الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البيع، فهو نقض للعلة.
فيجاب عن هذا بأن الصورة أخرجها دليل خاص مع بقاء علتها معتبرة في تحريم الرطب بالتمر في ماسواها. وقد يقول المستدل للمعترض بالنقض في الصورة المذكورة، هذا وارد عليك وعلي، فليس بطلان مذهبي به أولى من بطلان مذهبك، ومثل هذا لا خلاف بين العلماء في أنه تخصيص لحكم العلة لا نقض لها، فهو تخصيص العام بقصره على بعض الأفراد بدليل خاص.
الخامس من أجوبة النقض: هو أن تكون المصلحة المشتملة عليها العلة معارضة بمفسدة أرجح منها مساوية لها، كأن يقال في أكل المضطر الميتة: قذارة الميتة علة لحرمة أكلها، والعلة التي هي قذارتها موجودة في هذه الصورة مع أن الحكم الذي هو منع الأكل متخلف عنها فيجاب عن هذا بأن مصلحة تجنب المستقذرات معارضة في هذه الصورة بمفسدة أرجح منها هي هلاك المضطر ان لم يأكل الميتة، فالقذارة علة لمنع الأكل ولكنها عورضت بما هو أقوى منها. .
تنبيهات:
-
الأول: قول المؤلف رحمه الله في هذا المبحث " وأما الكسر " وهو ابداء الحكمة بدون الحكم فغير لازم. . الخ. . فيه نظر من جهتين:
الأولى: أنه عرف الكسر بأنه ابداء الحكمة بدون الحكم، والكسر يشمل أعم مما ذكره.
الثانية: أنه قال: لا يلزم به قدح وبه قال بعض الأصوليين واختاره ابن الحاجب في بعض المواضيع من مختصره. مع أن جماعة من أهل الأصول صححوا أنه قادح. قال ابن الحاجب وهو اسقاط وصف من العلة. . . الخ. .
فالظاهر أن الكسر كالنقض، فعلى أن النقض قادح فالكسر كذلك. والجواب عنه كالجواب عنه.
وقال صاحب الضياء اللامع في شرح جمع الجوامع، واتفق أهل العلم على صحته وافساد العلة به. انتهى محل الغرض منه.
واعلم أن من أنواع الكسر ما ذكره المؤلف وهو ابداء الحكمة بدون الحكم وجزم بأنه غير قادح واختاره ابن الحاجب في بعض المواضع من مختصره، ومثل له بقول الحنفي في المسافر العاصي بسفره: مسافر فيترخص في سفره كغير العاصي.
فاذا قيل له: ولم قلت ان السفر علة للترخيص قال بالمناسبة لما فيه من المشقة المقتضية للترخص لأنه تخفيف وهو نفع للمترخص، فيعترض عليه بصنعة شاقة في الحضر كحمل الأثقال وضرب المعاول وما يوجب قرب النار في ظهيرة القيظ في القطر الحار. فهنا قد وجدت الحكمة وهي المشقة، ولم يوجد الحكم الذي هو قصر الصلاة واباحة الفطر مثلا.
والجواب عن هذا أن الشرع انما اعتبر مشقة السفر فالعلة في الترخص السفر فالعلة في الترخص السفر وحكمتها رفع المشقة فأصل العلة لم يوجد في الصنعة الشاقة في الحضر، فلم يقع كسر في العلة، وسفر العاصي بسفره علة للترخص والمانع من تأثيرها هنا عند من يقول به أن الترخيص تخفيف والتخفيف على العاصي إعانة له على معصيته، والله يقول:" ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ".
ومن أنواع الكسر: تخلف الحكمة مع وجود الحكم اختلف فيه هل ينتفي فيه الحكم لانتفاء حكمته، أولا ينتفي بناء على أن المعلل بالمظان لن
يتخلف فيه الحكم بتخلف الحكمة نظراً إلى إناطة الحكم بالمظنة وإلى هذا الخلاف أشار في مراقي السعود بقوله:
وفي ثبوت الحكم عند الانتفا
…
...
…
للظن والنفي خلاف عرفا
وقال في شرحه لمراقي السعود المسمى بنشر البنود: لكن الفروع المبنية على هذه القاعدة، منها ما رجح فيه ثبوت الحكم كاستبراء الصغيرة، فان حكمة الاستبراء تحقق براءة الرحم وهي متحققة بدون الاستبراء وكمن مسكنه على البحر ونزل منه في سفيتة قطعت به مسافة القصر في لحظة فإنه يجوز له القصر في سفره هذا، ومنها ما يرجح فيه انتفاء الحكم لانتفاء حكمته قطعاً الغاء للمظنة من أصلها أو بدليل مخصوص اقتضى الغاء المظنة فيها، وعلى هذا يتخرج كثير من المسائل كشرع الاستنجاء من حصاة لا بلل معها والغسل من موضع الولد جافاً،
وعدم نقض الوضوء إذا لم تجد اللذة في اللمس بباطن الكف أو الأصابع، والنقض بالقبلة على الفم إذا لم توجد اللذة. هـ منه.
ومن المسائل التي تتخرج على القاعدة المذكورة ما لو قال لأمرئته أنت طالق مع آخر جزء من الحيض، فهذا طلاق صادف الحيض وهو علة لتحريم الطلاق، ولكن يستعقب العدة فلا تطويل فيه فالحكمة الموجبة للمنع التي هي التطويل منتفية هنا، فمنهم من نظر إلى المعنى وقال وهو سني، ومنهم من نظر إلى مظنة التطويل وهو الحيض فقال وهو بدعي، وكذلك لو قال لها أنت طالق مع آخر جزء من الطهر فعلى أن هذه
المسائل المذكورة وأمثالها الكثيرة ينتفي فيها الحكم لانتفاء حكمته فتخلف الحكمة عن الحكم فيما باق مع انتفاء حكمته. فعلى قول من يقول أن هذا النوع من الكسر غير قادح فلا اشكال وعلى قول من يقول انه قادح فالجواب عنده أن هذه
المسائل علق الحكم فيها بمظنة وجود الحكمة والمعروف أن المعلل بالمظان لا يتخلف الحكم فيه بتخلف الحكمة لأن الحكم فيها منوط بالمظنة وأشار بعض أهل العلم إلى هذا القول:
ان علل الحكم بعلة غلب
…
...
…
... وجودها اكتفى بذا عن الطلب
لها بكل صورة. . الخ. .
وعليه فالمانع من القدح بهذا النوع من الكسر اناطة الحكم بمظنة الحكمة لا بنفس الحكمة، وذلك لأن نفس الحكمة ربما لا يمكن انضباطها، فلو علقنا حكم قصر الصلاة واباحة الفطر في رمضان مثلا بحصول المشقة لم تنضبط هذه الحكمة لاختلافها باختلاف الأشخاص والأحوال فأنيط بسفر أربعة برد مثلا لأنه مظنة المشقة، ومن هنا لم ينظر الا للمظنة عند من يقول بذلك.
ومن أنواع الكسر ابطال المعترض جزءاً من المعنى المعلل به، ونقضه ما بقي من أجزاء ذلك المعنى المعلل به فعلم أنه إنما يكون في العلة المركبة من وصفين فأكثر. والقدح به مقيد بأن يعجز المستدل عن الاتيان ببدل من الوصف الذي أبطله المعترض، فان ذكر بدلا يصلح أن يكون علة للحكم ألغى الكسر واستقام الدليل.
وابطال الجزء بأن يبين المعترض أنه ملغي بوجود الحكم عند انتفائه.
والمراد بنقض الباقي عدم تأثيره في الحكم وله صورتان:
الصورة الأولى: أن يأتي المستدل ببدل الوصف المسقط عن الاعتبار كما يقال في وجوب أداء صلاة الخوف هي صلاة يجب قضاؤها لو لم تفعل فيجب أداؤها قياساً على صلاة الأمن، فإنها كما يج قضاؤها لو لم تفعل يجب أداؤها. فوجوب القضاء هو العلة، ووجوب الأداء هو الحكم المعلل