الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلى، لدينا أدب ولدينا أدباء
من بضع عشرة سنة كتبت في «الرسالة» مقالة عن «الحركة الأدبية في دمشق» قلت فيها إن في دمشق أدباء ولكن ليس فيها أدب، وقد كانت هذه المقالة موفقة من الوجهة الصحفية لأنها فتحت باباً كتبت فيه مقالات تملأ كتاباً عن الحركة الأدبية في العراق وفلسطين والحجاز ولبنان وتونس والمغرب الأقصى، وما لا أذكر الآن من البلدان.
ثم عدت فكتبت مثل ذلك في «المكشوف» ، وأنكره عليّ رجال ناوشوني وناوشتهم، وكان بيني وبينهم معارك كان من سلاحها المنطق والدليل والسلاطة والشتيمة وطول اللسان، وأحسب أني كنت المجلي السابق في ذلك كله، ولا فخر!
وبقيت على هذا الرأي حتى ورد عليّ اليوم هذا الكتاب فأزالني عنه، وأظهر لي فساده، وأثبت لي أن في الشام أدباء وأن فيها أدباً. ولست أنشر هذا الكتاب لأن صاحبه قد مدحني، فأنا (مهما بلغت من الأخذ بفضيلة التواضع) أرى أني لا أستحق هذا «المدح»
…
ولكن أنشره لأن فيه «شعراً» جديداً على أتم ما يكون التجديد، مبتَكراً على أكمل ما يكون الابتكار،
خرجتْهُ قريحةٌ بلغ من قوتها أنها نسجت هذا الشعر من غير أن يستعين صاحبها بشيء من سخافات أهل النحو والصرف والبيان والبديع والعروض، ولم يتقيد بشيء من ذلك، بل انطلق يحلق كالغراب في سماء الأدب حراً من كل قيد .. بل إنه لم يربط نفسه بهذا العرف القبيح، فكتب في ذيل كتابه «مخدومكم» ولم يقل «خادمكم» مثلاً؛ لأنه يشير بذلك إلى قولهم:"سيد القوم خادمهم".
أما هذا الكتاب فهذا هو بفصه وفصه، أرسلته إلى «الأيام» بخط صاحبه حفظه الله، وأرجو أن تحتفظ به لتُطلع عليه من يشك في الأمر، ويظن أني قد نظمت أنا هذه القصيدة
…
البحترية
…
وصغتها في مدح نفسي.
وهذا هو الكتاب:
أستاذي حزت على العلوم وبحرها
…
يا من ضياؤك كالقنديل في الظلم
ولقد خلقت لحبك ولمدحك
…
من قبل خلق الله طينة آدم
عجبت بك يا أستاذي عجباً
…
بشجاعة وهمة فاقت على الهمم
عجبت بأخلاقك التي فاقت
…
أدباً فصاحبها العلم والعلم
عجبت بعقلك وبلطفك عجباً
…
عجباً يعجب العجاب في الفهم
من قبل خلقي حبك قد حل في
…
قلبي وروحي والضلوع والدم
يا سيداً يا سائداً في فعلك
…
يا حائزاً خلقاً وعلم عوالم
أهديك روحي ثم قلبي وما
…
ملكت من الشعر الجميل والمفخم
وأختم كلامي بالتحية اللائقة
…
لمقامكم السامي الرفيع المعظم
مخدومكم: خطيب بيت سوا
وأنا أهنئ دائرة الأوقاف وأهل بيت سوا بهذا الخطيب الشاعر، وأشكره أوفى الشكر، وأعتذر عن قبول هديته الثمينة؛ لأني قد أضيق بروحي أنا وأعجز عن حمل قلبي فأنا أفتش عمن أهبه له، فماذا أصنع بروحه (تسلم روحه) وبقلبه؟ وأرجو أن يتفضل فيقبل مني هذه الأبيات:
أشكرك يا حضرة خطيب بيت سوا
…
شاكراً جزيلاً على الشعر الأفخم
وأعجب بعلمك ولطفك عجائباً
…
أعجب من أهل العجيبة في العوالم
وأحبك أكثر من حب مجنون ليلى
…
من قبل خلق حواء زوجة والدنا آدم
مع تحياتي
…
***