الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التلميذة الخالدة
لقد سأل الأصدقاء عني، أين كنت، وعن كلمتي الصغيرة يوم أول أمس، فلم أكتبها؟ فيا أصدقائي، إنني كنت في رحلة.
رحلة نسيت فيها الجريدة والبيت والمحكمة، وهذا العالم الأرضي الذي أعيش فيه
…
رحلة عدت منها بشباب جديد، وهمة جديدة، ورجعت وكأنه قد رُد عليّ ما أخذته الأيام من نشاطي وآمالي
…
رحلة ليست إلى سهل ولا إلى جبل، ولا إلى بر ولا إلى بحر، ولكن إلى عالم مسحور من عوالم العبقرية نقلتني إليه بنت اسمها حواء.
بنت عبقرية في الأدب، تتحدث عن أم عبقرية في العلم، حديثاً لم يصنعه الخيال ولكنه يزري بكل ما يصنع الخيال، ولم يجاوز التاريخ ولكنه يفوق كل ما يبدع الأدب.
إنها قصة «التلميذة الخالدة» لإيف كوري (وإيف -بلغتهم- هي حواء)، أروع قصة قرأتها للجهاد في سبيل العلم، والإخلاص له، والصبر عليه، والظفر به.
وإني لأجدني مسيئاً إلى هذا العمل العظيم إذا أنا شوهته بتلخيص أو عرض أو اقتباس، فيا أيها الطلبة والطالبات، اقرؤوا قصة «التلميذة الخالدة» .
اقرؤوها فلعلها تثير في نفس واحد منكم موهبة كامنة قد تهز الدنيا، ولكن صاحبها لا يدري بها.
اقرؤوها فلعلها تخرج من بينكم عالماً من علماء المستقبل، لا يعرف نفسه فهو يضيعها في سفاسف الأمور، ويغرقها في خضم العمل.
اقرؤوها لتفتشوا بعدها عن قصص الجهاد العلمي في تاريخنا وفي تواريخ الأمم؛ فإن العلم لا وطن له، والعبقريات لا تخضع لقوانين الجنسيات.
وستجدون في تاريخنا مئات ومئات من الرجال صبروا صبر مدام كوري وجاهدوا جهادها، وطلعوا على الدنيا بأروع ثمرات هذا الصبر، وكانوا من بناة العلم، ولكن الله لم يقيض لهم من يتقصى أخبارهم ويقص سيرهم. وستعلمون أن السّرَخْسي أملى «المبسوط» أعظم كتاب في الفقه وهو محبوس في جب في بطن الأرض، وابن تيميَّة كتب أمتع رسائله وهو سجين في قلعة دمشق، والشيخ المرصفي شرح «الكامل» وهو على حصير في غرفة مقفرة، وأمامه كتبه وحول الحصير خط من الدبس يحيمه من هجمات البق. وأنها أُلّفت على أضواء السُّرُج، وفي غمرات الفقر والقر والضر أجلُّ المؤلفات التي تزخر بها المكتبة العربية ويفخر بها أهلها على الأمم. وسترون في الدنيا لذة أكبر من لذائذ الطعام والشراب والنساء وأبقى وأنقى، هي لذة البحث العلمي.
يا أيها الطلاب الجامعيون والطالبات، اقرؤوا «التلميذة الخالدة» .
***