الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا نريد من يدافع عن القاتل
بعض هذا -يا سيد حسن غزاوي- فإن الحياء من الإيمان!
ولك أن تدافع عن «القاتل» ؛ فإن الدفاع حق مطلوب، ولك أن تحرص على «الأجرة» ؛ فإن المال مُشتهىً محبوب، ولكن ليس لك أن تنسى الحق من أجل المال، وتضحي بالإنسانية في سبيل المهنة، فتصغر هذا الجرم وهو عظيم، وتكسر بلسانك قلوب هؤلاء الأطفال بعد أن كسر موكِّلك -بنذالته- ركنَهم، وذبح بسكينه أباهم كما تُذبح في المسلخ الخراف، وتسخر من هذه الأمة التي فتحت لك أبوابها وأعطتك من المجد والمال ما لو وجدتَه عند أهلك لما لجأت إليها!
ولو كنتَ من أهل هذا البلد لعلمت أنها لم تَصنع بأهله جريمةٌ آثمة سافلة ما صنعت هذه الجريمة
…
وأنها راعت قلوبَ ساكنيه، وأغضبتهم وآلمتهم؛ أسفاً على الفقيد، وحزناً على أولاده، وإكباراً لفقره، وخوفاً على العدالة أن لا ينصب لها في الشام ميزان بعد اليوم، ما دام كل نذل يغضبه القاضي يبعث إليه بوحش يقتله! .. وأنها فرشت بالشوك مضاجعهم، فما يقر لهم قرار حتى يصطبحوا بمرأى المجرمين كافة تهتز أرجلهم فوق أرض المرجة (1)
…
وأن النساء في البيوت، أي والله، والرجال في الأسواق، والأولاد
(1) كنايةً عن الشنق في ساحة المرجة وسط دمشق (مجاهد).
في المدارس، لا يزالون يسألون عن المحاكمة ماذا جرى فيها، وعن المجرمين متى يلقون جزاء ما جنوا؟
ولو كنت تقرأ التاريخ لعلمت أنها جريمة لم يعرف تاريخنا جريمة مثلها، ولقد قُتل مئات من الخلفاء والملوك والأمراء، ولكن لم يُقتل قاضٍ في الإسلام اغتيالاً قبل القاضي العلواني.
فهو وثقت الآن أنها جريمة ليست كالجرائم؟ يا سيد حسن!
إني لا أعرفك، ولكني أظن -مما سمعت عنك- أن هذا كله لا يقنعك. إنه كان يقنعك لفظ واحد من الرئيس لو أنه قاله في الجلسة؛ هو أن يأمر بتوقيفك، على هذا التعريض المكشوف بالمجلس وهذه الجرأة عليه!
ولكن الرئيس كان حليماً جداً، فإياك .. فإن العرب تقول في أمثالها:«اتق غضبة الحليم» !
***