الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكرامة بالإجابة بقوله: قد فعلت. فظاهر الامتنان أنه خاص بنا. ويستأنس لهذا بما ذكره البغوي عن الكلبي من أن من قبلنا كانموا يؤاخذون بالخطأ والنسيان. وقد اقل الله تعالى في آدم: ((ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي.)) وقال: وعصى آدم ربه فأضاف إليه العصيان والنسيان فدل على المؤاخذة به. وأما على القول بأن ((نسي)) بمعنى ترك فلا دليل في الآية.
ومن الأدلة على مؤاخذة في الإكراه قوله تعالى عن أصحاب الكهف ((انهم ان يظهروا عليكم يرجمونكم أو يعيدوكم في ملتهم)) فهذا صريح في الإكراه مع أنهم قالوا: ولن تفلحوا اذاً أبداً فدل على عدم عذرهم به.
ثانيها: هو أنا نقول متعلق الرفع في قوله: ((رفع عن أمتي)) الخ.. لا بد أن يكون أحد أمرين.
أو كليهما وهما الإثم والضمان اذ لا وصف يتعلق به الرفع الا الإثم والضمان والاثم مرفوع قطعاً لقوله تعالى: ((ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به)) وقوله في الحديث القدسي قد فعلت كما تقدم. والضمان غير مرفوع اجماعاً لتصريحه تعالى بضمان المخطئ في قوله ((ومن قتل مؤمناً خطأ إلى قوله: إلى أهله.. الآية)) . فاتضح أن الاثم مرفوع وأن الضمان غير مرفوع فتعين كون المرفوع متعلق الرفع في الحديث كما هو واضح.
(فصل في البيان)
والمبين في مقابلة المجمل. واختلف في البيان فقيل هو الدليل وهو: ما يتوصل بصحيح النظر فيه إلى علم أو ظن. وقيل هو: إخراج الشيء من الأشكال إلى الوضوح ، وقيل: ما دل على المراد بما لا يستقل بنفسه في الدلالة على المراد وقد قيل: هذان الحدان مختصان بالمجمل
…
الخ.
حاصل هذا الخلاف هو: هل البيان يطلق على كل إيضاح تقدمه خفاء أو لا أو هو إيضاح ما فيه خفاء خاص.
وأكثر الأصوليين على أن الينان في الاصطلاح الأصولي هو تصيير المشكل واضحاً ، والبيان يحصل بكل ما يزيد بالأشكال من:
أ- كلام: كبيان قوله تعالى: ألا ما يتلى عليكم بقوله: حرمت عليكم الميتة
…
الخ.
ب- أو كتابة: ككتابته صلى الله عليه وسلم إلى عماله على الصدقات.
جـ- أو إشارة: كقوله: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وأشار بأصابعه إلى كونه مرة ثلاثين ومرة تسعاً وعشرين.
د- أو فعل: كبيانه صلى الله عليه وسلم للصلاة والحج بالفعل وقال في الأولى: ((صلوا كما رأيتموني أصلى)) . وفي الثاني ((خذوا عني مناسككم)) .
هـ - أو سكوت على فعل: فانه بيان لجوازه. وعرف في المراقي البيان وما به البيان بقوله:
تصير مشكل من الجلى
…
وهو واجب على النبى
إذا أريد فهمه وهو بما
…
من الدليل مطلقاً يجلو العمى
فقوله: بما من الدليل
…
الخ. يدل على أن كل شئ يزيل الإشكال
بيان واختار المحشي أن البيان شامل لكل إيضاح تقدمه خفاء أولا وهو قول معروف لبعض أهل الأصول ولا مشاحة في الاصطلاح.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: -
ولا يشترط حصول العلم للمخاطب فانه يقال: بين له ولم يتبين ، ومثاله فيما يظهر لي أنه صلى الله عليه وسلم بين أن عموم قوله تعالى ((يوصيكم الله في أولادكم ، لا يتناول الأنبياء ، لأنهم لا يورث عنهم المال فلا يقدح في هذا البيان ان فاطمة الزهراء رضى الله عنها وصلى وسلم على أبيها لم تعلم به وجاءت إلى
أبي بكر تطلب ميراثها منه صلى الله عليه وسلم وإلى هذه القاعدة أشار في المراقي بقوله:
ونسبة الجهل لذى وجود
…
بما يخصص من الموجود
ويجوز بيان النص بما هو دونه سنداً قال بعضهم: أو دلالة فتبين المتواترات بالآحاد وهو مذهب الجمهور. واليه الإشارة بقوله في المراقي:
وبين القاصر من حيث السند
…
أو الدلالة على ما يعمد
وأوجبن عند بعض علماً
…
إذا وجوب ذى الحلفاء عماً
ومن قال بهذا أجاز بيان المنطوق بالمفهوم كتخصيص عموم قوله صلى الله عليه وسلم ((لي الواجد ظلم يجل عرضه وعقوبته)) ، بمفهوم الموافقة في قوله: فلا تقل لهما أف ((لأن فحواه يقتضي منع الأذى بالحبس في الدين ، فلا يحبس الوالد في دين ولده. وكتخصيص عموم قوله ((في أربعين شاة شاة.
بمفهوم المخالفة بقوله ((في الغنم السائمة الزكاة)) عند من لا يرى الزكاة في المعلوفة. هكذا ذكر جماعة من أهل الفصول. وذهب قوم إلى أبي الأضعف دلالة لا يمكن البيان به اذ لا يبين الأظهر بالأخفي.
وأما الأضعف سنداً اذا كان أقوى دلالة فلا مانع من أن يبين به الأقوى سنداً الذي هو أضعف دلالة. ومثاله قوله تعالى: ((وأحل لكم ما وراء ذلك)) فانه أقوى سنداً من حديث ((لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها)) ولكن الحديث أقوى دلالة على تحريم جمع المرأة مع عمتها من دلالة عموم الآية على إباحة ذلك.))
قال المؤلف رحمه الله تعالى: -
(فصل)
لا خلاف في أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وجزم في المراقي بأن من أجازه وافق على عدم وقوعه بقوله:
وذهب قوم إلى أنه واقع واحتجوا بأن جبريل أخر بيان صلاة الصبح من ليلة الإسراء. وأجيب من جهة الجمهور بأن أول صلاة منها يجب أداؤها صلاة الظهر من اليوم الذي بعد ليلة الإسراء ولو كانت صلاة الصبح من ذلك اليوم واجبة الأداء لبينها جبريل عليه السلام.
والحق ما ذهب اليه الجمهور لأن تكليف الإنسان بما لا يعلم تكليف له بالمحال وهو ممنوع الوقعوع على التحقيق.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: -
(فصل)
واختلف في تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة فقال ابن حامد يجوز وبه قال بعض الحنفية وبعض الشافعية. وقال أبو بكر عبد العزيز وأبو الحسن التميمي. لا يجوز ذلك وهو قول أهل الظاهر والمعتزلة
…
الخ
…
خلاصة ما ذكره المؤلف في هذا البحث ثلاثة أقوال:
أولا: اختيار المؤلف منها: أن تأخير البيان إلى وقت الحاجة حائز وواقع مطلقاً.
ثانياً: أنه لا يجوز مطلقاً. لا ان كان له ظاهر لأنه يوقع في المحظور فقوله: ((اقتلوا المشركين)) مثلا ظاهره العموم فلو أخر البيان لأدى إلى قتل الذمي والمعاهد والمستأمن لشمول ظاهر العموم لهم واستدل المؤلف لجواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة بقوله تعالى: ((فاتبع قرآنه ، ثم ان علينا بيانه)) .
و ((ثم)) للتراخي فدلت على تراخي البيان عن وقت الخطاب وكذلك عنده قوله تعالى: ((ثم فصلت من لدن حكيم خبير)) وبأنه صلى الله عليه وسلم علم بأن المراد بقوله: ((في خمس الغنيمة ولذي القربة)) بنو هاشم والمطلب. دون إخوانهم من بني نوفل وعبد شمس مع أن الكل أولاد عبد مناف. فأخر بيانهم حتى سل فقال: أنا وبني المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام ، وبأنه تعالى قال لنوح:((أحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك الا من سبق عليه القول)) وآخر بيان أن ولده الذي غرق ليس من الأهل الموعود بنجاتهم حين قال نوح: