الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المداينات:
علي بن ناصر السالم ثري واسع الثراء، ومن أهم أعمال الأثرياء في وقته أن يستثمروا أموالهم بطريق المداينة: مداينة الفلاحين وشيوخ الأعراب وغيرهم.
والوثائق التي ذكرت فيها مداينات علي بن ناصر السالم كثيرة ذكرنا بعضها مفرقة على أخبار الأسر التي لها فيها ذكر، ونثبت هنا شيئًا منها على طريق الاستشهاد.
منها هذه المؤرخة في شهر شعبان من عام 1250 هـ وهي مداينة بينه وبين أحد الفلاحين الذين عدت عوادي الدهر على اسمه في الوثيقة فذهبت به كما ذهبت السنون بصاحبه، ولكن ما بقي من الوثيقة يكفي لما ذكر.
وأولها:
مضمونه أنه حضر عندي .... وأقر
…
بأن عنده في ذمته لعلي الناصر ستمائة وستين صاع حب نقي وهو القمح وإن شئت الدقة قلت: إنه الحنطة ومائتين وعشر صاع شعير، منقول بضاعه عند باب داره - أي دار علي الناصر في بريدة.
يحل أجله في عاشور وهو شهر محرم من عام 50 بعد المائتين والألف، وأرهنه وأقبضه في ذلك زرعه بالصايغية، والناقة الملحا وهي السمراء اللون، والجمل الأصفر، والقعود الأشعل وهو الذي يميل لونه إلى الحمرة الفاتحة تشبيهًا له بشعلة النار في اللون، وغنمه وعمارته في ملك عبد الله الغانم، وقد أوضحنا بيان العمارة، وأنها ما يملكه الفلاح في فلاحته التي يكون أصلها بمعني نخلها لغيره، يسقيه، ويصلحه بجزء من ثمرة النخل.
ثم واصلت الوثيقة ذكرها لما رهنه علي الناصر (السالم) فقالت: وسلاحه التفقين اللي عنده، والتفقين: تثنية تفق وهي البندق التي يرمي بها، وقالت: اللي عنده واللي بالشماسية، مما يدل على أن المستدين كانت له صلة بالشماسية، ومع ذلك كان له زرع بالصايغية التي تقع إلى الشمال من مدينة بريدة القديمة، وقد أحدثت فيها الجفر - جمنع جفرة وهي أماكن صار الناس يأخذون منها الطين لبناء البيوت في بريدة وصار سيل وادي الناجرة يملأها.
وفيها الآن مقر بلدية بريدة.
وقال فيها غنيمان بن عبد الله الشاعر:
وأعسى السيل دايم ما يروح
…
ما يفارق جفر الصايغيه
وقد أدركت قليب الصايغية وهي الآن تحت شارع الخبيب، على جانبه الشرقي، أدركتها وعرفتها قبل أن يخطط شارع الخبيب، بل قبل أن يعرف في نحو عام
1358 هـ، أي معرفتي لها وليس تخطيط الشارع فإنه كان بعد ذلك بسنين كثيرة.
ولعدم وجود من يدعي ملكيتها فيما يظهر للناس استقطعها عبد المحسن بن محمد السيف الذي صار مدير مالية بريدة بعد ذلك، من أمير بريدة فاقطعه إياها، بمعنى أنه أعطاه إياها والغالب على مثل هذه الإقطاعات أن يشترط فيها الأمير على من يقطعه إياها أن ذلك ما لم يكن لأحد دعوى شرع فيها.
وقد خاصمه عندها محمد بن عبد الله المنصور الذي كان من أوائل من عمر الخبوب بنخل وأثل وبئر حفرها فيها.
وذلك بعيد عنها جهة الجنوب، ولكنه ذكر أن (الصايغية) تلك هي لآل غنيمان وأنهم أخواله، ولأمه نصيب منها، وتخاصما عند القاضي فيها.
كما ذكرت الوثيقة أن المستدين له عمارة في ملك عبد الله الغانم والمفهوم أن ذلك في الصباخ أو قريب منه، لأن أملاك الغانم الذين هم من آل أبو عليان في الصباخ، إلا إذا كان ملك ابن غانم بئرًا تزرع حبوبًا فإنه كانت لهم ولغيرهم من آل أبو عليان آبار لزرع الحبوب في النقع والمتينيات وما حولهما مما هو شرق مدينة بريدة القديمة.
والشاهد على هذه المداينة اثنان من أسرة آل سالم التي هي أسرة الدائن وهما محمد المبارك، ومبارك أسرته أو والده وسيأتي ذكر (المبارك)، بأنهم من فروع أسرة السالم الكبيرة وشاهد ثالث هو عبد الله آل محمد فإن لم يكن عبد الله بن محمد آل أبو عليان وأنه قريب الأمير عبد العزيز بن محمد أمير القصيم في تلك الأوقات فإنني لا أعرفه، لأن الكاتب معروف، بل مشهور، إن لم نقل إنه أشهر كتاب الوثائق في وقته وهو سليمان (بن محمد) السيف.
والتاريخ شعبان من عام 1250 هـ.
وبعد هذه الوثيقة أسفل منها مباشرة ما يلي:
أيضا ستمائة وخمس وزان تمر يحل أجلهن في جمادى الثانية من سنة واحد وخمسين بعد المائتين والألف، وثلاثة أريل سلف أي هي قرض ليس فيه تأجيل ولا مكسب للدائن وهو علي الناصر.
والشاهد هو أحد الشهود المذكورين أعلاه محمد آل مبارك وهو من (آل سالم)، والكاتب سليمان بن سيف، والطريف ما ذكر بعد ذلك وهو أن (ذلول الحج) يعني التي حج عليها المستدين، أو غيره ولكنها مملوكة له أي المستدين، وكذلك بقرة الحرمة، وهي المرأة، والمراد بها زوجة المستدين داخلات في الرهن لهذا الدين.
وهذه كتابات تتعلق بعلي بن ناصر السالم أولاها وثانيتها كتابة شرعية بخط الملا عبد المحسن بن محمد بن سيف، وتاريخها 1250 هـ ولم يذكر الصفر على اصطلاح لهم في ذلك، لأنه لا يشتبه بسنة قريبة بل هو منتصف القرن.
وما بعدهما وأسفل منهما وأكثره تسويدات تتعلق ببضاعة.
ووثيقة مداينة أخرى واضحة الخط والإملاء وهي بخط عبد الله بن عمرو وآل عمرو هم الذين تفرعت منه أسرة (الرشيد) بفتح الشين على لفظ التصغير،
وهم أسرة معروفة بوجود كتبة متعلمين فيها من أشهر متأخريهم الشيخ عبد الله بن علي بن عمرو الذي قتل في الرياض عام 1326 هـ.
وقد كتبها عبد الله بن عمرو لأربعة عشر بقين من ذي القعدة الحرام، أي يوم 16 من الشهر المذكور سنة 1261 هـ، وأظنه جده أو ابن عم له، وهي مداينة بين عبد الرحمن بن مبارك آل مسند وبين علي الناصر.
والدين المذكور فيها كثير فهو ألف ومائتان وخمسون وزنة تمر ومائتان وواحد وخمسون صاع حب نقي، وهو القمح والحنطة، يحل أجل الوفاء بالعيش أي الحب الذي هو القمح في شهر جمادى الأولى صيفية عام 1262 هـ ويحل أجل التمر في شهر شوال من السنة المذكورة.
والرهن هو نخل المستدين المعروف في (الغاف) وهو الخب الثاني من جهة الغرب بعد خب الشماس القريب من بريدة، جذعه يريد أصل النخل لأن المستدين يملكه وقال: وفرعه، وهذا مبالغة في الوصف وإلا فإن جذع النخلة، إذا كان مرهونًا أغنى عن ذكر فرعه، وذكر أيضًا أصله أي أصل ثمرة النخل، وهو الذي لصاحب الملك وهو النخل وعمارته ما في النخل من أشياء غيره ثم قال: وناقتين مجاهيم والمجاهيم من الإبل هي السود منها إحداهن التي اشتري من ابن مشيقح والثانية الشقحاء وهي الحمراء حمرة تميل إلى الصفرة، أو قل: إنها التي لونها بين الحمرة والصفرة، إلى أن ذكر عبارة جامعة وهي:(وما تحت يده) أي كل ما كان تحت يده فإنه مرهون للدائن.
والشاهدان هما عبد الكريم أخو المستدين وهو عبد الكريم بن مبارك المسند وناصر بن مشاري.