الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما أضعف الإنسان
!
أخي الأستاذ وديع،
أرجو أن تعتذر عني للقراء لأنه لا أستطيع أن أكتب اليوم الكلمة ولم أستطع الذهاب إلى عملي، لقد شغلت عن ذلك بنفسي بشيء يُشغل عن الكتابة والعمل والطعام والشراب
…
بـ «نوبة رمل» أعاذك الله منها، ولا عرّفك بها.
بيدٍ من الحديد أحس أنها تقبض على جنبي، وبمثل طعنات الخنجر الحامي تتوالى عليّ على عدد الثواني، وبنفسي يضيق حتى لكأني أختنق، وببطني ينتفخ حتى لكأنه ينفجر؛ فأنا أتلوّى وأتقلّب لا أقدر أن أستقر دقيقة، ولا أكف عن الصراخ لحظة.
وليس يستطيع الطب أن يسعفني إلا بحقن «السيدول» التي لا تذهب بالمرض فتشفي من الوجع، بل تقتل الحس وتميت الشعور فتُنسي الألم. والسبب كله
…
أوَ تعرف يا سيدي ما السبب؟
إنها حبة رمل لا تكاد تدركها العين. هذه هي التي فعل بي الأفاعيل.
فيا لغرور الإنسان! اخترق الجبال، وخاض البحار، وركب السحاب،
وأنطق الحديد، وسخر النور والكهرباء، وحاول أن يخترق بعقله حجب المستقبل، وظن أنه شارك الله في ملكه، فأدّبه الله بحبة رمل لا تكاد تدركها العين؛ تصرعه وترميه وتسلبه قدرة عقله، وبطش يده، وتجعله يصرخ كالقط الذي قطع ذنبه!
وبكأس ماء إن حُرمها شراها بنصف ملكه إن كان ملكاً، وإن مُنع خروجها من جسمه شرى إخراجها بالنصف الثاني!
ألا، ما أضعف الإنسان!
***