك؟ فقال: لا، إنه لم يقل يوما من الدهر: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين (1)» (2).
وقال تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} (3){مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} (4){يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} (5).
قال ابن كثير: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} (6) أي: (يألم له جميع بدنه وجوارحه وأعضائه، قال ميمون بن مهران: من كل عظم، وعرق، وعصب، وقال عكرمة: حتى من أطراف شعره، وقال إبراهيم التيمي: من موضع كل شعرة، أي من جسده، حتى من أطراف شعره، وقال ابن جرير: أي من أمامه وورائه، وعن يمينه وشماله، ومن فوقه، ومن تحت أرجله، ومن سائر أعضاء جسده.
وقال ابن عباس: أنواع العذاب الذي يعذبه الله بها يوم القيامة في نار جهنم، وليس منها نوع إلا الموت يأتيه منه لو كان يموت، ولكن لا يموت؛ لأن الله تعالى قال:{لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} (7) ومعني كلام ابن عباس: أنه ما من نوع من هذه الأنواع من العذاب إلا إذا ورد عليه اقتضى أن يموت منه لو كان يموت، ولكنه لا يموت ليخلد في دوام العذاب والنكال؛ ولهذا
(1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، جـ1، ص136.
(2)
تفسير ابن كثير، جـ2، ص59.
(3)
سورة إبراهيم الآية 15
(4)
سورة إبراهيم الآية 16
(5)
سورة إبراهيم الآية 17
(6)
سورة إبراهيم الآية 17
(7)
سورة فاطر الآية 36