المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌لا نريد تماثيل - مقالات في كلمات

[علي الطنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌القسم الأول

- ‌ابحثوا وخبروني

- ‌لن يخدعونا

- ‌حتى لا نكون مغفّلين

- ‌الطرق

- ‌لا تخافوا اليهود

- ‌البطل

- ‌ثورة دجلة

- ‌لا نريد تماثيل

- ‌العدالة الاجتماعية

- ‌مزاح أم إجرام

- ‌ما أضعف الإنسان

- ‌القليل يصنع الكثير

- ‌احترموا عقيدتنا وديننا

- ‌بلى، لدينا أدب ولدينا أدباء

- ‌الإسلام والمرأة (1)

- ‌الإسلام والمرأة (2)

- ‌أحاديث نبوية

- ‌حساب النواب

- ‌في الاقتصاد

- ‌خاطبوهم بلغة المدفع

- ‌في نقد الإذاعة

- ‌أثر الإيمان

- ‌نظامٌ يحتاج إلى إصلاح

- ‌أناشيد

- ‌نحن في حرب

- ‌القاضي الشهيد

- ‌لا نريد من يدافع عن القاتل

- ‌الكماليات

- ‌في الناس خير

- ‌كونوا مثل عمر

- ‌مثل الساعة

- ‌وظِّفوا الأصلح

- ‌التلميذة الخالدة

- ‌العلاج حق للناس

- ‌الوفاء لأهل الفضل

- ‌كلمة في الكذب

- ‌بلادنا التي فقدناها

- ‌ثورة الإيمان

- ‌هذه هي الحرب فماذا أعددتم لها

- ‌تزوّجوا بنات بلادكم

- ‌العربية في خطر

- ‌دين محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌شجعوا الزواج

- ‌هجوم على الأطباء

- ‌في الغيرة

- ‌وزراء اليوم

- ‌الإيمان أهم من الجدران

- ‌أساس الإصلاح

- ‌العلاج بالزواج

- ‌رجعية

- ‌أغاني الميوعة والفجور

- ‌ماذا يصنع اليهود

- ‌استعدوا للحرب

- ‌الأمة العاقلة لا تسرف

- ‌بقلم: حقوقي شرعي

- ‌نحن واليهود

- ‌قاوموا هذه الأفلام

- ‌مريض الوهم

- ‌نحن والسيدات

- ‌الأذان

- ‌أوقفوا الميوعة والفساد

- ‌مرحباً بالغارات

- ‌الزواج…مرة أخرى

- ‌نريد شباباً أعزّة

- ‌متى نثق بأنفسنا

- ‌الموضة

- ‌تشابه أسماء

- ‌موازين الحق

- ‌كفانا غفلة

- ‌الشفاعة للمجرم جريمة

- ‌حاربوا الرذيلة (1)

- ‌حاربوا الرذيلة (2)

- ‌علاج للرذيلة

- ‌الاستعداد للجهاد

- ‌من هو العالم

- ‌إصلاح الإذاعة

- ‌مكافأة البطولة

- ‌فصل مفقود من كتاب «كليلة ودمنة»

- ‌لا تيأسوا

- ‌جريدة «الأيام»

- ‌أبو حية النميري، والموظفون

- ‌هذه هي الصلاة

- ‌طاقة أفكار (1)تصحيح أخطاء شائعة

- ‌طاقة أفكار (2)العامي الفصيح

- ‌طاقة أفكار (3)مباحث لغويّة

- ‌طاقة أفكار (4)تكريم الأحياء

- ‌القسام الثاني

- ‌اسمعوا يا عباد الله (1)(قطعةٌ من حديث

- ‌اسمعوا يا عباد الله (2)(قطعةٌ من حديث

- ‌اسمعوا يا عباد الله (3)(قطعةٌ من حديث

- ‌إلى شباب «اليويو»

- ‌«صحفي»

- ‌أبناؤنا وتاريخنا (1)

- ‌أبناؤنا وتاريخنا (2)

- ‌القسم الثالث

- ‌ديننا واضح

- ‌الله أكبر

- ‌الأدب والتربية

- ‌نحن والحضارة الحديثة (1)

- ‌نحن والحضارة الحديثة (2)

- ‌النفقات

- ‌والوصايا

- ‌مجتمعات إسلامية عاصية

- ‌صورتان واقعيتان

- ‌كلمة في القومية والدين

الفصل: ‌لا نريد تماثيل

‌لا نريد تماثيل

قرأت أن التمثال الذي صنع في أميركا ليوسف العظمة قد وصل وأنه سينصب في إحدى ساحات دمشق.

فذكرت مصر والتماثيل الضخمة القائمة في ميادينها: تمثال النهضة، وتمثال إبراهيم وسعد ومصطفى كامل وأحمد ماهر، وما أنفق على نحت هذه الحجارة وتسويتها بشراً سوياً من ملايين الجنيهات التي يحتاج إلى بعضها هؤلاء «البشر» ليعيشوا مثل عيش البشر، فيجدوا الطعام الذي يشبع البطن، والكساء الذي يدفع البرد، والدواء الذي يمنع المرض، وليستعيدوا «اعتبارهم الإنساني» ويشعروا بأنهم آدميون وليسوا قططاً جائعة تحوم على المائدة الشهية التي يتمتع بها (هناك) الأغنياء.

وكددت ذهني فلم أذكر أني رفعت رأسي مرة واحدة لأنظر إلى جمال واحد من هذه التماثيل ولا إلى فنه ولا إلى ملامح صاحبه، لأنها قد استأثرت بنظري هذه الهياكل البشرية التي نصبها الظلم الاجتماعي تماثيل حية للجوع والجهل والبؤس والحرمان.

وعجبت من هذه العقول التي تحسب تخليد العظماء إنما يكون بهذا الأثر الذي ينصب ليكون حظنا منه النظر، لا بالآثار الباقيات التي تمكث في الأرض، وتنفع الناس.

ص: 29

وخفت أن يسري هذا الداء إلينا فنقيم التماثيل قبل أن نفتح المدارس وننشئ المشافي ونوسع الطرق وننظف الأرض، وأن ننسى أن الضروريات قبل الكماليات وأن من كان يمشي بلا بنطلون لا يتخذ ربطة عنق من الحرير، وأن الجائع الذي لا يملك إلا (فرنكاً) لا يشتري به كف شكلاتة وإنما يشتري به رغيف خبز. وأن تخليد العظماء يكون بإنشاء المشافي بأسمائهم والمدارس والملاجئ قبل إقامة التماثيل التي لا تشفي المريض، ولا تعلم الجاهل، ولا تؤوي المشرد المسكين. وأنه ليس في الدنيا تمثال خلد اسم صاحبه كما خلد الوقفُ اسمَ نوبل والمعهدُ اسمَ باستور والأمويُّ اسمَ الوليد والمستشفى اسمَ نور الدين والتكيةُ اسمَ سليمان.

أفهذه الآثار التي تنفع البشر خيرٌ أم نحت تمثال من الحجر.

***

ص: 30