الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دين محمد صلى الله عليه وسلم
جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم في كتابيهما (هما أصح كتابين في الدنيا بعد القرآن) عن عمر بن الخطاب قال:
بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد. حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟
الإسلام:
قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً.
قالت: صدقت. قال عمر: فعجبنا له، يسأله ويصدقه!
الإيمان:
قال: فأخبرني عن الإيمان.
قال: أن تؤمن بالله (بأنه خالق كل شيء، وأنه ليس كمثله شيء، ولا تعبد غيره ولا تدعو سواه، ولا تستعين -فيما وراء الأسباب- إلا به)،
وملائكته (وهم خلق خلقهم الله من أجسام نورانية كما خلق آدم من الطين، لا يعصون الله أبداً، ولا يشتغلون إلا بطاعته، وأفضلهم جبريل الذي يبلّغ الوحي للأنبياء وميكائيل وإسرافيل الموكل بالصور وملك الموت، ومنهم رقيب وعتيد يكتبان حسنات كلٍّ منا وسيئاته، ومنهم حملة العرش)، وكتبه (وهي التوراة المنزلة على موسى والإنجيل المنزل على عيسى والزبور المنزل على داود والقرآن الذي تعهد الله بحفظه فلم يطرأ عليه تبديل ولا تغيير)، ورسله (وهم جماعة من البشر ينزل عليهم جبريل بوحي الله ليبلغوه الناس، أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد انقطع الوحي بعد محمد فكل من يدعي أنه يوحى إليه فهو كذاب)، واليوم الآخر (يوم يُبعث الناس جميعاً ويساقون إلى المحشر، يوم لا غني ولا فقير، ولا كبير ولا صغير، يوم لا ينفع أحداً ماله ولا سلطانه إلا من أتى الله بقلب سليم، يوم الامتحان الأكبر، فإما النجاح والرقي إلى الجنة، وإما السقوط في النار)، وتؤمن بالقدر خيره وشره (أي أنك تجدُّ وتعمل وتبذل الجهد ثم ترضى بما يُقسم لك، وتعتقد أن ما جاءك هو الذي لك، وما لم يأتك هو لغيرك؛ كالموظفين عند توزيع الرواتب: إن ثار أحدهم وصخب ونادى، هل يُعطى أكثر من راتبه؟ لا، لأن المِلاك موضوع من قبل، والرواتب محدودة، والدرجات معينة
…
وكذلك الرزق. إن جدول الأرزاق منظم من الأزل، ما كان لك سوف يأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك لن تناله بقوتك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. ولكن عليك العمل؛ العمل للدنيا كأنك تعيش أبداً، والعمل للآخرة كأنك تموت غداً).
قال: صدقت.
الإحسان:
قال: فأخبرني عن الإحسان.
قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (فهل يستطيع أن يسرق أو يزني من يعلم أن أباه وأستاذه مطل عليه من الشباك يراه، فكيف بمن يعلم أن الله مطّلع عليه وناظر إليه، لذلك جاء في الحديث: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).
قال: فأخبرني عن الساعة.
قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل.
علامات اقتراب الساعة:
قال: فأخبرني عن أماراتها (علاماتها).
قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان (أي علامات الساعة: اضطراب الموازين الاجتماعية، وسيطرة الصغير على الكبير، وتوسيد الأمر إلى غير أهله، وشيوع الفوضى).
ثم انطلق. فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم ملياً (حيناً) ثم قال: يا عمر، أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم.
…
هذا الحديث من أجمع الأحاديث. بيّن أن الدين ثلاث حلقات: إيمان باعتقاد، وعبادة وعمل، وسلوك وأخلاق.
فمن أنكر أمراً من أمور الإيمان أو اعتقده على غير ما جاء به الوحي وبيّنه الرسول لا يكون مؤمناً.
ومن آمن ولكنه لم ينطق بالشهادة لا يكون مسلماً.
ومن نطق بها عن إيمان ولكنه قصّر في العبادات: إن كان تقصيره عن إنكار وعناد كان كافراً، وإن كان عن كسل وتقاعس -مع اعترافه بالقصور ورغبته في الأداء- كان فاسقاً مستحقاً لنار جهنم. وكذلك من كان مؤمناً متعبداً ولكنه غير محسن، يأتي المحرمات ويرتكب الموبقات: إن كان مستحلاً لها فقد كفر، وإن كان معتقداً حرمتها ولكن غلبه الشيطان على أمره كان عاصياً مستحقاً لنار جهنم.
هذا هو دين محمد صلى الله عليه وسلم.
لا يكون مسلماً حقاً إلا من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله.
ومن حافظ على صلواته المفروضة، وصام رمضان، وأدى زكاة ماله وحج البيت (إذا كان قادراً على الحج).
ومن كان سلوكُه في الحياة سلوكَ من يذكر دائماً أن الله ينظر إليه، وأنه مطلع على ظاهره وباطنه، فلا يعمل إلا ما يرضي الله.
فلنحاسب أنفسنا لنرى: هل نحن على دين محمد؟
***