الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاطبوهم بلغة المدفع
هذه أول مرة -مذ بدأت حرب فلسطين- استطعت فيها أن أرفع رأسي الذي أحناه الخجل، وأثقله الألم
…
هذي أول مرة وضع فيها قادة العرب أقدامهم على الطريق، بعدما كانوا يتيهون في الفلاة، ويمشون على غير الهدى
…
هذا أول مرة تقرر فيها الجامعة قراراً، فيقول العرب:"صحيح"، وكانت من قبل تقرر فلا يرضى عنها أحد
…
هذي أول مرة تدرك فيها الحكومات أن ساحة المعركة ليست في ليك ساكس ولا في نيويورك، وأن سلاحها ليس الخطب ولا المذكرات، ولكن المعركة -كما كان يقول الأستاذ فارس خوري- هنا: في فلسطين، والسلاح هو الدم والنار والحديد
…
هذا هو الطريق، قد وضعتم الآن أقدامكم عليه فسيروا قدماً. اضربوا ضربة الحق، ودعوا اليهود يشتكون هم إلى مجلس الأمن، فلقد كنا في المدرسة نحتقر التلميذ الذي لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الشر فيذهب باكياً إلى المعلم، فيقول بصوت رخو، وعين دامعة، وشفة مقلوبة:"أستاذ، هاد ضربني"!
وكان شاعرنا الجاهلي، يقول:
بغاة ظالمين وما ظلمنا
…
ولكنا سنبدأ ظالمينا
ونحن لا نريد أن نظلم أحداً؛ فقد أذهب الله عهد الجاهلية وحرم الظلم، ولكنا لا نريد أن نكون كعير الحي، ولا الوتد، ولا الشاة بين أنياب الذئب. إننا نحب أن نتأدب بأدب القرآن الكريم؛ جل من أدب، ونأخذ بقول الله عز وجل تقدس من قول:{ومَن اعْتَدى عَلَيكُم فاعتَدُوا عليْهِ بمثلِ ما اعْتَدى علَيْكُم} . من ضربكم بالمدافع فاضربوه بمثلها، لا تضربوه بالكلام. ومن أخذ الإبل فاستردوا منه الإبل وأدّبوه، لا توسعوه شتماً (وأودي بالابل)!
وإن صادر اليهود أموالكم فصادروا أنتم أموال اليهود، وإن طردوكم من منازلكم فاسترجعوا أنتم -على الأقل -هذه المنازل، واطردوهم منها كما طردوكم
{وأَعِدو لهُمْ مَا اسْتَطَعتُم مِنْ قُوَّةٍ}
…
صدق الله العظيم. ودعوا الكماليات، ووفروا المال، واشتروا السلاح، وانشروا نظام الفتوة، وافتحوا معسكرات التدريب. دربوا الرجال على القتال، وعلموا النساء اتقاء الغارات، اجعلوا البلد كلها ثكنة كبيرة.
الآن، وضعتم أقدامكم على الطريق، فسيروا قدماً، فإنه -والله- ما خنس اليهود وأبلسوا، ولا كان هذا القرار الرباعي، إلا لأنكم أفهمتم الدنيا إنكم مستعدون للضرب، وأنه مضى عهد الكلام.
إن اللغة التي يفهم بها البشر اليوم هي لغة المدفع، والحق على شفار السيوف وحد الأسنة، لا بأطراف الألسنة ولا بصحائف الكتب
…
فلا تتكلموا بعد اليوم إلا بلغة المدفع!
***