الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السعوي:
بإسكان السين المشدودة فعين مفتوحة فواو مكسورة فياء.
على صيغة النسبة إلى لفظ السعي لأن السعوي في اللغة العامية هو الذي يسعى بين البلدان أو الناس في السفارات والرسائل ونحوها، ولا أدري أأسمهم من ذلك أم من غيره.
من أهل المريدسية وبريدة وكانوا قبل ذلك في الشقة.
منهم ناصر بن محمد السعوي مدير الإدارة المالية بالرئاسة العامة المدارس البنات - 1394 هـ.
وهم أسرة كبيرة في المريدسية.
وهم من آل مريزيق أهل الشقة الذين منهم البراك والربعي والجريش والسحيمان والروضان والزميع.
قال الزعيم عبد الله بن عبد العزيز المشيقح: (السعاوي) في المريدسية مثل سورة الرحمن بعد كل آية (فبأي آلاء ربكما تكذبان) وذلك لأنك في المريدسية تري بعد كل ملك ملكًا آخر لرجل أخر من آل السعوي.
وكان قال ذلك لكونه يسير في المريدسية فكلما وصل إلى حائط من النخل سأل عن صاحبه فكانوا يقولون لأحدها: هذا لفلان السعوي، ثم بعده ملك الرجل من أسرة أخرى ثم ملك لآل السعوي، وهكذا، بعد كل ملك أو ملكين بمعنى حائط أو حائطين من حيطان النخل واحد للسعاوي.
و(السعوي): أسرة كبيرة كثير فيها الصلحاء والزهاد ومحبو العلم والعلماء، ويغلب على أفرادها الصدق والتواضع، لذا تعتبر من الأسر المحبوبة.
عرفت عددًا منهم بهذه المثابة من الصلاح، ومن القدماء بالنسبة إليَّ الذين عرفتهم بالزهد والبعد عن الحكام وحب المظاهر عبد العزيز بن عودة السعوي وعودة: اسم والده وهو أخو الشيخ القاضي عبد الله بن عودة السعوي، وعم صاحب المعالي الشيخ محمد بن عبد الله بن عودة.
قال لي الشيخ فهد العبيد في عام 1364 هـ: أبي أزور أنا وإياك أخونا في الله عبد العزيز العودة السعوي في المريدسية.
فقلت له: إنني لا أعرفه، وذلك أننا كنا نعرف أكثر طلبة العلم والمتدينين المحبين لهم ممن يسمون الإخوان لأنهم كانوا يحضرون مجالس الذكر في بريدة، فقلت له: إنني لا أعرف عبد العزيز العودة هذا.
فقال: ما تعرفه لأنه ما دخل إلى بريدة من المريدسية من يوم ركز فيها (التيل) والتيل هو البرقية أي اللاسلكي.
قال فهد العبيد: (التيل) ركز في بريدة عام 1350 هـ ونحن الآن في عام 1364 هـ أي منذ أربع عشرة سنة لم يدخل فيها عبد العزيز السعوي إلي بريدة ولا نوى أنه يدخلها مع وجود (التيل) فيها!
فقلت له: ولماذا؟ هل (التيل) يمنع من دخول الإنسان إلى بريدة؟
فقال: الإخوان ما يبونه، وهم مختلفون في أمره أول ما ظهر، أحد منهم يقول: هذا سحر وكهانة، ومن عمل الشيطان، وأحد منهم يقول: إنه صناعة، ولكن الغالب على الذين يقولون: انه صنعة عدم الورع، وعدم التحقيق في الديانة!
كان الوقت في أول القيظ أي في نحو شهر يونيو فخرجنا في الصباح سيرًا على أقدامنا إلى المريدسية، وقد حميت الشمس، واشتدت الرمضاء قبل أن نصل إلى المريدسية.
والغريب أن الشيخ فهد العبيد لم يحس بذلك ولا شكاه، إضافة إلى أن أقدامنا تغوص في الرمل فنعاني من اقتلاعها منه مثل معاناتنا مشقة السير، أو هذا هو ما أحسست به.
وفي نحو الحادية عشرة والنصف وصلنا حائط عبد العزيز السعوي فيها فاستقبل فهد العبيد بسرور عظيم ورحب به ترحيبًا بالغًا، وسأله عن حال كبار الإخوان من طلبة العلم فردًا فردًا.
وذلك أنه لا يدخل إلى بريدة فيراهم، ولا يأتون لزيارته في المريدسية كما يفعل الشيخ فهد العبيد، ويومذاك لا وسيلة للإخوان والأقارب إلا بالسؤال عنهم بمثل هذه الطريقة، وقد أعجبت بصدق الشيخ عبد العزيز السعوي وديانته ونور الإيمان الظاهر على وجهه.
كنت مستمعًا لأكثر حديثهما لأنني كنت صغيرًا وعبد العزيز العودة لا يعرفني وإن كان الشيخ فهد العبيد قد قدمني إليه وذكر اسمي، ولكنه لم يبال بي، ولم يرفع بذلك رأسًا، ربما لكوني نكرة لا أستحق منه التعرف.
وكان حديثهما كله حديثًا أخرويًا، أي يتعلق بالآخرة وأحوالها، وبأقوال المشايخ وأحوالهم.
وقبيل صلاة الظهر كان ابن له أو قريب منه وهو فتى يضع السفرة وفوقها الغداء وهو تمر ومراصيع ولبن، والمراصيع مدهونة بالزبد.
وقد بقينا عندهم حتى صلينا العصر، ثم ودعناهم وقد عرض علينا الشيخ عبد العزيز العودة إن يرسل معنا حمارا نركبه مع أحد أولاده لكي يرجع به إلى المريدسية بعد أن يوصلنا ولكن الشيخ فهد العبيد رده قائلا: إنه لا حاجة بنا إلى ذلك.
ولم تكن لنا حاجة بالركوب بالفعل فعدنا مشيًا إلى بريدة.
لقد وصفت عبد العزيز بن عودة هنا بالشيخ ولا أشك في أنه لو سمع ذلك لما أجازه، لأن الشيخ في تلك الأزمان هو الذي وصل إلى رتبة عظيمة في العلم والعمل، وقد حدثني الشيخ محمد بن عودة السعوي، وهو ابن أخيه أن اثنين من طلبة العلم مرا بعمه عبد العزيز وهو بالمريدسية بحجة السلام عليه، وهما يريدان مع ذلك القهوة وما قد يكون معها من التمر.
فكان أحدهما ينعت صاحبه عند عبد العزيز العودة بالشيخ، فغضب عبد العزيز العودة منه، وقال: كيف تقول له: الشيخ وهو لا يزال طالبًا للعلم، ثم نهض من مكان القهوة ودخل إلى بيته وتركهم مع أحد أبنائه يقهويهم، ولم يجلس معهم بعد ذلك.
أما كراهية طلبة العلم المتدينين للاسلكي أو البرقية فإن ذلك كان أمرًا معروفًا لي وأمثالي وكان معقول السبب في القديم، إذ فوجئوا بما لم يكونوا يعرفون منه، ولم تتح لهم فرصة من عارفين أو خبراء به ليوضحوا أمره للناس.
ولقد أراني الشيخ فهد العبيد سؤالا مكتوبًا عنده لا أدري من الذي أملاه ولكن الذي كتبه هو الشيخ فهد العبيد يقول:
"ما قول العلماء الأعلام في هذا الأمر الحادث هذا الزمان وهو البرقي؟ أهو سحر وكهانة أو هو صناعة؟ إذا كان سحرًا وكهانة، فهل يجوز للعلماء أن يسكنوا عليه وهل يجوز للمسلم أن يأخذ بما يأتي به أو منه من الأخبار".
وهذه صورته:
هذا وقد توفي عبد العزيز بن عودة السعوي في 5 شعبان من عام 1367 هـ.
وقد كان زعماء الأعراب المتدينين المعروفين بالإخوان، وهم المتشددون منهم ذكروا أن مما كانوا يأخذونه على الملك عبد العزيز آل سعود ركز (التيل) في بلاد المسلمين.
و(التيل) هو البرقية كما تقدم، وذكروا كما ذكر غيرهم مركزه وهو تثبيت أعمدته في الأرض وجعلها منصوبة عالية.
أما الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله فقد عرف مبكرًا فائدة البرقيات في حفظ الأمن وتسهيل الإدارة عن طريق إيصال الأوامر الصادرة من الحكومة إلى الأماكن المتباعدة في المملكة، لذلك سارع إلى إيجاد مركز اللاسلكي في كل مدينة مهمة أو مركز مهم من مراكز الإدارة في المملكة، غير ملتفت إلى اعتراض المعترضين، لأنه أمر يتعلق بالمحافظة على الأمن وسلامة الحكم واستمراره.
وليس استنكار طلبة العلم غير العارفين بالبرقية إلا مثل استنكار أناس قبلهم
من طلبة العلم الأمور مفيدة عندما عرفت لأول مرة مثل الساعة التي كان بعضهم يسميها (الفويسقة) تصغير فاسقة، واستمر الجدل حول اتخاذها فترة من الزمن.
وليس استنكار البرقية في ذلك العهد وقفًا على طلبة العلم والورعين وحدهم بل كان عدد من كبار المشايخ كذلك منهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ الذي أرسل الرسالة التالية إلى الملك عبد العزيز بهذا الصدد:
من محمد بن عبد اللطيف وإخوانه إلى جناب الإمام المكرم الأحشم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل سلمه الله تعالى وهداه وأعاذه من شر نفسه وهواه آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وموجب الخط السلام والخط المكرم وصل وما عرفت كان لدينا معلومًا ولا ذكرنا الاجتماع بك إلا قصدنا النصيحة بيننا وبينك، والنصيحة لك واجبة علينا، فإذا لم يحصل الاجتماع فلا بد من البيان لك في هذا الكتاب والنصيحة، فأول ما ننصحك به تقوى الله تعالى ومراقبته وخوفه والصدق معه والاعتماد عليه، وعدم الاعتماد على سواه، واستحضار الوقوف بين يدي الله في يوم تشخص فيه الأبصار ويجازي كل بعمله وسؤاله لك تعالى عن ما استرعاك عليه واستأمنك من أمور المسلمين وعدم الالتفات والأخذ في الأمور الكلية عن قوم لم يشموا رائحة العلم الموروث عن صفوة الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بل يعيبون على من تمسك بذلك في جميع ما يرد عليه وإنما يعولون على الرسوم العصرية الملائمة لأهوائهم، وقد قال الله تعالى مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين)، ثم أعلم حفظك الله، أن الأمر الذي الكلام فيه ليس هو الأمر السابق الذي هو التحليل والتحريم فإن هذا قد مضى الكلام فيه، كما ذكرت، وإنما الكلام في وضع البرقيات في الرياض، وغيره من قرى نجد فلا يخفاك ما في وضعه من
المفاسد العظيمة منها تغير فطرة عامة المسلمين وضجرهم لذلك الأمر، وعظيم مشقته عليهم أمر ما يخطر ببالك، وقد قال صلى الله عليه وسلم (اللهم من ولي من أمور أمتي شيئًا فشق عليهم فاشفق عليه) ومنها أن نجدًا قد حفظه الله وحماه وألقى الهيبة عليه فالله الله يا عبد العزيز لا يؤتى الإسلام من قبلك، ومنها أن إحداثه من أسباب الطعن علينا وعليك والقدح في الولاية، ومنها أن من لازم وضعه وجود الكفر ممن يتولاه والسعي في نقض هذه الدعوة الإسلامية، وإعادة الباطل في نجد كما كان أو أعظم، ولو في المال ونحن نجزم أن الذين يتولون مثل هذه الأمور وأقل أحوالهم المجاهرة بترك الصلاة، وقد قال صلى الله عليه وسلم لا يجتمع دينان في جزيرة العرب.
فهذا الذي عندنا (ندين الله به) وجب علينا بذله لك والله يعلم أن ذلك نصح منا لك، وشفقة عليك، وخوف من الله، وخوف عليك ونسأل الله أن يأخذ بناصيتك لما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه والسلام (1).
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد اللطيف وإخوانه إلى جناب الإمام المكرم الأحشم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل سلمه الله تعالى وأبقاه وحرسه وحماه آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأزكى وأشرف تحياته وموجب الخط إبلاغ السلام، والخط المكرم وصل وما عرف به جنابك المكرم كان معلومًا خصوصًا ما ذكرت من جهة نصرك لكلمة التوحيد وقيامك بجدك وجهدك فيما يثبتها، هذا لا نشك فيه ونرجو الله أن يجزيك عما فعلت بالدرجات العلى، وكل من كان في قلبه إيمان يشهد لك بذلك ويدعو لك وهو من نعم الله عليك وعلينا، وعلى المسلمين، فيجب على الجميع شكرها ورعايتها.
(1) لسراة الليل هتف الصباح، ص 309 - 310.
وأما وضع البرقيات في الرياض وغيره من قرى نجد والحال ما قد شرحناه لك سابقًا فيما يترتب على ذلك فلا نراه جائزًا، ولا نفتي به، نبرأ إلى الله من الإفتاء بشيء يترتب عليه من المفاسد ما قدمناه إلى جنابك من التبيان ما نُعذر به عند الله، وهداية التوفيق والإلهام بيد الله والسلام (1).
قال الشيخ إبراهيم العبيد في تاريخه:
وفي بعض السنين أصيبت الأمة بسنة وجدب فقام عبد العزيز السعوي وقسم مزرعته من البر والشعير نصفين بحبل فقال هذا الشطر لي ولمن أمونه والشطر الثاني لله عز وجل ثم وزعه على الفقراء والمساكين.
وكان في زمنه عالم كبير السن متعطل الأسباب ذو عائلة، فكان يقوم بنصف مؤنته على الدوام، وكان يبش بزواره من أهل الخير والصلاح ويقدم لهم ما تيسر من الموجود لديه في وقت كان قليل التمر واللبن والقهوة والبر أكبر ضيافة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
وكان يزار ولا يزور أحدًا لأنه معتزل عن الناس إذا رأيته وجدته متقشفًا في لباسه، وقد تصدعت يداه ورجلاه من مكابدة الأعمال مع تقدمه في السن، ثم يذهب وقت العبادة إلى المسجد فيكون واقفًا أو راكعًا أو ساجدًا بين يدي الله.
وللبيت حظ من عبادته لله تطوعًا ولبث ثماني عشرة سنة، لم يقدم مدينة بريدة، ولما توفرت فيها المصنوعات المستحدثة لا لتحريمها ولكن للسلامة من المشتبهات، وقد قدمنا أنه من زملاء محمد بن مقبل وصالح اللهيمي وسليمان بن ناصر السعوي (2).
(1) لسرة الليلة هتف الصباح، ص 273.
(2)
تذكرة أولي النهى والعرفان، ج 5، ص 336 - 337 (الطبعة الثانية).