الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى لا نكون مغفّلين
قرأت من أسبوع أن ستين ألفاً في بومباي خرجوا بمظاهرة هائلة يحيون «آغا خان» ويهتفون له، فلم ينظر إليهم وإنما قابلتهم امرأته الفرنسية.
فقلت في نفسي: ما أعجب أمر العقيدة! هذه الآلاف المؤلفة من البشر تتجه إلى آغا خان، وتقبل عليه، وتؤثره على الأهل والولد، وتقدم له الخمس من المال، وتدفع إليه وزنه فضة وذهباً، وتكاد تعبده من دون الله، وهو معرض عنها، لا يقيم بين ظهرانيها، ولا يلتفت إليها؛ همه لذاته ولعبه وجياده. فما لها وله، وما تعلقها به وإقبالها عليه؟
ثم قلت: لماذا ألوم الإسماعيليين وحدهم، وكلنا في هذا إسماعيليون؟
أما خاننا رجالٌ ووالوا عدونا وكانوا مع المستعمر علينا، فلما ذهب المستعمر رجعوا يكذبون، يلبسون مسوح العابد بعد مئزر الجلاد، فصدقنا توبتهم ونسينا حوبتهم؟
أما سرق أموالنا رجالٌ فصيروها ضيعاً لهم وقصوراً، وجعلوها كنزاً لهم ولأولادهم واطمأنوا عليها، ثم جاؤونا متظاهرين بالورع مدعين الأمانة فأكبرنا أمانتهم، وضربنا بهم في الورع الأمثال؟
أما جربنا رجالاً فوجدناهم شرّ حاكمين وأفسدهم حكماً وأرقهم ديناً
وأوسعهم ذمة فنبذناهم، وطال عليهم الأمد فنسينا فسادهم، ورجعنا نصفق لهم وننحني لهم لنرفعهم على رؤوسنا مرة أخرى؟
أما يضحك علينا رجالٌ كلما أذن مؤذن الانتخاب ويعدوننا نعيم الجنة في الحياة، ويحلفون لنا -ليخدعونا- أنهم يُجرون بردى لبناً وعسلاً، ويفرشون الطرق بسطاً ويلبسون الفقراء حريراً، فإذا انتخبناهم كانت مواعيدهم كمواعيد (السيد) عرقوب
…
ثم تتجدد الانتخابات فيعودون إلى الضحك على ذقوننا ونعود إلى انتخابهم؟
فمتى نصير أمة متيقظة عاقلة لا نائمة ولا مغفلة، نتخذ لكل رجل من رجال السياسة دفتراً كدفتر التاجر فيه «من» و «إلى» نقيد له فيه ما له ونسجل له ما عليه، لنرى كم أعطى الأمة، وكم أخذ منها؟ ماذا كان يملك من قبل وما يملك الآن؟ كيف كان يعيش هو وأهله وكيف يعيش اليوم؟ هل صدق الوطنية أم اتخذها تجارة رابحة؟
متى نفرق بين الصالح والطالح، والخيّر والشرير، ولا نكون مغفلين ننسى مواضي الرجال، ونُخدع مثل الأطفال؟
***