الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصية إبراهيم بن محمد السالم:
كتب اسمه في هذه الوصية إبراهيم آل محمد كما كان يفعل في صحته فرارًا من الاصطلاح العامي، إبراهيم المحمد، وإلَّا فإن (محمد) هو اسم والده كما نقلنا
ذلك عنه من خطه لأنه ذكر في بعضها أن اسمه إبراهيم بن محمد بن سالم.
وهي وصية مختصرة نسبيًا مكتوبة بخط محمد بن سليمان بن سيف مؤرخة في 25 من شهر ذي القعدة سنة 1272 هـ.
والشاهدان عليها هما زيد بن عثمان الصالح، وهو من آل سالم وقد قدمنا ذكر أسرة (الزيد) الدّين هم من آل سالم في حرف الزاي، وقلنا: إنهم أسلاف أسرة العضيب المشهورة، الآن وما قبل الآن بنحو مائة سنة باسم العضيب، والشاهد الثاني سليمان بن سيف وهو الكاتب الشهير بكتابته للوثائق والمبايعات والمداينات، أما الكاتب فهو محمد السليمان بن سيف.
والوصي على تنفيذ هذه الوصية هو ابن عمه سليمان بن صالح السالم.
وخطها واضح إلَّا بعض الغلطات الإملائية.
ويقول في وصيته بعد الديباجة.
"أوصى بثلث ماوراه بعد موته أي بثلث ما خلفه من مال بعد وفاته، بثلاث حجج، الواحدة حجة إلى بيت الله الحرام ثم فصَّلها فذكر حجة واحدة له، وحجة لأبيه، وحجة لأمه، ولم يذكر اسم أمه، وأما أبوه فقد عرفنا من كتاباته أنّه اسمه الكامل محمد بن مبارك آل سالم.
ومعنى أن تكون الحجة - بفتح الحاء - له: أن يحج عنه بأجر من وصيته أحد الموثوق بهم، وينوي أن ثواب تلك الحجة له، وقد خص هذه النقطة بإيضاح وهو أن الوصي سليمان بن صالح بن سالم إذا أراد أن يحج بهذا أي بثمن تلك الحجج فعل، وذلك يدل على أن سليمان كان قد أدى فريضة الحج قبل ذلك، وإلَّا لما جاز له أن يحج عن إبراهيم، وقال إبراهيم: فإن ما حج فينفذهن على نظره، أي يجعل أحد الأشخاص الصالحين لذلك من حيث الديانة والأمانة يحج عن المذكورين.
ونفهم أن إبراهيم بن محمد آل سالم عوفي بعد ذلك من مرضه، إن كان
أوصى وهو مريض كما يفعل بعض النّاس، إذ جاء ذكره في وثائق كتبت بعد كتابة هذه الوصية بأكثر من عشرين سنة، وقد نقلنا بعضها فيما تقدم.
ولم نعرف مقدار الثروة التي خلفها إبراهيم بن محمد بن سالم إلَّا من خلال هذه الوصية، ومن معرفة أن بناته ورثن عنه عقارًا ومالًا كما سيأتي، أما هو فإنه كان ورث عن والده محمد بن مبارك السالم مالًا لا نعرف مقداره، ولكن نعرف منه نخلًا مهمًا في صباخ بريدة وجدنا بيعه ذلك النخل على ابن عمه سليمان بن صالح السالم الذي لا نعرف إلَّا أنّه مثله من (السالم) ولكن لا نعرف مدى اتصال نسبه من جهة الأب بنسب إبراهيم وتلك المبايعة مهمة ومن أهميتها أن الذي كتبها هو العلامة الشيخ محمد بن عمر بن سليم.
وأكثر الأشخاص الذين وردت أسماؤهم فيها هم من السالم من ذلك البائع والمشتري، وهذا ظاهر، ولكن المبيع أيضًا في ملك للنصار من آل سالم ويقع في صباخ بريدة وهو الملك الذي ورثه إبراهيم من أبيه.
وهو الملك الذي اشتراه له وكيله سليمان - أي سليمان بن صالح السالم من عبد الكريم آل حماد الذي هو من السالم أيضًا، بل من وجهائهم، وتقدم ذكره في حرف الحاء.
وذكر أن مشري سليمان لإبراهيم أي النخل الذي اشتراه له بمائتين ريال يخص إبراهيم مائة وأربعين ريالًا وستين ريال لمحمد المبارك، وهذا يدل على أن المذكورين الابن محمد وابنه إبراهيم هما من الأغنياء بمقاييس الغني والفقر في تلك الأزمان.
وقد أوضح كاتب الوثيقة وهو الشيخ العلامة محمد بن عمر بن سليم ذلك بقوله:
فالمبيع ما ورث إبراهيم من أبيه من الملك المذكور، وما اشترى له سليمان ثلثي ثمين (قوت بنت الصفار) أي الذي اشترته قوت المذكورة من نصار (السالم).
ونصيب إبراهيم من النخل الذي في مكان عبد الكريم آل حماد الذي جت محمد آل مبارك من الزعاق وهم الأسرة المعروفة الآن في بريدة وسبق ذكرها في حرف الزاي.
ثم مضى في ذكر بعض ما يملكه إبراهيم آل محمد بن سالم فقال: وداره المعروفة: دار أبوه محمد رايسة سوق محمد، ومعنى (رايسة) السوق أنها في راس
الزقاق التي هي فيه، ثم قال: باع إبراهيم الدار والنخل المذكور.
وهنا انقطعت الوثيقة من الأسف، أو على الأصح انتهت الصفحة التي كتبت فيها صفحتها الأولى.
وقد خلف إبراهيم بن محمد بن سالم بنات عدة ورد ذكر لهن في وثائق منهم بائعات عقار ومنهن شاهدة قول، ومنهن موصية بثلث مالها بعد موتها مما يدل على أنها ذات مال.
أما البائعات فهن أربع، هيا، ومزنة، وهيلة، ومنيرة، والمبيع دارهن المسماة (غصنة) وكذلك نصيب عبد الرحمن السالم الذي كان قد انتقل إلى والدهن إبراهيم آل محمد رحمه الله مما يدل على أن بيعهن للدار المذكور كان بعد وفاة عبد الرحمن السالم، وقد فصلت الوثيقة حال الدار المباعة.
أما المشترى فإنه ابن عمهن الثري السابق ذكره سليمان بن صالح السالم.
والشاهدان على تلك المبايعة هما محمد السليمان والظاهر أنّه من آل سالم أو من السيف، وعلي آل عبد العزيز وهو الكاتب الشهير علي بن عبد العزيز آل سالم الآتي ذكره.
وتاريخ البيع لعشر خلت من ربيع أول سنة ست وسبعين بعد المائتين والألف، والكاتب: سليمان بن سيف وهذه هي الوثيقة.
أما الشاهدة من بنات إبراهيم بن محمد السالم فإنها منيرة وتتضمن شهادتها أن الباب الذي فتق سليمان الصالح (السالم) على دور آل سالم وتعني بذلك الدور التي كانت في (جورة السالم) حيث كانت خالصة لآل سالم وحدهم في القديم، لأنها كانت بقايا قرية لهم دون غيرهم فكانوا أهلها وأمراءها.
والمراد بفتَقَ فتح، أنّه عارية لرجله أي رجلٌ سليمان الصالح فلا يجوز له أن يبني فيه شيئًا، ويجعل لغيره حقّ الدخول والخروج منه لأنه لا يملكه.
وتاريخ الوثيقة في 25 رجب سنة 1281 هـ.
والشاهدان هما من أسرة آل سيف وهما محمد السليمان بن سيف وناصر السليمان (بن سيف).
وقد ذكرت في الشهادة (دور السالم) وهي بقايا ما كان يسمى (جورة السالم) وتقدم ذكرها، ولم يكن يساكنهم فيها أحد من غيرهم.
أما الموصية فإنها مزنة بنت إبراهيم (السالم) أوصت بعد الديباجة بثلث ما وراها أي ما خلفته من مال بعد موتها بضحية الدوام والمراد بها أضحية من الغنم تذبح في عيد الأضحى من كلِّ عام أبد الدهر، وفي عشيات جمع، والعشيات: جمع عشاء وهو طعام كان يعد لأهل بيت الميت، أو للفقراء حسب الوصية في أيام الخميس أو أيام الجمعة من شهر رمضان.
وقد أوصت مزنة السالم هذه بأن تكون تلك العشيات في أيام الجمع: جمع جمعة، والمراد في أيام كلِّ جمعة من شهر رمضان.
وذكرت أنها لها ولوالديها وأخيها زيد تريد أن ثواب ذلك يكون لها ولوالديها ولأخيها زيد مما يدل على أنّه كان قد مات.
والتسمية بزيد كانت موجودة في آل سالم وكانت إحدى الأسر المتفرعة عنهم تسمى (الزيد).
والوكيل أو الوصي الذي عينته لتنفيذ وصيتها هو ابن عمهم سليمان الصالح (السالم) إلَّا أن ذلك محدود بإرشاد عيالها أي أبنائها ولم يذكر أسماؤهم ولا الأسرة التي والدهم منها، وإنما قالت: الين يرشدون عيالها، أي إلى أن يبلغ أبناؤها سن الرشد.
والكاتب هو سليمان بن سيف وهو معروف الزمان مثلما أنّه معروف الخط، وإن لم يؤرخ هذه الوصية، خلاف ما كانت عليه كتاباته التي تعتني بذكر تاريخ ما يكتبه.
وذكر البنات دون الأبناء لإبراهيم بن محمد بن سالم وذكر بنته مزنة أخاها المتوفى (زيد) يجعلنا نتساءل عما إذا كان إبراهيم المذكور قد خلف أولادًا ذكورًا أم كان انقطع نسله كما انقطعت أنسال كثير من شخصيات (السالم) الثرية والمؤثرة لسبب لا نعرفه.
وقد أخبرني بعض أسرة السالم أن إبراهيم آل محمد المذكور يعد جدهم، ولم يقدموا دليلًا على ذلك إلَّا كون أحد أجدادهم الأقربين اسمه إبراهيم السالم، وهذا ليس دليلًا قويا، لأن اسم إبراهيم يتكرر كما هو معروف.