الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ح)
المطالب العالية لابن حجر العسقلاني، ج 2، ع 2119 (ولا يكاد يصحّ لأن الكاتب «ابن أبي سفيان» (معاوية) لم يكن أسلم في سنة كتابة هذا المكتوب أي أربع للهجرة. وكذلك ذكر خالد بن الوليد فيه كنائب الوالي، ولم يكن أسلم حينئذ. ويدّعي أن شهر ذي القعدة وقع قبل شهرين من مهاجر النبي عليه السلام (فيكون في المحرم، لا في ربيع الأول) . إلى غير ذلك من الأغلاط.
قابل «القضاء في الاسلام» لمحمد ضياء الرحمن الاعظمي في مجلة رابطة العالم الاسلامي، مكة، عدد محرم 1398 هـ
راجع الوثيقة 59/ ألف أعلاه.
[باب] عهد الإمام إلى عمّاله كيف يسيرون في أهل الإسلام
2119-
الجارود أنه أخذ هذه النسخة عهد العلاء بن الحضرمي الذي كتبه له النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه على البحرين:
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد بن عبد الله النبي الأمي القرشي الهاشمي رسول الله ونبيّه إلى خلقه كافة، للعلاء بن الحضرمي ومن معه من المسلمين، عهد أعهده إليكم، اتقوا الله أيها المسلمون! ما استطعتم، فإني بعثت عليكم العلاء بن الحضرمي، وأمرته أن يتّقي الله وحده لا شريك له، وأن يلين لكم الجناح، ويحسن فيكم السيرة بالحق، ويحكم بينكم وبين من لقي من الناس بما أنزل الله عز وجل في كتابه من العدل، وآمركم بطاعته إذا فعل ذلك، وقسم بقسط، واسترحم فرحم، فاسمعوا له، وأطيعوا، وأحسنوا مؤازرته ومعاونته، فإن لي عليكم من الحق طاعة وحقا عظيما لا تقدرون كلّ «1» قدره، ولا يبلغ القول كنه حقّ عظمة الله وحقّ رسوله، وكما أنّ لله ورسوله على الناس عامّة وعليكم خاصّة حقا واجبا بطاعته، والوفاء بعهده، كذلك للمسلمين على ولاتهم حقا واجبا وطاعة، يرضى الله عمن اعتصم بالطاعة، وعظّم حق أهلها وحقّ ولاتها، فإن في الطاعة دركا لكل خير يبتغى، ونجاة من كل شرّ يتّقى، وأنا أشهد الله تعالى على من ولّيته شيئا من أمور المسلمين قليلا أو كثيرا فلم يعدل فيهم أن لا طاعة له، وهو خليع
(1) كذا في الإتحاف، وفي الأصلين «على قدره» .
مما ولّيته، وقد برئت ذمم «1» الذين معه من المسلمين، وأيمانهم، وعهدهم، فيستخيروا الله «2» عند ذلك، ثم يستعملوا عليهم أفضلهم في أنفسهم، ألا وإن أصابت العلاء بن الحضرمي مصيبة فخالد بن الوليد سيف الله خلف فيهم للعلاء بن الحضرمي، فاسمعوا له وأطيعوا ما عرفتم أنه على حق، حتى يخالف الحق إلى غيره.
فسيروا على بركة الله، وعونه، ونصره، وعافيته، ورشده، وتوفيقه «3» ، فمن لقيتم من الناس فادعوهم إلى كتاب الله المنزل، وسنته، وسنة رسوله، وإحلال ما أحلّ الله لهم في كتابه، وتحريم ما حرم الله عليهم في كتابه، وأن تخلعوا الأنداد، وتتبرّؤوا من الشرك والكفر، وأن تكفروا بعبادة الطاغوت واللّات والعزّى، وأن تتركوا عبادة عيسى بن مريم وعزير بن جردة، والملائكة، والشمس، والقمر، والنيران، وكل شيء يتخذ ضدا من دون الله، وأن تتولّوا الله ورسوله وأن تتبرءوا ممّن برىء «4» الله ورسوله.
فإذا فعلوا ذلك، وأقروا به، ودخلوا في الولاية، فبيّنوا لهم عند ذلك ما في كتاب الله الذي تدعونهم إليه، وأنه كتاب الله المنزل مع الروح الأمين، على صفوته من العالمين، محمد بن عبد الله ورسوله ونبيه وحبيبه، أرسله رحمة للعالمين عامة، الأبيض منهم والأسود، والإنس والجن، كتاب فيه نبأ «5» كل شيء كان قبلكم وما هو كائن بعدكم ليكون حاجزا بين الناس يحجز الله به بعضهم عن بعض [وأعراض بعضهم عن بعض]«6» وهو كتاب الله مهيمنا على الكتب مصدقا لما فيها من التوراة والإنجيل والزبور. يخبركم الله فيه بما كان قبلكم مما قد فاتكم دركه في آبائكم الأولين الذين أتتهم رسل الله وأنبياؤه كيف كان جوابهم وبما أرسلهم «7» وكيف كان تصديقهم بآيات الله وتكذيبهم بها «8» ، فأخبر الله في كتابه بشأنهم «9» وعملهم وعمل من هلك منهم بذنبه لتجتنبوا ذلك ولا تعملوا مثلهم «10» لئلا يحل «11» عليكم في كتاب الله من عقابه وسخطه ونقمته مثل الذي حل عليهم من سوء أعمالهم لتهاونهم بأمر الله. وأخبركم في
(1) هذا ما أراه، وفي الأصلين «الذم» وفي الإتحاف «ذمة الذين
…
أيمانهم وعهدهم وذمتهم» .
(2)
كذا في الإتحاف، وفي الأصلين «ويسجدوا لله» .
(3)
وفي الإتحاف «وتوثيقه» .
(4)
كذا في الإتحاف وفي الأصلين «مما تبرى» .
(5)
كذا في الإتحاف، وفي الأصلين «وللكتاب فيه تبيان» .
(6)
كذا في الإتحاف.
(7)
وفي الإتحاف «وثم لرسلهم» ولعل الصواب «جوابهم لرسلهم» .
(8)
في الإتحاف «وكيف كان تكذيبهم بها» .
(9)
في الإتحاف «أنسالهم وأعمالهم وأعمال من هلك» .
(10)
في الإتحاف «ان تعملوا بمثله» .
(11)
في الإتحاف «كيلا يحق» .
كتابه بأعمال من نجا ممن كان قبلكم لكي تعملوا بمثل أعمالهم، بيّن لكم في كتابه هذا شأن ذلك كله، رحمة منه لكم، وشفقا من ربكم عليكم.
وهو هدى من الضلالة، وتبيان من العمى، وإقالة من العثرة، ونجاة من الفتنة، ونور من الظلمة، وشفاء عند الإجداب «1» ، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من اللبس، وفصل «2» ما بين الدنيا والآخرة، فيه كمال دينكم.
فإذا عرضتم هذا عليهم فأقرّوا لكم به، فاستكملوا الولاية، فاعرضوا عليهم عند ذلك الإسلام، وهو الصلوات الخمس، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام رمضان، والغسل من الجنابة، والطهور قبل الصلاة، وبرّ الوالدين، وصلة الرحم المسلم «3» ، وحسن الصحبة حتى للوالدين المشركين.
فإذا فعلوا ذلك، فقد أسلموا، فادعوهم بعد ذلك إلى الإيمان وانصبوا لهم شرائعه ومعالمه «4» ، والإيمان شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن ما جاء به محمد الحق، وأن ما سواه الباطل، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وأنبيائه واليوم الآخر، والإيمان بما بين يديه وما خلفه من التوراة والإنجيل والزبور، والإيمان بالبعث والحساب والجنة والنار والموت والحياة، والإيمان لله ولرسوله وللمؤمنين كافة.
فإذا فعلوا ذلك وأقروا به فهم مسلمون مؤمنون. ثم تدلّوهم بعد ذلك على الإحسان وعلّموهم أن الإحسان أن يحسنوا فيما بينهم وبين الله في أداء الامانة وعهده الذي عهده إلى رسله وعهده رسله إلى خلقه وأئمة المؤمنين. والتسليم سلامة المسلمين من كل غائلة لسان أو يد، وأن يبتغي لبقية المسلمين كما يبتغي لنفسه، والتصديق بمواعيد الرب ولقائه ومعاينته، والوداع من الدنيا في كل ساعة، والمحاسبة للنفس عند استيفاء كل يوم وليلة، والتزود من الليل والنهار، والتعاهد لما فرض الله تأديته إليه في السر والعلانية.
(1) كذا في الإتحاف.
(2)
في الإتحاف «بيان» .
(3)
في الإتحاف «المسلمة» .
(4)
كذا في الإتحاف غير أن فيه «معاله» خطأ.
فإذا فعلوا ذلك فهم مسلمون مؤمنون محسنون. ثم انصبوا وانعتوا لهم الكفار ودلّوهم عليهم وخوّفوهم من الهلكة من الكبائر وإن الكبائر هي الموبقات، أولاهن الشرك بالله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ والسحر وما للساحر من خلاق، وقطيعة الرحم لعنهم الله، والفرار من الزحف فقد باءوا بغضب من الله، والغلول يأتون بما غلّوا يوم القيامة فلا يقبل منهم، وقتل النفس المؤمنة جزاؤه جهنم، وقذف المحصنة لعنوا في الدنيا والآخرة، وأكل مال اليتيم يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً وأكل الربا ائذنوا بحرب من الله ورسوله. فإذا انتهوا عن الكبائر فهم مسلمون مؤمنون محسنون متقون وقد استكملوا التقوى فادعوهم بمثل ذلك إلى العبادة. والعبادة: الصيام والقيام والخشوع والخضوع والركوع والسجود والإنابة واليقين والإحسان والتهليل والتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير والصدقة بعد الزكاة والتواضع والسكون والمواساة والتضرع والدعاء والإقرار بالملكة لله. والعبودية، والاستقلال لما كبر من العمل الصالح.
فإذا فعلوا ذلك فهم مسلمون مؤمنون محسنون متقون عابدون وقد استكملوا العبادة. فادعوهم عند ذلك إلى الجهاد وبيّنوه لهم ورغّبوهم فيما رغبهم الله من فضيلة الجهاد وثوابه عند الله تعالى.
فإن انتدبوا فبايعوهم وادعوهم حتى تبايعوهم إلى سنة الله وسنة رسوله، عليكم عهد الله وذمته وسبع كفالات (يعني «1» : الله كفيل على الوفاء سبع مرات) لا تنكثون أيديكم من بيعة ولا تنقضون أمر وال «2» من ولاة المسلمين. فإذا أقرّوا بهذا فبايعوهم واستغفروا لهم.
فإذا خرجوا يقاتلون في سبيل الله غضبا لله ونصرا لدينه فمن لقوا من الناس فليدعوهم إلى ما دعوا إليه من كتاب الله وإجابته ثم إسلامه وإيمانه وإحسانه وتقواه وعبادته وجهاده، فمن اتبعهم فهو المستجيب المستكثر المسلم المؤمن المحسن المتقي العابد المجاهد، له ما لكم وعليه ما عليكم، ومن أبى هذا عليكم فقاتلوهم حتى يفيء إلى أمر الله، ويفيء
إلى دينه، ومن عاهدتم وأعطيتموهم ذمة الله فوفّوا له بها. ومن أسلم وأعطاكم الرضا فهو منكم وأنتم منه، ومن قاتلكم على هذا بعد ما استجبتم له فقاتلوه، ومن حاربكم فحاربوه، ومن كايدكم فكايدوه، ومن جمع لكم فاجمعوا له، أو غالكم فغيلوه، أو خادعكم فاخدعوه من غير أن تعتدوا، أو ماكركم فامكروا به من غير أن تعتدوا سرّا أو علانية، فإنه من انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.
واعلموا أن الله معكم يراكم، ويرى أعمالكم ويعلم ما تصنعون كله، فاتقوا الله، وكونوا على حذر، فإنما هذه أمانة ائتمنني عليها ربي، أبلغها عباده عذرا منه إليهم، وحجة منه أحتجّ بها على من بلغه هذا الكتاب من الخلق جميعا، فمن عمل بما فيه نجا، ومن اتبع ما فيه اهتدى، ومن خاصم به أفلح، ومن قاتل به نصر، ومن تركه ضلّ، حتى يراجعه، فتعلموا ما فيه، وأسمعوه آذانكم، وأوعوه أجوافكم، واستحفظوه قلوبكم، فإنه نور الأبصار، وربيع القلوب، وشفاء لما في الصدور، وكفى بهذا آمرا ومعتبرا، وزاجرا وعظة، وداعيا إلى الله ورسوله.
فهذا هو الخير الذي لا شرّ فيه، كتاب محمد بن عبد الله رسول الله ونبيه، للعلاء بن الحضرمي حيث بعثه إلى البحرين، يدعو إلى الله ورسوله يأمره أن يدعو إلى ما فيه من حلال وينهى عما فيه من حرام، ويدل على ما فيه من رشد، وينهى عما فيه من غيّ، كتاب ائتمن عليه نبيّ الله العلاء بن الحضرميّ وخليفته سيف الله خالد بن الوليد، وقد أعذر إليهما في الوصية بما في هذا الكتاب وإلى من معهما من المسلمين، ولم يجعل لأحد منهم عذرا في إضاعة شيء منه، لا الولاة ولا المتولّى عليهم، فمن بلغه هذا الكتاب من الخلق جميعا فلا عذر له ولا حجة، ولا يعذر بجهالة شيء مما في هذا الكتاب» .
كتب هذا الكتاب لثلاث من ذي القعدة لأربع سنين مضت من مهاجر نبي الله، إلا شهرين. شهد بهذا الكتاب يوم كتبه ابن أبي سفيان، يملي
عليه عثمان بن عفان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس والمختار ابن قيس القرشي، وأبو ذرّ الغفاري، وحذيفة بن اليمان العبسي، وقصيّ ابن أبي عمرو الحميري، وشعيب بن أبي مرثد الغساني، والمسيب بن أبي صعصعة الخزاعي، وعوانة بن شماخ الجهني، وسعد بن مالك الأنصاري، وسعد بن عبادة الأنصاري، وزيد بن عمرو، والنقباء رجل «1» من قريش، ورجل من جهينة، وأربعة من الأنصار، حين دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العلاء بن الحضرمي وخالد بن الوليد سيف الله.
[للحارث]«2» .
(1) كذا في الإتحاف وفي الأصلين «زيد بن عمير النعا ورجل» .
(2)
قال البوصيري: رواه الحارث بسند ضعيف لجهالة التابعي وكذب داود بن المحبر (2/ 94) .