الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكماليات
حدثني صديق أديب أقام شهراً يتنقل بين أنقرة وإسطنبول وإزمير أنه لم يبصر في هذه الأيام كلها إلا عشراً من السيارات الخصوصية الفخمة التي نرى العشرات من أمثالها كل يوم تحمل أغنياءَ الحرب إلى مخازنهم وأولادَهم إلى مدارسهم، وتحمل نساءهم إلى الاستقبالات والأعراس.
وقصّ علي قادم من تشيلي (كان قطنها عشرين سنة) أن التجار فيها محرم عليهم تحريماً استيراد الكماليات كلها من البلاد الأجنبية؛ فلا فرو يُباع بوزنه ذهباً، ولا أحمر للشفاه تضيع في ثمنه الآلاف، ولا عطر نادر، ولا شيء من مثل ذلك. وما لم يُستغنَ عنه من هذه الكماليات صُنع في البلاد وكان ربحه لأبنائها.
ونسمع عن بلاد الناس أن الحكومات فيها تعمل على حفظ ثروة سكانها ومنعها أن تذهب إلى بلاد الأجانب ثمناً لتوافه لا ينفع وجودها، ولا يضر عدمها.
فما لنا نحن خاصةً -دون عباد الله- نضيع ثروتنا في هذه الكماليات؛ في السيارات الفخمة، والفراء وأدوات الزينة ووسائل الترفيه؟ حتى السكاكر (1)
(1) السكاكر -في لغة الشام الدارجة- هي الحلوى (مجاهد).
صرنا نأتي بها من إنكلترا وأميركا ولعب الأطفال وعلب الدخان!
من أميركا التي كان من صادراتها إلينا دولة إسرائيل!
إن هذه الأموال التي يأخذونها منا يصنعون بها المدافع والقنابل فيرسلونها إلى إسرائيل. وإن هذه الكماليات التي يعطوننا إياها يأخذون بها منا رجولتنا وقوتنا ويحوّلون بها هذا النشء الجاد المكافح المناضل إلى نشء رخو ضعيف؛ همه زينته، وغايته لذاته.
يا أيها الناس،
إن البطل الذي يمشي حافياً وينام على الأرض ويسكن في الكوخ، خير من المخنث الذي يلبس الحرير، ويسكن القصور، ويركب سيارات الرولزرايس!
***