الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم العام بدليل خاص وهي اباحة بيع العرايا المذكور، ومثال مالم توجد فيه علة العام، اباحة رجوع الأب فيما وهب لابنه فانه داخل في عموم المنع في حديث الواهب، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه.
ولكنه خرج بدليل خاص، وعلة المنع غير موجودة في الأب لأن الأبوة تجعل له من التسلط على ما تحت يد الولد، مالم يكن لغيره وناقش بعض العلماء في الفرق بينهما، وقال لا فرق بين المسألتين.
باب أدلة الأحكام
قال المؤلف:
الأدلة جمع دليل وهو فعل بمعنى فاعل، من الدلالة وهي فهم أمر من أمر أو كون أمر بحيث يفهم منه أمر فهم أو لم يفهم وهي مثلثة الدال والفتح أفصح.
والدليل في اصطلاح أهل الأصول هو ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري.
وعرفه في المراقي بقوله:
وما به للخبر الوصول
…
بنظر صح هو الدليل
والنظر في الاصطلاح، الفكر ال موصل إلى علم أو غلبة ظن وعرفه في المراقي بقوله:
والنظر الموصل من فكر الى
…
ظن بحكم أو لعلم مسجلا
والفكر في الاصطلاح، حركة النفس في المعقولات أما حركتها في المحسوسات فتخييل. قال المؤلف رحمه الله تعالى الأصول أربعة كتاب الله
وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاجماع ودليل العقل المبقي على النفي الأصلي ن واختلف في قول الصحابي (وشرع من قبلنا) وسنذكر ذلك ان شاء الله، كلامه واضح.
واعلم أن المؤلف ترك مسائل كثيرة يذكرها الأصوليون في كتاب الاستدلال كتحكيم العرف والقضاء بسد الذرائع إلى المحرمات وفتحها إلى الواجبات وغير ذلك.
قال المؤلف رحمه الله وأصل الأحكام كلها من الله سبحانه، اذ قول الرسول اخبار عن الله بكذا معنى كلامه ظاهر وهو الحق، فالحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله، والدين ما شرعه الله فالحكم له وحده جل وعلا، كما قال "فالحكم لله العلي الكبير" وقال " ان الحكم الا الله" الآية، وقال "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" الآية، وقال "فان تنازعتم في شيء فردوه
إلى الله" الآية، ونحو ذلك من الآيات، فكل من يتبع تشريع غير الله، معتقداً أن جعله عوضاً من تشريع الله جائز، أو أفضل منه، فهو كافر باجماع المسلمين وقد دلت على ذلك آيات كثيرة كقوله " وان أطعتموهم انكم لمشركون" وقوله " ألم أعهد اليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين"ونحو ذلك من الآيات.
وقد دل القرآن على أن من يحكم غير شرع الله، يتعجب من دعواه الايمان، واذا كان زعمه أنه مؤمن، مع تحكيم غير الشرع أمراً يتعجب منه، دل ذلك على أن دعواه الايمان، دعوى كاذبة وبعيدة وعجيبة، وذلك قوله تعالى:
{ألم تر على الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالاً بعيداً) .
وقول المؤلف الاجماع يدل على السنة إلى آخره.
يأتي اضاحه في الاجماع.
(فصل)
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
وكتاب الله سبحانه هو كلامه وهو القرآن الذي نزل به جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره، اعلم أن هذا القرآن المكتوب في المصاحف الذي أوله سورة الفاتحة وآخره سورة الناس هو كلام الله تعال بألفاظه ومعانيه كما صرح تعالى بأن هذا المسموع هو كلام الله في قوله:" وان أحد المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله" فصرح بأن هذا الذي يسمعه هذا المشرك المستجير، هو كلام الله، فالكلام كلام الباري والصوت صوت القاري، وما يزعمه بعضهم من تجريد كلامه جل وعلا عن الحروف والألفاظ وأن
التوراة هي القرآن والانجيل وأن القرآن هو التوراة والانجيل، وأن الاختلاف انما هو يحسب التعلق فقط، كل ذلك باطل ومخالف لما عليه أهل الحق، فالقرآن هو بألفاظه ومعانيه كلام الله، ومن ادعى أن تأليف لفظه من فعل مخلوق عبر عن تلك المعاني القائمة بالذات بعبارة من نفسه وأن الله خلق له علما بذلك، فعبر عنه من تلقاء نفسه، فهذا من أبطل الباطل ولو كان اللفظ لمخلوق لما جاز التعبد به، والتقرب إلى الله بالصلاة به، ولجاز حمل
المحدث له كسائر كلام المخلوقين إلى غير ذلك.
فالحاصل أن هذا القرآن المحفوظ في الصدور، المقروء بالألسنة المكتوب في المصاحف هو كلام الله تعالى بألفاظه ومعانيه تكلم به الله تعالى فسمعه جبريل منه وتكلم به جبريل فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم منه، وتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته منه أمته وحفظته عنه، فالكلام كلام الباري والصوت صوت القارئ. قال الله تعالى:" فأجره حتى يسمع كلام الله " الآية. وعرف القرآن في المراقي بقوله:
لفظ منزل على محمد
…
لأجل الاعجاز وللتعبد
فصرح بأن القرآن لفظ، أي مشتمل على تلك المعاني العظيمة لا مجرد المعنى القائم بالذات، المجرد عن الألفاظ والحروف، والكتاب هو القرآن بلا شك، ومن ادعى أنه غيره كما نسبه المؤلف لقوم، فان مقصودهم بالتغاير تغاير المفهوم لا تغاير المصدوق، فإن ما يصدق عليه القرآن، هو ما يصدق عليه الكتاب، وهو هذا القرآن العظيم وان كان التغاير حاصلا في مفهومهما، فان مفهوم الكتابة هو اتصاف هذا القرآن بأنه مكتوب ومفهوم القرآن هو اتصافه بأنه مقروء، والكتابة غير القراءة بلا شك، ولكن ذلك الموصوف بأنه مكتوب هو بعينه
الموصوف بأنه مقروء، فهو شيء واحد موصوف بصفتين مختلفتين ومن هنا ظهر لك أن القرآن والكتاب واحد، باعتبار المصدوق وان تغاير باعتبار المفهوم.
وكتاب الله هو ما نقل إلينا بين دفتي المصحف نقلاً متواتراً ولا خلاف بين العلماء في قراءة السبعة، نافع المدني وابن كثير المكي وابن عامر الشامي وابي عمرو البصري وعاصم وحمزة والكسائي والكوفيين وكذلك على الصحيح قراءة الثلاثة: أبي جعفر وخلف ويعقوب. قال في المراقي: