الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
الملائكة هي التي تقبض الأرواح بإذن الله:
اقتضت حكمة الله أن يرسل رسله لقبض أرواح عباده حينما تأتي لحظة الأجل. قال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} (1).
قال ابن كثير: (توفته رسلنا أي ملائكة موكلون بذلك).
قال ابن عباس وغير واحد: (لملك الموت إذا انتهت إلي الحلقوم. . وقوله {وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} (2) أي: في حفظ روح المتوفى، بل يحفظونها وينزلوها حيث شاء الله عز وجل، إن كان من الأبرار ففي عليين، وإن كان من الفجار ففي سجين، عياذا بالله من ذلك. .) (3).
وقال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} (4).
وقال سبحانه: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} (5).
وقال تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (6).
وقال سبحانه: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} (7).
(1) سورة الأنعام الآية 61
(2)
سورة الأنعام الآية 61
(3)
تفسير ابن كثير، جـ3، ص262.
(4)
سورة النحل الآية 32
(5)
سورة السجدة الآية 11
(6)
سورة النحل الآية 28
(7)
سورة الأنفال الآية 50
وقال سبحانه: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} (1).
وروى مسلم في حديث فيه طول قال أبو زميل: (فحدثني ابن عباس، قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ، يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه لضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «صدقت، ذلك من مدد السماء الثانية» فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين وذكر الحديث (2).
وبعد أن أورد القرطبي نصوص القرآن والسنة في هذا الباب قال: فصل: (إن قال قائل: كيف الجمع بين هذه الآي، وكيف يقبض ملك الموت في زمن واحد أرواح من يموت بالمشرق والمغرب؟ قيل له: اعلم أن التوفي مأخوذ من توفيت الدين واستوفيته، إذا قبضته ولم تدع منه شيئا، فتارة يضاف إلى ملك الموت لمباشرته ذلك، وتارة إلى أعوانه من الملائكة؛ لأنهم قد يتولون ذلك أيضا، وتارة إلى الله تعالى، وهو المتوفي على الحقيقة كما قال عز وجل {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} (3)
(1) سورة محمد الآية 27
(2)
صحيح مسلم في (كتاب الجهاد)، باب 142، سنن النسائي، 3/ 72، 6/ 31.
(3)
سورة الزمر الآية 42
وقال الكلبي: يقبض ملك الموت الروح من الجسد، ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمنا، وإلى ملائكة العذاب إن كان كافرا، وهذا المعنى منصوص عليه في حديث البراء. . . " (1).
وملائكة الموت تأتي المؤمن في صورة حسنة جميلة، وتأتي الكافر والمنافق في صورة مخيفة، ورد ذلك في حديث البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء ببض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد بصره، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام، حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة (- وفي رواية-: المطمئنة) اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، وإن العبد الكافر (- وفي رواية- الفاجر) إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة (غلاظ شداد) سود الوجوه، معهم مسوح من النار فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال: فتفرق
(1) التذكرة للقرطبي، ص60، ط الأولى، تحقيق محمد عطا.