الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآله وصحبه وسلم.
(مقرر
السنة
الثانية)
السنة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
الأصل الثاني من الأدلة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، اعلم أن السنة في اللغة الطريقة والسيرة ومنه قول لبيد في معلقته:
…
من معشر سنت لهم آباؤهم
…
... ولكل قوم سنة وامامها
أي طريقة يسيرون عليها وفي اصطلاح الشرع هي ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعله أو قرر عليه وقول المؤلف رحمه الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أي وكذلك فعله وتقريره لأنه لا يقرر على باطل وقوله لدلالة المعجزة على صدقة أي ان معجزات
الأنبياء تتضمن شهادة من الله لهم أن ما جاءوا به حق وقوله وهو دليل قاطع على من سمعه منه شفاهاً، أي وكذلك من شاهد فعله أو تقريره صلى الله عليه وسلم وقوله فأما من بلغه بالأخبار فينقسم في حقه قسمين تواتراً وآحاداً كما سيأتي ان شاء الله ايضاحه وقوله وألفاظ الرواية في نقل الأخبار خمسة يعني أن كيفية رواية الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس مراتب أقواها المرتبة الأولى وهي ما كان اللفظ فيه صريحاً في السماع من النبي صلى الله عليه وسلم نحو سمعته صلى الله عليه وسلم يقول أو حدثني أو
أخبرني أو شافهني وهذا هو الأصل في الرواية.
المرتبة الثانية التي تلي الأولى في القوة هي ما كان اللفظ فيه ظاهراً في السماع منه صلى الله عليه وسلم مع أنه محتمل لأنه لم يسمع منه مباشرة بل بواسطة نحو قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك وانما كانت هذه المرتبة دون التي قبلها لأنها ليست صريحة في السماع لامكان أن يكون سمعه من غير النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الصورة ان وقعت من الصحابي فالرواية بها مقبولة اذ لو فرضنا أن هناك واسطة وأنه مرسل
فمراسيل الصحابة مقبولة لأن لها حكم الوصل أما ان صدرت هذه الصورة التي هي قال وعن ونحوهما من غير الصحابي فان كان غير مدلس فهي صحيحة كالتصريح بالسماع وان كان مدلساً لم تقبل مالم يثبت السماع من طريق أخرى كما هو مقرر في علم الحديث ومن يحتج من العلماء بالمرسل يحتج بعنعنة المدلس وقوله قال ونحو ذلك من باب أولى ومثل المؤلف رحمه الله تعالى لقول الصحابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يسمع منه مباشرة بما روي عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يسمع منه
مباشرة بما روي عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح جنباً فلا صوم له فلما استكشف قال: حدثني الفضل بن عباس وما روي عن ابن عباس أنه قال: انما الربا في النسيئة فلما روجع أخبر أنه سمعه من أسامة بن زيد وقد بينا أن مثل ذلك لا يضر لأن مرسل الصحابي له حكم الوصل.
المرتبة الثالثة: أن يقول الصحابي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أو نهى عن كذا وانما كانت هذه دون التي قبلها لأن فيها من احتمال عدم السماع مباشرة مثل ما في الأولى وتزيد عليها بأنه قد يظن ما ليس بأمر أمراً هكذا قيل ولا يخفى بعده إذ عدالة الصحابي تمنعه من أن ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر فيما ليس بأمر ولذا جعلت جماعة من أهل الأصول هذه المرتبة في منزلة التي قبلها لضعف
الاحتمال المذكور.
المرتبة الرابعة: أن يقول أمرنا أو نهانا ولا يذكر الفاعل وانما كانت دون التي قبلها لأن فيها من الاحتمال ما في التي قبلها وتزيد باحتمال أن يكون الآمر غير النبي صلى الله عليه وسلم من الأئمة والعلماء وأكثر أهل الأصول على أنه لا يحمل الا على أمر الله ورسوله خلافاً لمن أبطل هذه المرتبة لذلك الاحتمال.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
وفي معنى هذه المرتبة قوله من السنة كذا والسنة جائزة بكذا فالظاهر أنه لا يريد الا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فرق في قول الصحابي ذلك وبين أن يقوله في حياته أو بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
وقول التابعي والصحابي في ذلك سواء الا أن الاحتمال في قول الصحابي أظهر.
المرتبة الخامسة أن يقول: كنا نفعل كذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كانوا يفعلون كذا على عهده صلى الله عليه وسلم كقول جابر كنا نعزل والوحي ينزل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
ممثلاً لهذا مثل قول ابن عمر: كنا نفاضل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقول أبو بكر ثم عمر ثم عثمان فيبلغ ذلك رسول الله
- صلى الله عليه وسلم فلا ينكره. وقال: كنا نخابر أربعين سنة، الخ. ز أما اذا لم يذكر زمن النبي صلى الله عليه وسلم بل قال كانوا يفعلون كذا مثلاً فقال أبو الخطاب يكون نقلاً للاجماع ومنعه بعض أصحاب الشافعي مالم يصرح بنقله عن أهل الاجماع، قال أبو الخطاب واذا قال الصحابي هذا الخبر منسوخ وجب قبول قوله ولو فسره بتفسير وجب الرجوع إلى
تفسيره. هكذا نقل عنه المؤلف ومنع الأمرين كثير من علماء الأصول والله أعلم.
ولم يذكر المؤلف هنا جميع صور أداء الحديث لأن رواية ال
…
عن شيخه قد تكون بالسماع كما ذكرنا وقد تكون بالعرض وهو قراءته على الشيخ وقد تكون بالمناولة وغيرها من أقسام الاجازة كما سيذكره المؤلف.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
(فصل)
وحد الخبر هو الذي يتطرق اليه التصديق أو التكذيب وايضاحه أن ضابط الخبر هو ما يمكن أن يقال لقائله صدقت أو كذبت ومالا يمكن فيه ذلك فهو الانشاء كالأمر والنهي وغيرهما من أنواع الطلب وكصيغ العقود لأنها لانشاء العقد لا للاخيار به.
قال المؤلف:
وهو قسمان متواتر وآحاد، فالمتواتر يفيد العلم، الخ..
خلاصة ما ذكره في هذا الفصل أن الخبر قسمان متواتر وآحاد وان المتواتر يفيد العلم اليقيني الذي لا يتطرق اليه الشك من غير حاجة إلى شيء زائد على نفس
الخبر المتواتر وأن السمنية خالفوا في افادته العلم زاعمين حصر العلم في الحواس فلا يقين عندهم الا بمحسوس فقط، والسمنية بضم السين وفتح الميم فرقة هندية من عبدة الأصنام دهريون قائلون بالتناسخ ينكرون وقوع العلم بغير المحسوس منسوبون إلى صنم يسمى سمن أو بلد يسمى سمونات وهذا المذهب لا شك في بطلانه يشك عاقل في اليقين بأن الواحد نصف الإثنين وان الكل أكبر من
الجزء ونحو ذلك من الأحكام العقلية.
قال المؤلف:
(فصل)
قال القاضي: العلم الحاصل بالتواتر ضروري الخ.. خلاصة ما ذكره في هذا الفصل ان العلم الحاصل بالخبر المتواتر فيه قولان أحدهما أنه ضروري وهو قول القاضي والثاني أنه نظري وهو قول أبي الخطاب والضروري هو مالا يحتاج إلى تأمل والنظري هو ما يحتاج إلى تأمل وحجة من قال هو ضروري أن السامع يجد نفسه مضطراً للعلم يقيناً به كوجود الائمة الأربعة ووجود مكة وبغداد بالنسبة لمن لم يرهما فلو أراد التخلص من العلم بذلك لم يقدر وحجة من قال انه نظري هي أن العلم لابد
له من العلم بمقدمتين قبله الأولى أن يعلم أن هذا الأمر أخبر به عدد يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة. الثانية أنن يعلم أن ما أخبر به عدد على تلك الصفة فهو حق يقيناً فينتج من ذلك أن هذا الخبر يقين وأكثر أهل الأصول على الأول.
قال المؤلف:
(فصل)
ذهب قوم الى أن ما حصل العلم في واقعة يفيده في كل واقعة وما حصله لشخص يحصله لكل شخص يشاركه في السماع الخ
…
خلاصة ما ذكر في هذا الفصل أن القدر الموجب للعلم اليقيني لا يتفاوت بحب الوقائع والأشخاص بل ما حصل به العلم في واقعة يحصل به في..
حصل به لشخص يحصل به لغيره من غير تفاوت. وقيل لا مانع من تفاوته باعتبار الأشخاص والوقائع ومحل هذا في الخبر المتجرد عن القرائن أما ان احتفت به قرائن فلا شك ان حصول اليقين به يتفاوت لأن القرائن الخفية يفهمها الذكي وتخفى على الغبي فتقوم القرائن للذكي مقام عدد من المخبرين وكذلك القرائن الظاهرة ان علم بها بعض المخبرين دون بعض كما لو تواتر الخبر لجماعة أن فلاناً مات وفلاناً تزوج وأحدهم قد رأى قبل ذلك الذي أخبروا بموته في النزع والذي أخبروا بتزويجه في السوق يشتري ما يحتاج إليه المتزوج فان العالم بمثل
هذه القرائن يحصل له اليقين قبل حصوله لغير العالم بها لأن القرائن قد تفيد العلم منفردة عن أخبار فانا نعلم محبة شخص لآخر خوف شخص من آخر بما نرى من القرائن الدالة على ذلك ونحو ذلك كثير فاذا انضمت القرائن إلى الأخبار قامت مقام بعض المخبرين في افادة العلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: ـ
وللتواتر ثلاثة شروط الخ.. اعلم أن التواتر في اللغة هو مجئ الواحد بعد الواحد بفترة بينهما ومن ذلك قوله تعالى: " ثم أرسلنا رسلنا تترى " لأن التاء الأولى مبدلة من واو كتاء تقوى وقيل التواتر
التتابع مطلقاً ومنه قول لبيد في معلقته:
يعلو طريقة متنها متواتر
…
في ليلة كفر النجوم غمامها
والتواتر في الاصطلاح هو اخبار جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب عادة عن أمر محسوس وخلاصة ما ذكره المؤلف في هذا الفصل أن التواتر المفيد للعلم اليقيني تشترط فيه ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون اخبارهم عن أمر محسوس أي مدرك باحدى الحواس كقولهم: رأينا وسمعنا لأن تواطؤ الجم الغفير على الخطأ في المعقولات لا يستحيل عادة فترى الآلاف من العقلاء يتواطؤون على قدم العالم وعلى كذب الأنبياء مع أن تواطؤهم باطل لأنه ليس في اخبار عن محسوس أما تواطؤهم على الكذب في الاخبار عن محسوس فهو مستحيل عادة مع كثرتهم وعدم الدواعي الى التواطؤ.
الشرط الثاني: أن يكون العدد بالغاً حداً يستحيل معه التواطؤ على الكذب عادة.
الثالث: أن يكون العدد المذكور في كل طبقة من طبقات السند من أوله إلى آخره واختلف أهل الأصول في تحديد العدد الذي يحصل بخبرهم اليقين والمذهب الصحيح المعتمد أنه ليس له حد معين بل ما حصل به العلم اليقيني فهو العدد الكافي كالخبز نقطع بأنه يشبع والماء نقطع بأنه يروي مع عدم تحديد الحد الذي يقع به الشبع والري منهما وقيل أقله اثنان وقيل أقله أربعة وقيل خمسةوقيل عشرون وقيل ثلاثون وقيل سبعون والصحيح الأول وبطلان القول بالأربعة فما دونها واضح لوجوب تزكية الأربعة في شهادتهم على الزنا ومعلوم أن عدد التواتر
لا تشترط فيه العدالة بل ولا الاسلام ومثال المتواتر حديث من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار وأشار
في مراقي السعود الى هذه المسألة بقوله:
واقطع بصدق خير التواتر
…
وسو بين مسلم وكافر
واللفظ والمعنى وذاك خبر
…
من عادة كذبهم منحظر
عن غير معقول وأوجب العدد
…
من غير تحديد على ما يعتمد
وقيل بالعشرين أو بأكثرا
…
أو بثلاثين أو اثنى عشرا
إلغاء الأربعة فيه راجح
…
وما عليها زاد فهو صالح
وأوجبن فى طبقات السند
…
تواتراً وفقاً لدى التعدد
قال المؤلف رحمه الله تعالى: -
(فصل)
ليس من شروط التواتر أن يكون المخبرون مسلمين ولا عدولا ، الخ.. خلاصة ما ذكره في هذا الفصل أن التواتر لا يشترط في المخبرين به إسلام ولا عدالة لأن القطع بصدق خبرهم من حيث ان اجتماعهم وتواطأهم على الكذب مستحيل عادة لكثرتهم والعادة تحيل ذلك في الكفار والمسلمين وليس صدق خبرهم من حيث أن المخبرين به عدول مسلمون وانهم لا
يشترط فيهم ألا يحصرهم بلد بل يحصل القطع بخبرهم وان حصرهم بلد أو مسجد كالحجيج اذا أخبروا بواقعة صدتهم عن الحج وأهل الجمعة اذا أخبروا عن حادثة منعتهم من صلاة الجمعة علم صدقهم في الأمرين مع حصرهم في محل أو مسجد.