الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه المسألة في كتابنا أضواء البيان في أول سورة آل عمران والعلم عند الله تعالى، فان قيل ان فسرنا المتشابه بأنه ما استأثر الله بعلمه فما الحكمة في خطاب الخلق بما لا يفهمونه، فالجواب ان الله تعالى يمتحن خلقه بما شاء فلا مانع من أن يكلفهم الايمان بما لا يعلمون معناه امتحاناً وابتلاء لهم، ويدل لهذا الوجه ما ذكره تعالى عن الراسخين في العلم من قولهم "
آمنا به كل من عند ربنا " فانهم آمنوا به لأنهم علموا أنه من عند ربهم كالمحكم والله تعالى أعلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
(باب النسخ)
النسخ في اللغة الرفع والازالة ومنه نسخت الشمس الظل ونسخت الريح الاثر وقد يطلق لارادة ما يشبه النقل كقولهم نسخت الكتاب، معنى كلامه ظاهر، وقوله ما يشبه النقل عبر بأنه يشبهه لأنه ليس نقلاً حقيقياً لأن ما في الكتاب المنقول منه لم ينقل بالكلية وانما نقلت صورته منه في الكتاب الثاني واعلم أن النسخ جاء في القرآن العظيم لثلاثة معاني وجاء بمعناه اللغوي وهو الرفع
والابطال من غير تعويض شيء عن المنسوخ وهذا في قوله تعالى " فينسخ الله ما يلقي الشيطان".
وجاء بمعناه الشرعي وهو رفع حكم شرعي بخطاب جديد، وذلك في قوله تعالى " ما ننسخ من آية أو ننسها " الآية. وجاء بمعنى نسخ الكتاب أي كتابته كقوله تعالى " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون " وقوله " وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ".
قال المؤلف رحمه الله:
فأما النسخ في الشرع فهو بمعنى الرفع والازالة لاغير، وحده رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه، ومعنى الرفع إزالة الحكم علىوجه، لولاه لبقي ثابتاً وقوله بخطاب متقدم متعلق بالثابت يعني أنه ثابت بخطاب شرعي متقدم لا بالبراءة الأصلية، وقوله بخطاب متراخ عنه متعلق برفع الحكم يعني أنه مرفوع بخطاب متراخ عنه لا متصل به، وايضاح تقريره أن النسخ هو أن يرفع بخطاب متراخ، حكم ثابت بخطاب متراخ، حكم ثابت بخطاب متقدم، واحترز بقوله رفع الحكم عما لم يرفع أصلاً كالأحكام التي لم يدخلها نسخ واحترز بقوله
بخطاب متقدم عما كان ثابتاً بالبراءة الأصلية كعدم حرمة الربا وعدم وجوب الصيام والصلاة فان رفعه ليس بنسخ لأنه كان ثابتاً بالبراءة الأصلية لا بخطاب شرعي واحترز بخطاب ثان عن زوال الحكم بالجنونونحوه، فليس بنسخ، لأنه لم يرفع بخطاب ثان، واحترز بتراخيه عن المتصل بالخطاب الأول فانه تخصيص له، وبيان لا نسخ له كقوله تعالى:" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً" فان بدل البعض من الكل فيه رفع حكم وجوب الحج عن غير المستطيع ولكنه متصل به فليس نسخاً لانه لم يتراخ عنه، وكقوله تعالى " والذين يبتغون
الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيراً " فرفع حكم الامر بالكتابة في حق من لم يعلم فيه خيراً، المفهوم من الشرط ليس نسخاً لأنه متصل به، وستأتي ان شاء الله أمثلة كثيرة لهذا في مبحث المخصصات المتصلة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
وقال قوم ان النسخ كشف مدة العبادة بخطاب ثان إلى آخره، حاصل