الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فائدة: -
اعلم أن أول من قاس قياساً فاسد الاعتبار ابليس حيث عارض النص الصريح الذي هو السجود لآدم بأن قياس نفسه على عنصره، وقاس آدم على عنصره، فأنتج من ذلك أنه خير من آدم وأن كونه خيراً من آدم يمنع سجوده له المنصوص عليه من الله.
وقياس ابليس هذا مردود من ثلاثة أوجه:
الأول: هو ما ذكر من كونه فاسد الاعتبار لمخالفة النص.
والثاني: منع كون النار خيراً من الطين، بأن النار طبيعتها الخفة، والطيش والافساد والتفريق، وأن الطين طبيعته الرزانة والاصلاح، تودعه الحبة فيعطيكها سنبلة والنواة فيعطيكها نخلة، وإذا نظرت إلى ما في البساتين الجميلة من أنواع الفواكه والحبوب والزهور عرفت أن الطين خير من النار.
الثالث: أنا لو سلمنا جدلياً أن النار خير من الطين، فشرف الأصل لا يستلزم شرف الفرع فكم من أصل رفيع وفرعه وضيع.
إذا افتخرت بآباء لهم شرف
…
...
…
قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدوا
السؤال
الثالث - فساد الوضع:
-
وضابطه أن يكون الدليل على غير الهيئة الصالحة لأخذ الحكم منه كأن يكون صالحاً لضد الحكم أو نقيضه كأخذ التوسع من التضييق والتخفيف من التغلظ، والنفي من الاثبات أو الاثبات من النفي.
فمثال أخذ التوسيع من التضييق قول الحنفي: الزكاة واجبة على وجه الارفاق لدفع حاجة المسكين فكانت على التراخي كالدية على العاقلة، فالتراخي الموسع ينافي دفع الحاجة المضيق.
ومثال أخذ التخفيف من التغليظ قول الحنفي: القتل العمد العدوان جناية عظيمة فلا تجب فيه الكفارة كالردة. . فعظم الجناية يناسب تغليظ الحكم لا تخفيفه بعد الكفارة. ومثال أخذ النفي من الاثبات قول الشافعي في معاطاة المحقرات: لم يوجد فيها سوى الرضا فلا ينعقد بها البيع كغير المحقرات فالرضا يناسب الانعقاد لا عدمه.
ومثال أخذ الاثبات من النفي قول من يرى صحة انعقاد البيع في المحقرات وغيرها بالمعاطاة كالمالكية، بيع لم توجد فيه الصيغة فينعقد فان انتفاء الصيغة يناسب عدم الانعقاد لا الانعقاد.
واعلم أن من صور فساد الوضع كون الوصف الجامع ثبت اعتباره بنص أو اجماع، الهر سبع ذو ناب فيكون سؤره نجساً كالكلب فيقال: وصف السبعية اعتبره الشارع علة للطهارة حيث دعى إلى دار فيها كلب فامتنع، وإلى دار فيها سنور فلم يمتنع فسئل عن ذلك فقال: الهر سبع، مثل بهذا بعض الأصوليين والظاهر أنه على تقدير ثبوت الحديث، قد يكون الامتناع عن دار فيها كلب من أجل أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب. والله أعلم.
وعرف في المراقي فساد الوضع بقوله:
من القوادح فساد الوضع أن
…
...
…
يجي الدليل حائداً عن السنن
كالأخذ للتوسع والتسهيل
…
...
…
والنفي والاثبات من عديل
والجواب عن فساد الوضع بأحد أمرين: الأول: أن يدفع قول الخصم أنه يقتضي نقيض الحكم، كقول الحنفي: قولكم أن القتل عمداً يقتضي نقيض نفي الكفارة الذي هو وجوبها مدفوع فان جناية القتل لعظمها تستدعي أمراً أغلظ من الكفارة وهو القصاص،