الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدّمة الطّبعة الثالثة
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعه أجمعين.
أما بعد فقد مضى أكثر من عشر سنوات على الطبعة السابقة لهذا الكتاب وقد نفدت نسخه منذ زمن غير قريب، وازداد الإقبال على طلبه من كل حدب وصوب. وقدّر الله أن لا تكون مصر العزيزة الآن في موقف تستطيع الاضطلاع فيه بإخراج الطبعة الجديدة لهذه المجموعة. وكان من الناشر الكريم أن سمح لي بأن أنشر الكتاب عند ما أتمكّن. فأنا أستفيد من استعداد دار الإرشاد في بيروت لتحقيق هذه البغية. والخير فيما يختاره الله.
والحقيقة أنني لم أنفكّ أبحث عن الوثائق المتعلقة بدراستي هذه في مظانّها، مطبوعة كانت أو مخطوطة. وأهمّها كتاب الأموال لابن زنجويه، ومعجم الصحابة لابن قانع، وكتاب الأماكن للحازمي. وكلها من مكتبات تركيا العزيزة. وأحمد الله أنه قد تجمّع لديّ عدد جديد من هذه الوثائق، كما وقع بين يدي مصادر جديدة لبعض ما كان موجودا في الطبعات السالفة. وقد أحللت كل شيء محلّه اللائق به، وسلكت في هذا مسلكي في الطبعة الثانية، فلم أغير أرقام الوثائق بل أشرت إلى الزيادات بالحروف أ، ب، ج، وعلى هذا القياس.
ومع شوقي إلى جمع كل ما نسب من المكتوبات إلى النبي عليه الصلاة والسلام فإنني لم أدوّن ههنا إلّا ما ثبت أنه كان مكتوبا، وأبعدت كل ما لم يصرّح المصدر بأنه كان مكتوبا، حتى ولو غلب على ظني أنه كان كذلك. مثلا هناك روايات تثبت الإقطاع، ولم تكن الإقطاعات في عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلا كتابة. ومع ذلك لم أدخل في مجموعتي هذه الروايات التالية لأن المصادر لا تصرّح بوجود الكتابة فيها:
1-
أبيض بن حمّال استقطع الملح بمأرب، فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أرجعه منه لأنه كان الماء العدّ، وأقطع له أرضا ونخيلا بالجرف- جرف مراد- حين أقاله منه. (سنن الدارقطني 2/ 519؛ سنن أبي داود 19/ 36) .
2-
شريس بن ضمرة المزني- وسمّاه النبي صلى الله عليه وسلم شريحا- قال: يا رسول الله أقطعني ماء يقال له ثبير قال: قد أقطعتك. (الأماكن للحازمي، خطية، فصل 158) .
3-
العس العذري، استقطعه أرضا بوادي القرى، فأقطعه. فهي إلى اليوم تسمّى بويرة عسّ. (الأماكن للحازمي، خطية، فصل 126. زيادة الطبعة الرابعة) .
4-
عمرو بن سعد، لما وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم استقطعه ما بين السعدية والشقراء. وهما ماءان. والشقراء ماء لبني قتادة بن سكن.
(المحكم لابن سيده، مادة قشر، مقلوب) .
5-
فرات بن حيّان العجلي. أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا باليمامة. (الأموال لأبي عبيد، فصل 678) .
6-
أيضا. أقطعه بعد ذلك أرضا بالبحرين. معجم الصحابة لابن قانع، خطية كوبرولو باستانبول، ورقة 141/ ألف) .
7-
فمن بني صبح: معقل بن سنان بن نبيشة بن سلمة بن سلامان بن النعمان ابن صبح. أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم قطيعة. (أنساب الأشراف
للبلاذري، القسم الذي لم يطبع بعد، خطية رئيس الكتّاب باستانبول 2/ 814) .
8-
نضلة بن عمرو الغفاري. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه الصفراء. (معجم الصحابة لابن قانع، كما مرّ، ورقة 195/ ألف) .
9-
عظيم بن الحارث المحاربي. فخّ ماء، أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم. (الأماكن للحازمي، خطية لاله لي باستانبول، فصل 664) .
10-
عن الدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع أبا رافع أرضا.
(الأموال لأبي عبيد، حاشية المصحح على الفصل 1305، ص 450) .
11-
العرس وعمرو، ابنا عامر بن ربيعة بن هوذة بن عمرو بن عامر بن البكّاء بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. إنهما وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهما مسكنهما من المصناعة والمرّان. (معجم الصحابة لابن قانع، كما مرّ، ورقة 119/ ألف. وأيضا ورقة 139/ ب؛ راجع أيضا أسد الغابة لابن الأثير، مادة عرس) .
12-
لما قدم النبي عليه السلام المدينة أقطع أبا بكر وأقطع عمر. (الخراج لأبي يوسف ص 34) .
13-
قال عبد الرحمن بن عوف: قطع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا بالشأم، يقال لها السليل. فتوفى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتب لي بها كتابا، وإنما قال: إذا فتح الله علينا الشأم فهي لك. (طبقات ابن سعد، 3/ 1، ص 89) .
14-
الأرقم بن أبي الأرقم، أقطعه صلى الله عليه وسلم دارا بالمدينة. (كتّاب النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد مصطفى الأعظمي، ص 38، عن الاصابة لابن حجر 1/ 28، رقم 73) .
15-
لعلي بن أبي طالب: عن عمّار بن ياسر قال: أقطع النبي صلى الله عليه وسلم عليّا بذي العشيرة، من ينبع. ثم أقطعه عمر بعد ما استخلف قطيعة. واشترى عليّ إليها قطيعة. وكانت أموال عليّ بينبع عيونا متفرّقة،
تصدّق بها. (وفاء الوفاء للسمهودي، طبعة جديدة، ص 1334) .
16-
بنو المداش: حائط بني المداش، موضع بوادي القرى، أقطعهم إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسب إليهم. (السمهودي أيضا، ص 1181) .
17-
جمرة بن النعمان بن هوذة العذري سيد بني عذرة، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة بني عذرة. وأقطعه حضر فرسه ورمية سوطه من وادي القرى فنزلها إلى أن مات. (الوثائق السياسية اليمنية للأكوع الحوالي، ص 73 بالهامش، عن الاصابة لابن حجر رقم 1179، (وزاد: ومنهم من قرأه حمزة بالحاء المهملة والصحيح بالجيم) .
18-
قرط بن ربيعة الدماري وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقطعه أرضا بحضرموت. هو دماري، من دمار أبين. (الاكوع الحوالي ص 136 عن مخطوطة التاريخ المجهول لوحة 85) .
19-
وهاجر العريان- واسمه الحارث- النهمي، وشهد بعض أيام النبي عليه السلام فقاتل في إزار بقوس وقرن. فقال النبي عليه السلام: من هذا العريان؟ فسمّي العريان. وله طعمة بجوف المحورة. ودخل معه في الطعمة النجدات. جوف المحورة بستان في الجوف، وكان لمراد.
(الأكوع الحوالي، ص 136 وارجع إلى الإكليل للهمداني ج 10) .
20-
عمرو بن حريث قال: خطّ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم دارا بالمدينة بقوس، وقال: أزيدك، أزيدك. (سنن أبي داود، كتاب 19، باب 36، حديث رقم 3) .
21-
الزبير بن العوام: عن أسماء ابنة أبي بكر (زوجة الزبير) قالت: كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهو منّي على ثلثي فرسخ
…
أقطع الزبير أرضا من أموال بني النضير (البخاري 57/ 19/ 9، 67/ 107/ 5) . «إن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير حضر فرسه بأرض يقال لها ثرير. فأجرى الفرس حتى قام، ثم رمى بسوطه. فقال عليه السلام : أعطوه حتى بلغ السوط»
(مسند أحمد بن حنبل، رقم 6458؛ ج 6، ص 247) . «أقطع الزبير أرضا بخيبر فيها شجر ونخل» (الأموال لأبي عبيد، رقم 676، 691) .
«أقطع الزبير نخلا» (أبو داود 19/ 36/ 14) . «أقطع الزبير حضر فرسه فأجرى
…
فقال أعطوه من حيث بلغ السوط» (أيضا أبو داود 19/ 36/ 17) . وأرجع محشي مسند ابن حنبل إلى طبقات ابن سعد 8/ 182- 183. «إن التي أقطعها النبي صلى الله عليه وسلم للزبير من أموال بني النضير كانت أرضا يقال لها الجرف» (مكاتيب الرسول لعلي الأحمدي، رقم 142، وعزاه الى كتاب الخراج لأبي يوسف) . لم يذكر في أحد من هذه الإقطاعات وثيقة مكتوبة- ولوثيقة مكتوبة راجع رقم 229 أدناه في مجموعتنا هذه- ولا مجال ههنا للبحث في هذه الاختلافات. ولا بد من أن أذكر أن في قباء، في جنوبي المدينة توجد إلى هذا اليوم بئر عروة بن الزبير (وكانت هناك كتابة طويلة له على جبل أمام البئر رأيتها في السنة 1358 هـ) .
وكذلك توجد وراء جبل أحد، في شمالي المدينة، بركة الزبير وآثار مسجد كبير منهدم مع منارته الساقطة على الأرض، رأيتها في السنة 1358 هـ. وقد ذكر البخاري مرات عديدة (42/ 6، 42/ 7، 42/ 8 وغير ذلك) مخاصمة بين الزبير ورجل من الأنصار، في شراج الحرّة التي كانوا يسقون بها النخل، فرفعاها الى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما. فلا مانع أن يكون للزبير رضي الله عنه أراض عديدة في المدينة وفي خيبر وغير ذلك.
22-
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش: «أما بعد فانكم أن تبرؤوا من حلف بني بكر أو تدوا خزاعة، وإلا أوذنكم بحرب» . فقالوا:
لا نتبرؤ ولكن نؤذنه بحرب. (المطالب العالية لابن حجر، رقم 4361، عن مسدّد، وفي فتح البارىء له أيضا، 8/ 4) . لم ينصّ الكتاب ولذلك أكرهنا أن ننقله ههنا. وهذا يتعلق، فيما يظهر، بما وقع بين خزاعة حلفاء المسلمين، وبني بكر حلفاء قريش بعد هدنة الحديبية فوقعت
الحرب، وفتحت مكة.
23-
أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد موضع داره قريبا من داره
…
وروى ابن زبالة: شكا خالد بن الوليد ضيق منزله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له: ارفع البناء في السماء وسل الله السعة.
وفي رواية ابن شبّة: اتسع في السماء. وذكر من رواية الواقدي أن خالد بن الوليد حبس داره بالمدينة، لا تباع ولا توهب. (الوفاء للسمهودي، طبعة جديدة ص 730- 731؛ راجع أيضا طبقات ابن سعد 4/ 2، ص 112)(زيادة الطبعة الرابعة) .
وكذلك لم أدخل في المجموعة ما أراد النبي عليه السلام أن يكتبه ثم حال دون ذلك حائل ما، مثل ما روى الإمام مسلم في صحيحه (فضائل الصحابة 11) عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه: ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنّى متمنّ ويقول قائل: أنا أولى. ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» . (راجع أيضا صحيح البخاري كتاب المرضى 75/ 16/ 12، وكتاب الأحكام 93/ 51/ 1؛ وكذلك مسند أحمد بن حنبل 6/ 106، 6/ 144) . (زيادة الطبعة الرابعة) .
ولا بأس أن أذكر أن بعض أهل باكستان زادهم الله توفيقا ترجموا هذه المجموعة إلى لغة أردو في سنة 1960 م، على أساس طبعتنا الأولى، ولكن بحذف مصادر الوثائق وحذف فهارسنا المختلفة التي تسهّل للباحث بحثه.
وأهمّ حادث حدث منذ الطبعة الثانية هو العثور على أصل مكتوب النبي عليه السلام إلى كسرى. وهو موجود الآن في خزانة كتب خاصة، وفضل الاكتشاف عائد إلى الدكتور الفاضل صلاح الدين المنجّد. وقد أضفنا الصورة وتفاصيل البحوث في المحل المتعلق بهذه الوثيقة (أي تحت الرقم 53) .
ومن الأفاضل الذين ساعدوني في البحث واستفدت من مساعدتهم الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، من الدوحة عاصمة قطر. فقد تفضّل وأرسل إليّ
فهرسا غير هيّن يدلّني إما على وثيقة لم أعرفها قبله أو على مصدر جديد للوثائق المعروفة. ونقل لي أيضا بعض النصوص من المخطوطات رآها. وكذلك فعل الاستاذ الفاضل والصديق الحميم محمد طيب أوكج من كلية الإلهيات من جامعة أنقرة. فجزاهما الله خير الجزاء عن العلم والأخوّة.
وليس كل ما يتمنّى المرء يدركه. فقد ذكرت مجلة معهد المخطوطات لجامعة الدول العربية، ج 3/ 2 ص 202 (سنة 1957) أن هناك مخطوطة مجهولة الاسم والمؤلف في 12 ورقة، في مكتبة طلعت قسم التاريخ رقم 1845، بخط السيد أحمد رفعت كتبها سنة 1265 للهجرة، فيها:«كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، ثم كتب الخلفاء، وردّ الولاة عليهم» وغير ذلك، وأن بهامشها تفسيرات باللغة التركية. ولم أتمكن من الاستفادة منها إلى الآن.
ولن أزال ألتمس، طالما يقدّر الله لي الحياة، من قرّائي أن يفيدوني مشكورين بإرشاداتهم عند ما سهوت أو غفلت. ولهم المن وعليّ الشكر وعلى مولانا الكريم الجزاء والمثوبة.
وأسجّل شكري القلبي أيضا للأستاذ رشاد عبد المطّلب، الذي كان اعتنى، عن طريق لجنة التأليف والترجمة (مصر) ، بنشر الطبعتين السالفتين ولا يزال يساعدني مساعدات جمّة. جزاه الله خيرا.
ولا أختم هذه الكلمة قبل أن أقدّم تقديري وشكري لمدير دار الإرشاد الذي أنا رهين منته بهذه الطبعة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
باريس في رجب 1387 هـ.
محمد حميد الله