الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الأداء في اللغة فهو اعطاء الحق لصاحب الحق ومنه قوله تعالى: " ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " وقوله تعالى: " ومن أهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده إليك ".
والأداء في الاصطلاح هو ايقاع العبادة في وقتها المعين لها شرعاً لمصلحة تشتمل عليها في الوقت وعرفه صاحب مراقي السعود بقوله:
فعل العبادة بوقت عينا
…
شرعا لها باسم الأداء قرنا
وكونه بفعل بعض يحصل
…
لعاضد النص هو المعول
وقيل ما في وقته أداء
…
وما يكون خارجا قضاء
وعرف القضاء بقوله:
وضده القضا تداركان لما
…
سبق الذي أوجبه قد علما
وعرف الوقت بقوله:
والوقت ما قدره من شرعا
…
من زمن مضيقا موسعا
وعرف الاعادة بقوله:
وانتفيا في النفل والعبادة
…
تكريرها لو خارجا اعادة
(تنبيه)
قد يجتمع الأداء والقضاء في العبادة كالصلوات الخمس فانها تؤدي في وقتها وتقضي بعد خروجه وقد ينفرد الأداء دون القضاء كصلاة الجمعة فانها تؤدى في وقتها ولا تقضى بعد خروج الوقت بل يجب قضاؤها ظهراً.
وقد ينفرد القضاء دون الأداء كما في صوم الحائض فان أداءه حرام وقضاأه واجب، وقد ينتفيان معاً في النوافل التي ليس لها أوقات معينة ولا يخفى أن القضاء في الاصطلاح انما هو فيما فات وقته المعين له وقد سبق له وجوب في وقته فما لم يعين له وقت لا يسمى قضاء كالزكاة اذا أخرها عن وقتها وكمن لزمه قضاء صلاة على الفور فأخرها فلا يقال ان صلاته بعد التأخير قضاء القضاء.
وهنا سؤال معروف وهو أن يقال الحائض في بعض أيام رمضان يجب عليها القضاء اجماعاً مع أن الوقت فات والصوم عليها حرام فكيف يجب قضاء ما فات وقته وهو حرام.
وكذلك يقال في الناسي والنائم لأنهما فات عليهما وقت الصلاة وهي غير واجبه عليهما، بدليل الاجماع على سقوط الاثم عنهما، وقد تكلمنا فيما سبق على مسألة الناسي والنائم بما يغني عن اعادة الكلام هنا، وأما الحائض فقد اختلف في اطلاق وجوب الصوم عليها زمن الحيبض وعدمه فأكثر العلماء على أن انعقاد السبب مع وجود المانع يكفي في اطلاق الوجوب على العبادة المنعقد
سببها المانع منها مانع. وقال بعضهم انعقاد سبب الوجوب مع وجوب المانع لا اثر له فلا يوصف بوجوب الا ما توفرت شروطه وانتفت موانعه وعلى قول الجمهور أنه يكفي في اطلاق اسم الوجوب عليه انعقاد سببه وان منع منه مانع فالفعل الثاني قضاء للاول وعلى قول من قال انه لا يطلق عليه اسم الوجوب فالفعل الثاني أداء بأمر جديد وليس قضاء للأول.
وفرق بعض العلماء بين النائم والناسي والمسافر وبين الحائض فقال الفعل في غير زمن الحيض كزمن النوم والنسيان والسفر يوصف بالوجوب ففعله الثاني قضاء لذلك الواجب.
وأما الحيض فالصوم فيه حرام فلا يمكن وصفه بالوجوب فصوم الحائض عدة من أيام أخر على هذا أداء بأمر جديد لا قضاء. وذكر ابن رشد في المقدمات ان هذا التفصيل هو الراجح عند المالكية وعليه درج في المراقي بقوله:
هل يجب الصوم على ذي العذر
…
كحائض وممرض وسفر
وجوبه في غير الأول رجح
…
وضعفه فيه لديهمو وضح
وهذا القول بأن صوم الحائض ما فاتها من رمضان اذا طهرت أداءاً لا قضاءاً هو الذي رد المؤلف بقوله:
وهذا فاسد لوجوه ثلاثة:
1 ـ ما روى عن عائشة رضي الله عنها (كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نطهر فيأمرنا بقضاء الصيام ولا يأمرنا بقضاء الصلاة) .
2 ـ أنه لا خلاف بين أهل العلم في أنهم ينوون القضاء.
3 ـ ان العبادة متى أمر بها في وقت مخصوص فلم يجب فعلها فيه لا يجب بعده.. إلخ.
هذه الأوجه الثلاثة التي رد بها المؤلف ذلك:
القول الأول منها لا دليل فيه لأن اطلاق عائشة رضي الله عنها اسم القضاء على صوم الحائض ما فاتها من رمضان لا دليل فيه لأن القضاء يطلق في اللغة على فعل العبادة مطلقاً في وقتها أم لا.
وتخصيصه بفعلها بعد خروج الوقت اصطلاح خاص للأصوليين والفقهاء فلا دليل قطعاً في لفظ عائشة المذكور لأن الاصطلاح المذكور حادث بعدها.