الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نحن والسيدات
يا سيداتي ويا آنساتي القارئات: اسمعن هذه القصة، فإني جعلت هذه الكلمة لكن وحدكن.
ركبت الترام منذ أيام فلم أجد فيه إلا مقعداً واحداً خالياً أمام فتاة
…
لا أريد أن أصف وجهها وما وضع الله فيه من مراهم الجمال، وما وضعت هي عليه من مراهم وأصباغ لستر هذا الجمال، ولا أصور شعرها ولا يديها ولا
…
لأني إنما أنشأت هذه الكلمة لأتكلم عن رجليها.
فقد لفت الآنسة اللطيفة رجلاً على رجل، ومدت ساقها التي انحسر عنها الثوب حتى لامست المقعد الذي جئت أقعد عليه، فتوقفت لحظة لعلها تنتبه فتتعدل فما أظهرت أنها أحست بي، فلممت ثيابي وجمعت نفسي حتى دخلت فقعدت، فجاء حذاؤها على ثوبي، فتململتُ وتحركت فما حفلتني ولا أبهت لي، فدعوت الجابي (الكمساري) وقلت له: قل للآنسة تنزل رجلها.
فنظرت إلي نظر سيد المزرعة ووارثها إلى الفلاح وقالت: أنا حرّة!
فقلت: أنت حرة في بيتك يا آنسة.
قالت: إذا لم يعجبك فخذ لك (تاكسي).
فقلت: يا آنسة، إن للترام آداباً.
فشمخت بأنفها وصعرت خدها وقالت: أنت تعلمني الأدب؟!
قلت: نعم، هذه صناعتي مع الأسف.
فصرّت وجهها وقلبته حتى صار الناظر إليها يحسبها شربت كوباً من زيت الخروع وقالت بلهجة عريف (شاويش) رفع إلى الرتبة حديثاً: بس! اعمل معروف!! وتلفتت نحو الشارع فكأن المسألة قد انتهت.
فأخرجت ساعتي وقلت لها: معك دقيقة واحدة يا آنسة. إمّا أن تنزلي رجلك وإما أن
…
أن أعمل ما أراه لازماً.
ففكرت لحظة، ووقف الترام، فنزلت وأنزلت معها رجلها!
فيا سيداتي ويا آنساتي، هل سمعتن القصة؟ فما قولكن؟
أما أنا فلم أطلب إليها أن تنزل، وإنما طلبت منها، وأطلب من «المرأة» أن تحترمني لتضطرني إلى احترامها، وأن تظهر لي لطفها (ولا أقول ضعفها) لئلا أبدي لها قوتي وبطشي فأثير شكواها، وأن لا تزيد في استغلال رعايتي إياها لئلا أدع رعايتها. أفليس هذا الطلب حقاً؟
وأن تُفهمنني كيف تطلبن المساواة بنا ثم تتعالين علينا؟ ولماذا أنزل للمرأة في الترام عن مقعدي ولا تنزل لي عن مقعدها؟ ولماذا تضع حذاءها على ثيابي ولا أضع حذائي على ثيابها؟ وأين -بعد ذلك- تكون هذه «المساواة» بيني وبينها؟
يا سيدات ويا آنسات، بعضَ هذا الدلال ولكنّ الشكر!
***