الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاربوا الرذيلة (2)
في كل يوم شكوى جديدة من انتشار البغاء، وكثرة المواخير وبيوت الخنا، ومع كل شكوى دعوة إلى إعادة فتح ذلك (المحل
…
) كأن المسألة ليست مسألة فضيلة ورذيلة، ولا قضية أمة يحييها الزواج الذي يقيم البيوت على تقوى وينشئ الأولاد على صحة وطهر ليكونوا لهذه الأمة عماداً لها في سلمها وجنوداً لها في حربها، ويقتلها الزنا ويخرب بيوتها ويضيع عليها بنيها ويذهب بسوادها ويبث فيها الأمراض؛ أمراض الجسم وأمراض الروح، وإنما هي قضية «محل» يفتح ويغلق!
يقولون: ماذا يصنع الشباب إن لم نفتح لهم محلاً؟
يتزوجون! هذا هو الجواب الطبيعي، أما المحل
…
فلماذا لا تفتحون للصوص الأموال «محلاً عمومياً» تسيّبون فيه البضاعة التي يتهاون أصحابها بحفظها وتقولون لهم: تعالوا اسرقوا من هنا، ولكن لا تسرقوا البيوت؟
لماذا؟ ألأن الأموال أثمن من الأعراض، ولأن الذي يتخذ حذاء آخر وحماره يكون سارقاً مجرماً، والذي يسرق من بنت المحل أثمن ما تعتز به البنات ويتركها من بعده محرومة من دفء البيت، وحنان الأسرة، وجمال الأمومة، وفتون الحب، ويصيرها متعة لكل مستمتع، تشقى بهم ويسعدون بها، وتألم ويتلذذون، وتجبر ويختارون، وتعطي ويأخذون
…
الذي يعمل
هذا كله لا يكون سارقاً ولا شيء عليه؟
أهذه هي الحضارة؟ لعنة الله على هذه الحضارة!
إن إعادة «المحل
…
» شر، وما نحن فيه شر من إعادة المحل، وما نحن فيه -إن استمر- صير البلد كلها «محلاً عمومياً»
…
نعم، هذا هو الواقع. فلا تقبلوا بالواقع وتفزعوا من ذكره، فتكونوا كالنعامة التي تخبئ رأسها في الرمل تظن أنها إن لم تر الصياد فإن الصياد لا يراها .. لا تتجاهلوا الخطر وهو محدق بكم، والنار وهي ماشية إليكم، ولا تناموا على فوهة البركان وهو يضطرم ويتلظى من تحتكم.
ماذا تنتظرون؟ وقد كانت بين شبابكم وبناتكم حجب فأزحتم تلك الحجب، ثم كان بينهما من خوف الله وخوف العار وخوف المرض سدود فهدمتم السدود: تركتم الدين فنسوا خوف الله، وأخذتم حضارة الغرب فذهب خوف العار، وجاء البنسلين فراح خوف المرض، فماذا بقي؟ وهل تريدون أن تجمعوا النار والبارود ولا يكون انفجار؟
فحتّامَ الغفلة؟
انتبهوا يا ناس! واعلموا أنها لا تنفع إعادة تلك «المحلات» . كلا، ولا تفيد الخطب ولا المقالات، ولا ينفع إلا الزواج. الزواج هو وحده العلاج!
وعلى كل قارئ أن يحمل هذا العدد من الجريدة إلى صديقه وجاره ويقرأ عليه هذه الكلمة إن كان لا يقرأ، وعلى كل قارئ أن يجعل هذه القضية قضيته، وأن يعالجها بنفسه وألا يتكل فيها على غيره.
أليس لكم بنات؟ إذن فادفعوا هذا الخطر عن بناتكم!
ولا تتهاونوا بالأمر؛ فإنه النار ماشية إليكم، بل إنه أفظع من النار، لأن ما تذهب به النار يعوض أو يجدد، والعرض الذي يذهب لا يعوض أبداً ولا يجدد!
فلا تضيعوا اليوم فرصة للإصلاح ستندمون عليها حين لا ينفع الندم، وتقولون: ليت أنّا فعلنا، يوم لا تفيد «ليت» ولا تعيد البيت الذي تقوض ولا الخلق الذي ضاع!
***