الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هجوم على الأطباء
وقعتي اليوم سوداء (كما يقول إخواننا أهل مصر) فأنجدوني يا أيها القراء، لأني سأخاطر بروحي وأهجم على الأطباء.
والهجوم على الوزراء والكبراء سهل، أما الهجوم على الأطباء
…
فيا ستّار! ونحن من غير أن ننال منهم لم ننج من أيديهم، فكيف إذا قرؤوا هذه الكلمة؟
ولكن ليثق كل واحد منهم أنه ليس هو المقصود، وبذلك تضيع التهمة وتحفظ الدعوى لجهالة المتهم.
والحكاية -يا سادتي- أني مصاب بآلام في المفاصل، قد تخف وقد تشتد، وقد تخفى وقد تظهر، كانت تتنقل من مفصل إلى مفصل، ثم استقرت في ركبتي وفي فخذي، حتى أني لأفيق من أعماق نومي -إن تحركت أو مسها برد- كما يفيق من تلمسه عقرب. وأحلف لقد راجعت ثلاثة وثلاثين طبيباً بالعدد، في الشام وبيروت وبغداد ودير الزور والبصرة وكركوك والقاهرة، واستعملت عشرات الأدوية (حتى لا يكاد يوجد علاج للروماتزم لم أعرفه ولم أجربه) وأجريت أنواع التحليلات، والألمُ -مع ذلك- يشتد ويزداد. أفلا يحق لي -بربك أيها القارئ- أن أهجو الأطباء؟
دلوني على طبيب يستطيع أن يداويني
…
دلوني -أيها الناس- ولكم الشكر. لقد قصدت الأطباء الكهول المجربين والشباب المطلعين على الطب الجديد، بل لقد أخذت بوصفات العجائز وأدوية العوام فما استفدت شيئاً.
وقالوا: لا تأكل اللحم ولا البيض ولا الحبوب ولا السبانخ ولا الملوخية ولا اليبرق ولا الدهن ولا تشرب القهوة ولا الشاي ولا الكاكاو ولا الشكلاتة
…
قلت: طيب، فماذا آكل إذن؟ هل أكتفي ب «أكل الهواء» النقي؟
مع ذلك فقد جربت هذه الحمية فما استفدت شيئاً، وقالوا: أكثِرْ من الرياضة، فأكثرت من الرياضة فما استفدت شيئاً.
فهل النقص في الطب نفسه، أم العجز من الأطباء.
وبعد، فماذا أصنع؟ وهل تدلونني على طبيب يعالجني أو أخاطر بروحي وأسلط قلمي على الأطباء وأصنع بهم كما صنع شيخنا الجاحظ بالمعلمين، وليكن ما يكون؟!
هذا إنذار، والمهلة ستة أيام ونصف اليوم
…
***