الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل)
قال المؤلف رحمه الله:
(و
الأمر المطلق لا يتناول المكروه
لان الامر استدعاء وطلب، والمكروه غير مستدعاً ولا مطلوب ولان الامر ضد النهى فيستحيل أن يكون الشيء مأموراً به ومنهياً عنه، واذا قلنا ان المباح ليس بمأمور فالنهى عنه أولى) .
ايضاح معنى كلامه رحمه الله:
أن المأمور به اذا كان بعض جزئياته منهياً عنه نهى تنزيه أو تحريم لا يدخل ذلك المنهى عنه منها فى المأمور به لأن النهى ضد الامر والشيء لا يدخل فى ضده خلافاً لبعض الحنفية القائلين بدخوله فيه، فتحية المسجد مثلا مأمور بها، فاذا دخل المسجد وقت نهى فتلك الصلاة المنهى عنها لوقت النهى لم تدخل فى الأمر للمضادة التي بين الأمر والنهى وهكذا.
وقال الشافعى _ رحمه الله _ ان الصلوات ذوات الأسباب الخاصة لم يتناولها النهى فهى داخلة فى الامر لانها لم تدخل فى النهى.
(الحرام)
قال المؤلف _ رحمه الله _:
القسم الخامس (الحرام ضد الواجب)
اعلم أن الحرام صفة مشبهة باسم الفاعل لانه الوصف من حرم الشيء فهو حرام والحرام فى اللغة هو الممنوع ومنه قول امرئ القيس:
جالت لتضرعى فقلت لها اقصرى انى امرؤ صرعى عليك حرام
وقول الآخر:
حرام على عينى أن تطعما الكرى وأن ترقئا حتى ألاقيك يا هند
وقوله تعالى: "وحرمنا عليه المراضع من قبل " وقوله تعالى: "فانها محرمة عليهم أربعين سنة" وقوله تعالى: "وحرام على قرية أهلكناها ". الآيات.
وقوله ضد الواجب يعنى أن الحرام فى الاصطلاح هم (ما فى تركه الثواب وفى فعله العقاب) وان شئت قلت ما نهى عنه نهياً جازما.
وقول المؤلف رحمه الله (فيستحيل أن يكون الشيء الواحد واجبا حراما طاعة ومعصية من وجه واحد الا أن الواحد بالجنس ينقسم إلى واحد بالنوع وإلى واحد بالعين أي بالعدد.. الخ..) ايضاح معنى كلامه _ رحمه الله _ أن الوحدة ثلاثة أقسام:
وحدة بالجنس.
وحدة بالنوع.
وحدة بالعين.
أما الوحدة بالجنس أو النوع فلا مانع من كون بعض أفراد الواحد بهما حراما وبعضها حلالا بخلاف الوحدة بالعين فلا يمكن أن يكون فيها بعض الافراد حراما وبعضها حلالا.
مثال الوحدة بالجنس: وحدة البعير والخنزير لأنهما يشملهما جنس واحد هو الحيوان فكلاهما حيوان فهما متحدان جنساً ولا اشكال فى حرمة
الخنزير واباحة البعيرة ومثال الوحدة بالنوع السجود فانه نوع واحد فالسجود لله والسجود للصنم يدخلان فى نوع واحد هو اسم السجود ولا اشكال فى أن السجود للصنم كفر ولله قربة، كما قال تعالى:
(
لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذى خلقهن ان كنتم اياه تعبدون) .
ومثال الوحدة بالعين عند المؤلف _ رحمه الله _: الصلاة فى الارض المغصوبة فلا يمكن عنده أن يكون بعض أفرادها حراما وبعضها مباحا. وايضاح مراده أن المصلى فى الدار المغصوبة اذا قام إلى الصلاة شغل بجسمه الفراغ الذى هو كانئن فيه وشغله الفراغ المملوك لغيره بجسمه تعدياً غصب فهو حرام، فهذا الركن الذى هو كائن فيه فى ركوعه، واذا سجد شغل الفراغ الذى هو كائن فيه فى سجوده وهكذا، وشغل الفراغ المملوك لغيره تعدياً غصب، فلا يمكن أن يكون
قربة لامتناع كون الواحد بالعين واجبا حراما قربة معصية لاستحالة اجتماع الضدين فى سيء واحد من جهة واحده فيلزم بطلان الصلاة المذكورة ومنع هذا القائلون بصحة الصلاة فى الأرض المغصوبة وهم الجمهور، قالوا: الصلاة فى الارض المغصوبة فعل له جهتان، والواحد بالشخص يكون له جهتان هو طاعة من احداهما ومعصية من احداهما، فالصلاة فى الارض المغصوبة من حيث هي صلاة (قربة) ومن حيث هى غصب معصية، فله صلاته وعليه غصبه، فيقول من قال ببطلانها: الصلاة فى المكان المغصوب ليست من أمرنا فهى رد، للحديث الصحيح: (من أحدث
فى أمرنا ما ليس منه فهو رد) فيقول خصمه الصلاة فى نفسها من أمرنا فلست برد وانما الغصب هو الذى ليس من أمرنا فهو رد.
واعلم أن حاصل أقوال العلماء فى الصلاة فى المكان المغصوب أربعة مذاهب.
الأول: أنها باطلة يجب قضاؤها وهو أصح الروايتين عن الأمام أحمد _ رحمه الله _.
الثانى: أنها باطلة ولا يجب قضاؤها لان النهى يقتضى البطلان ولان السلف لن بكونوا يأمرون بقضاء الصلاة فى المكان المغصوب وممن قال به الباقلانى والرازى ولا يخفى بعده.
الثالث: أنها صحيحة وهى رواية أخرى عن أخرى عن أحمد وعليه الجمهور منهم مالك والشافعى وأكثر أهل العلم وأكثرهم على أنها صحيحة لا أجر فيها كالزكاة اذا أخذت منه قهراً.
الرابع: أنها صحيحة وله أجر صلاته وعليه اثم غصبه وهذا أقيس.
(فصل)
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
مصححوا الصلاة فى الدار المغصوبة قسموا النهى ثلاثة أقسام إلى آخره، اعلم أن حاصل كلام أهل الاصول فى هذه المسألة أن المنهى عنه اما أن تكون جهة النهى فيه منفردة، أعنى أنه لم تكن له جهة أخرى مأمور به منها كالشرك بالله والزنا، فان النهى
عنهما لم يخالطه أمر من جهة أخرى، وهذا النوع واضح لا اشكال فى أنه باطل على كل حال، واما أن يكون له جهتان: جهة مأمور به منها وجهة منهى عنه منها، وهم يقولون ى مثل هذا ان انفكت جهة الامر عن جهة النهى، فالفعل صحيح وان لم تنفك عنها الفعل باطل لكنهم عند التطبيق يختلفون.
فيقول الحنبلى: الصلاة فى الارض المغصوبة منهى عنها من جهة الغصب مأمور بها من جهة الصلاة الا أن الجهة هنا غير منفكة لان نفس الحركة فى أركان الصلاة عين شغل الفراغ المملوك لغيره تعدياً، وذلك عين الغصب، فأفعال الصلاة لا تنفك عن
كونها غصباً.
والصلاة يشترط فيها نية التقرب وتلك الأفعال التي هى شغل الفراغ المملوك لغيره غصب لا يمكن فية نية التقرب اذ لا يمكن أن يكون متقربا بما هو عاص به، أما اذا انفكت الجهة فالفعل صحيح كالصلاة بالحرير فان الجهة منفكة لا لبس الحرير منهى عنه مطلقا فى الصلاة وغيرها، فالمصلى بالحرير صلاته صحيحة وعليه اثم لبسه الحرير، فيقول المالكى والشافعى مثلا: لا فرق البتة بين الصلاة فى المكان المغصوب وبين الصلاة بالحرير، فالغصب أيضا حرام فى الصلاة وفى غيرها، فصلاته صحيحة وعليه اثم غصبه.
ويقول المالكى مثلا: مثال الجهة غير المنفكة، صوم يوم العيد أو الفطر لأن الصائم فيهما معرض عن ضيافة الله، لأن الأعراض عنهما هو الامتناع عن الأكل والشرب فلا يمكن انفكاك الجهة، فيقول الحنفى: الجهة منفكة أيضا لأن الصوم من حيث أنه صوم قربة ومن حيث كونه فى يوم العيد منهى عنه فالجهة منفكة ولذا لو نذر أحد أن يصوم يوم العيد فنذره عنده صحيح منعقد ويلزمه صيام يوم آخر غير يوم العيد ينائ على انفكاك الجهة عنده.
وقول المؤلف رحمه الله فى هذا المبحث: قسموا النهى إلى ثلاثة أقسام:
ايضاح معناه أن المنهى عنه اما أن يكون النهى عنه لذاته أو لوصفه القائم به أو لخارج عنه، زاد بعض المحققين قسما رابعا وهو أن المنهى عنه لخارج عنه قد تكون فيه جهة النهى غير منفكة عن جهة الأمر وقد تكون منفكة عنها