الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علاج للرذيلة
قال لي صديق: أرأيت إلى هذه البيوت الآثمة التي يجري فيها الفحش السري خلال بيوت الأشراف، والتي طالما شكوتم منها فلم يسمع منكم أحد؟
قلت: نعم، فما عندك؟
قال: لقد كان في حينا واحد من هذه الدور، ملّت ألسنتنا من الشكوى منه، وكلّت أرجلنا من التردد من أجله على الوزارات، حتى كدنا نيأس ونقعد عن إنكاره، فيلعننا الله كما لعن بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، أو نغضب فنبطش ونضرب، فأنقذنا منه الشيخ «فلان» على أيسر حال.
قلت: وكيف كان ذلك؟
قال: خبّرناه بحال تلك الدار، فأمر بكرسي فنصب له أمامها ساعة يؤمها قاصدوها من الفجار (وأنت تعلم هيئة الشيخ وهيبته، وسنه ووقاره) ورآه قوم من الوجوه ومن العلماء فسلموا عليه، فدعاهم وأقام لهم كراسي فقعدوا معه. فكان الشاب الذي يريد الدخول يرى القوم، فيستحي ويعود، ومن اقتحم ولم يبالِ حياه الشيخ أطيب تحية، ودعاه فوعظه ألطف وعظ،
ونصحه أرق نصيحة، وبيّن له قبح الفاحشة وما توعد الله به أهلها. وما يزال به حتى يستل شهوته من قلبه، ويملأه إيماناً بالله، وخشية منه.
وأقام على ذلك الحال ثلاث ليال، ضج فيها أهل المنزل، ورأوا أنها انقطعت أرزاقهم. فأمر الشيخ لهم بعطية وهدية، وأحسن إليهم، وعطف عليهم، فكان من ذلك أن تابت صاحبة المنزل وأقلعت، وتزوج بناتها اللائي كن عندها شبابٌ اختارهم الشيخ، أو سافرن إلى أهليهن بعدما ملأ الشيخ بالمال أيديهن.
قلت: إنك تمزح أو تتخيل.
قال: لا. أحلف لك، لا أقص عليك إلا ما كان.
قلت: فمن أين أتى الشيخ بالمال؟
قال: منه، ومن كرام الحي وأغنيائه؛ فتحوا له صناديقهم وقالوا له:"اغترف منها ما شئت". والناس لا يضنون بالمال للخير، بشرط أن يبلغ محله، ويؤتي ثمرته.
***