الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في دليل التأويل. والاحتمال البعيد يحتاج إلى دليل قوي كما مثلنا. والاحتمال القريب يكفيه دليل يجعله أغلب على الظن من الظاهر. والمتوسط من الدليل للمتوسط من الاحتمال. ولكل مسألة من هذا ذوق خاص فالأحق بتفصيل ذلك: الفروع.
واعلم أن النص قد يطلق على الظاهر أيضاً ، ويطلق على الوحي. قد يطلق على كل ما دل. واختار المؤلف رحمه الله الإطلاق المذكور أولا.
(تنبيه)
لم يتعرض المؤلف للتأويل بدليل يظنه المؤول دليلاً وليس بدليل في نفس الأمر ، ولا للتأويل بلا دليل أصلا.
والأول هو المسمى بالتأويل الفاسد ، والتأويل البعيد ومثل له الأصوليون من المالكية والشافعية بنصوص أولها الامام أبو حنيفة رحمه الله. وسيأتي في هذا المبحث
…
منها حمل ((المسكين)) على المد في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ستين مسكيناً)) وستأتي بقيتها.
والثاني: هو المسمى باللعب كقول غلاة الشيعة في ((أن تذبحوا بقرة)) هي عائشة.
واعلم أن دليل المؤول قد يكون قرينة كمناظرة الإمامين الشافعي وأحمد رحمهما الله في عود الواهب في هبته. فالشافعي يجيز وأحمد يمنع. فاستدل أحمد بحديث ((العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)) . فقال أحمد في أول
الحديث: ((ليس لنا مثل السوء)) وهو قرينة على أن هذا المثل السيئ منفي عنا فلا يجوز لأحد اتيانه لنا.
وقد يكون نصاً آخر كعموم ((حرمت عليكم الميتة)) فانه ظاهر في شموله الانتفاع بجلدها والنص على الانتفاع بجلد الشاة الميتة في قوله صلى الله عليه وسلم: ((هلا أخذتم اهابها فانتفعتم به))
…
الحديث يصرف ذلك العموم عن ظاهره
…
وقد يكون ظاهر عموم آخر كالآية المذكورة مع عموم ((أيما اهاب دبغ فقد ظهر)) وقد يكون قياساً راجحاً.
فعموم جلد الزاني مائة جلدة ظاهر في شمول العبد ولكنه صلى الله عليه وسلم لما خص عموم الزانية الأنثى بغير الأمة بقوله ((فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)) عرف أن الرق على لتشطير الجلد محكم بتشطير جلد العبد قياساً على الأمة فكان في قياسه عليها صرف اللفظ عن إرادة عموم ((الزاني)) إلى محتمل مرجوح هو كونه في خصوص الحر اعتماداً على القياس على الأمة المنصوص عليها.
واعلم أن كل مؤول يلزمه أمران:
الأول: بيانه احتمال اللفظ لما حمله عليه.
الثاني: الدليل الصارف له إلى المحتمل المجوح. قال المؤلف وهو ظاهر. واعلم أن الظاهر قد يكون فيه قرائن يدفع الاحتمال مجموعها لآحادها كحمل الحنفية قوله صلى الله عليه وسلم لغيلان بن سلمة الثقفي وقد أسلم على عشر نسوة أمسك منهن أربعاً وفارق من سواهن. على الانقطاع عنهن. وان يبتدئ نكاح أربع منهن فهذا ليس ظاهر اللفظ وفيه قرائن يدفعه مجموعها منها: أنه قال ((أمسك)) ولو أراد ابتداء النكاح لما أمر الزوج بالإمساك لأن ابتداء النكاح يشترط فيه رضى المرأة والولي.
ومنها أنه أراد النكاح لذكر شروطه لأنه حديث عهد بالإسلام
والبيان لا يؤخر عن وقت الحاجة. ومنها: أن ابتداء النكاح لا يختص بهن ومن التأويل البعيد في العموم: حمل المرأة في قوله: ((أيما امرأة نكحت)) الحديث.. على ((المكاتبة)) عند أبي حنيفة رحمه الله لأنها صورة نادرة وهذا الحديث صريح في عموم النساء لأن لفظه ((أي)) صيغة عموم وقد أكد عمومها بما المزيدة للتوكيد. ورتب بطلان النكاح على الشرط في معرض الجزاء ، وهذا من أبلغ صيغة في الدلالة على العموم. فحمله على خصوص المكاتبة لا يخفي بعده.
ومن التأويل البعيد أيضاً: حمل ((لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل)) على النذر والقضاء لأن صوم التطويع غير مراد فلم يبق الا الفرض الذي هو ركن الإسلام وهو صوم رمضان. والقضاء والنذر يجيئان لأسباب عارضة فهما كالمكاتبة في مسألة النكاح المتقدمة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: -
والصحيح أن نذره هذا ليست كندره المكاتبة وأن الفرض أسبق إلى الفهم فيه فيحتاج هذا التخصيص بالنذر والقضاء إلى دليل قوي وهذه الأمثلة المذكورة للتأويل البعيد هي ما سبقت الإشارة إليها من أنها لأبي حنيفة رحمه الله وأن الأصوليين
من المالكية والشافعية والحنابلة مثلوا لها بالتأويل البعيد. وعرف في المراقي النص بقوله:
نص إذا أفاد ما لا يحتمل
…
غيرا وظاهر أن الغير احتمل
وأشار إلى اطلاقات النص الآخر بقوله:
والكل من زين له تجلى
…
ويطلق النص على ما دلا
وفي كلام الوحي
…
وأشار إلى هذه التأويلات البعيدة التي ذكرها المؤلف وزاد عليها حمل المسكين على المد في قوله: ((ستين مسكيناً)) بقوله:
فجعل مسكين بمعنى المد
…
عليه لائح سمات البعد
كحمل مرأة على الصغيرة
…
وما ينافى الحرة الكبيرة
وحمل ما ورد فى الصيام
…
على القضاء مع الالتزام
وعرف التأويل في الاصطلاح الأصولي وذكر أقسامه إلى صحيح وفاسد ولعب بقوله:
حمل لظاهر على المرجوح
…
واقسمه للفاسد والصحيح
صحيحه وه القريب ما حمل
…
مع قوة الدليل عند المستدل
وغيره الفاسد والبعيد
…
وما خلا فلعباً يفيد
قال المؤلف القسم الثالث المجمل:
وهو ما لا يفهم منه معنى عند الإطلاق ، وقيل ما احتمل أمرين لا مزيّة لأحدهما على الآخر كالألفاظ المشتركة
…
الخ.
قال مقيده عفا الله عنه: أعلم التحقيق في معنى المجمل عند الأصوليين هو ما تقدم في تقسيم الكلام المفيد إلى نص وظاهر ومجمل. وهو ما اجتمل معنيين كالقرء للطهر والحيض ، والشفق للحمرة والبياض ، والمتردد بين معان كالعين للباصرة ، والجارية ، والنقد. وهذا مثال الإجمال بسبب الاشتراك في اسم ، وقد يأتي بسبب الاشتراك في حرف أو فعل.
مثاله في الحرف: الواو في قوله: والراسخون في العلم ، فانها محتملة للعطف فيكون الراسخون يعلمون التشابه ومحتملة للاستئناف فيستأثر الله بعلمه. ولفظه ((من)) في قوله ((فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه)) محتملة للتبعيض